المناطق الجبلية.. ساكنة تئن تحت وطأة الهشاشة في غياب عدالة مجالية تخفف من تداعيات التغيرات المناخية

ازدادت أوضاعها قساوة في السنوات الأخيرة

 

«الجبل، الطور، أدرار،عاري…» كلها أسماء لأحد المكونات التي يتشكل منها سطح الأرض والمسماة التضاريس، والجبل هو كل أرض ترتفع عن سطح البحر ب 1000متر فأكثر، المغرب يتوفر على سلسلتين جبليتين، الريف، والأطلس المكونة من المتوسط، الكبير والصغير، وهي جبال تحتوي على خيرات طبيعية من غابات تضم أصناف الأرز، الصنوبر، السنديان  السرو… منحتها الطبيعة أودية ناضرة متدفقة تنساب نحو السهول قبل أن تصب بالمتوسط والأطلسي، كما أن نسبة هامة من مياه المغرب مصدرها الجبال، حيث تعتبر خزانا مائيا مهما. بها معادن، ومواقع سياحية من منتجعات ومعالم إيكولوجية، والمجال الغابوي بنسبة عالية يوجد بهذه الربوع، والجبل بمكوناته المختلفة يلعب دورا اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا، بيئيا…سكان هذه المناطق معروفون بتمسكهم بأرض الأجداد، وتشبثهم بهويتهم  وثقافتهم.
إلا أنه رغم هذا الرصيد، الغني والمتنوع، فالسكان هناك يعانون من نقائص و معيقات لا حصر لها  تشكل عنوانا لغياب العدالة المجالية، وضع يتميز بالهشاشة والتهميش في ظل التعرض لمخلفات التغيرات المناخية القاسية.
في ميدان التعليم ، كقطاع حيوي، يلاحظ وجود مشاكل  عدة ، منها مثلا بعد المؤسسة التعليمية عن التجمعات السكنية، مما يشكل عائقا أمام التلاميذ للالتحاق بها، عدم توفر النقل المدرسي في مناطق نائية ، مما يساهم في تفشي ظاهرة الهدر المدرسي. أما في ما يخص التعليم العالي، فبعد الجامعة، وغياب المنح وغيرها تكون سببا في عدم التمكن من متابعة مسار التعليم الجامعي أمام العوز المادي للأسر…
وفي المجال الصحي، يلاحظ خصاص في المؤسسات الصحية، البعد إن وجدت، مما يعيق الاستفادة من الإستشفاء. ومن بين المعضلات ما تواجهه المرأة الحامل المقبلة على الوضع  ،حيث عليها في بعض المناطق قطع عشرات الكيلومترات إن توفرت وسيلة النقل ، وقد تلد أثناء الرحلة وتبقى حياتها معرضة للخطر، وتزداد الصعوبة في فصل الشتاء الدي يعرف تساقط الثلوج، المصحوب بالبرد القارس.
في سياق النقائص، دائما، هناك مشكل التزود بالماء في بعض المناطق، غياب الإنارة، عائق التجهيزات، من طرق  ومسالك، التي تكون حالتها في الغالب متردية، مع وعورة التضاريس، ومنها غير المعبدة. المنتوج الغابوي من الأخشاب يتم تحويله إلى مناطق أخرى عوض تصنيعه محليا وتثمينه، واستفادة الساكنة المحلية من عائداته.
إنها مؤشرات تستوجب القيام بتشريح دقيق لها، وأخذ بعين الإعتبار خصوصية هذه المناطق ، مع العمل على تنزيل مقاربة تشاركية تسمح للسكان بالتعبير عن حاجياتهم، وتكون جسرا لتقليص  الفوارق،  ووضع برامج إنمائية وتنزيلها ميدانيا، مخططات سياحية، خلق معامل لتصنيع المنتوج  الغابوي في ظل استثمار يلائم خصوصيات المنطقة الجبلية، إعادة غراسة الغابات بالأماكن  التي  تتعرض للتعرية،  كما أن على الجهة أن تلعب دورها بشكا ناجع وتوفير إطار إداري جهوي مهيكل يعنى بتنمية المنطقة.
إن سكان المناطق الجبلية الذين يعانون في عهد الإستقلال، هم الذين كافح أجدادهم وأسلافهم وقاوموا  الإستعمار بشجاعة نادرة من أجل الحرية والإنعتاق.. ورحم الله موحى وحمو الزياني، عسو باسلام، أحمد  أحنصال، زايد وعبود،  سيدي موح أولحسن أحنصال،  سيدي محماد  أعزيزي، سيدي حمو عبد العليم،  عياد بنسيتل، موحا وعسو، الحاج عمر المتوكل الساحلي  …وكل أبناء هذا الوطن البررة الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل عزة الوطن ورفعته.


الكاتب : علي أورارى

  

بتاريخ : 08/02/2023