بنجاح لافت اختتمت بمراكش، يوم الأربعاء 31 ماي 2023، أشغال المنتدى الدولي الأول للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والاشتراكيين الديمقراطيين، الذي نظمه الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية بشراكة مع الشبيبة الاتحادية وشبكة «مينا لاتينا»، وكما قال عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، في الكلمة الختامية، فقد قلص هذا الحدث الهام الذي تمتد أبعاده على مستويات متعددة، المسافات من أمريكا إلى إفريقيا إلى أوروبا إلى شمال إفريقيا إلى الشرق الأوسط، وقرب الأهداف حول القضايا التي تشكل اهتماما مشتركا.
وشكل المنتدى محفلا شاسعا من العمل الجدي لتنظيم الرؤى وتوثيق الجهود وتشبيكها حول الأسئلة والإشكاليات التي تنتصب في عمق الواقع، الذي يجتازه العالم اليوم، وأفق الفعل الناضج فيه، مُؤطَرا بالقناعات الإنسانية بصنع مستقبل يكون تجربة جماعية للرفاه والحرية والعدالة والمساواة، بلا إقصاء ولا تفاوتات ولا كره ولا اقتتال. ومثل لحظة فارقة لتفعيل قدرات التفكير الجماعي الذي تنخرط فيه عقول بجنسيات مختلفة ومجتمعات متنوعة وبلغات متعددة، مفعمة بالإنصات المتبادل والتفاعل الإيجابي والجدي، من أجل نفس الهدف، ليكون إهداء أنيقا للحلم الإنساني بعالم أفضل.
وكان من المكاسب الهامة في هذا الحدث، العبور الجماعي للمشاركين لقضايا تهز العالم اليوم، من السلم والأمن، وتضارب مطالب النمو والحفاظ على الموارد وحماية حقوق الأجيال المقبلة، وأزمات الغذاء والطاقة والمناخ، وحماية حقوق الإنسان، والفقر ومطالب الحماية الاجتماعية، والهجرة العالمية، والتسامح ونبذ الكراهية والتطرف، والمساواة بين الجنسين وقضايا النساء، والشباب والسياسات العمومية الدامجة، وهي القضايا التي يحتاج التصدي لها إلى تضامن عالمي برؤى متقاطعة. مثلما كان المنتدى فرصة ثمينة لإيصال صوت الأقليات، كالإزيديين، إلى برلمانات العالم وتحسيسهم بالمحن المتوالية التي نكلت بهم وجعلتهم عرضة للإبادة الجماعية والتهجير القسري والسبي والتشريد، وشكل منبرا بليغا لحشد الدعم للقضية الفلسطينية ومحن شعبها مع تجبّر الحكومة اليمينية الإسرائيلية، من خلال دعم مبادرة « حملة من أجل فلسطين.» التي تحمل شعار «لنجعل الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة أكثر عدالة للشعب الفلسطيني»، والتي تهدف إلى إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية طبقا لقرارات الشرعية الدولية.
وخرج المشاركون وهم يمثلون برلمانات من مختلف أنحاء المعمور، مشبعين بالمكاسب الغنية معرفيا وسياسيا لهذا الحدث، بإثراء الرؤى وتوضيح مسالك الحلول وتنقيح الأسئلة وتركيز الجهود وتكثيفها، ليشكل واجهة مصقولة ومشرفة للمغرب المسؤول تجاه قضايا العالم ومصيره، ولدبلوماسيته الموازية حزبيا وبرلمانيا.
وتوج نجاح المنتدى بـ»إعلان مراكش»، الذي أبرز فيه المشاركون تقاسمهم لرؤية مشتركة لعالم أفضل وأكثر عدلاً واستدامة، وإدراكهم للتحديات التي تنتظرهم وتصميمهم على العمل من أجل مستقبل أكثر إشراقًا، مثلما أعلنوا فيه دفاعهم عن أهمية الدولة الاجتماعية كضامن للعدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق، داعين إلى سياسات عامة عادلة وشاملة توفر الفرص للجميع، وتحمي الفئات الأكثر ضعفاً وتضمن شبكة أمان اجتماعي قوية، ومعبرين عن رفضهم للسياسات التي توسع فجوات الثروة والتزامهم بتعزيز توزيع أكثر إنصافًا للموارد.
وجاء في البيان «نحن الشباب الاشتراكيون والاشتراكيون الديمقراطيون واعون بحالة الطوارئ المناخية والأهمية الحاسمة للاستدامة البيئية. نأخذ على عاتقنا مسؤولية وضع سياسات استباقية تقطع مع الممارسات الحالية للحفاظ على كوكبنا وضمان مستقبل قابل للحياة للأجيال القادمة، ندعو قادة العالم إلى اتخاذ إجراءات جريئة وتجاوز المصالح قصيرة الأمد والالتزام الكامل بالانتقال إلى اقتصاد أخضر ومستدام.».
المشاركون عبروا أيضا في إعلان مراكش» عن إيمانهم إيمانا راسخا بحقوق الإنسان والحريات الفردية باعتبارها الأسس غير القابلة للتصرف في أي مجتمع عادل ومنصف، ودفاعهم عن تكافؤ الفرص والولوج إلى التعليم والصحة والعدالة للجميع دون أي تمييز، مثلما عبروا عن رفضهم لجميع أشكال التمييز والظلم الاجتماعي، والتزامهم بتعزيز السياسات المدمجة للجميع، والتي تحترم التعدد.
وتضمن الإعلان موقفا قويا تجاه القضية الفلسطينية، حيث جاء فيه «نشعر بجزع عميق إزاء الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، والتي تزايدت بمجيء الحكومة اليمينية المتطرفة التي تمارس العنف والتمييز العنصري. ندعو المجتمع الدولي إلى ضمان حماية الشعب الفلسطيني ومحاسبة الجناة. نعلن دعمنا الكامل لحل الدولتين المتفق عليه دوليًا وندعو إلى إعمال الحقوق الفلسطينية على النحو المنصوص عليه في المواثيق والمعايير الدولية، بدءًا باستقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس، ونعلن دعمنا لبيان حملة دعم خطاب فلسطين / لأجل فلسطين وندعو أحزابنا وبرلماناتنا إلى الانخراط في دعم هذه الحملة.»
وأكد إعلان مراكش على أهمية احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها، مع تعزيز التعاون الدولي والحوار لحل الخلافات وتعزيز السلام الدائم.
المشاركون أكدوا في الإعلان الصادر عن المنتدى أن المساواة بين الرجل والمرأة واجب أخلاقي وشرط أساسي للتقدم الحقيقي، مبرزين تشجيعهم لمشاركة النساء وتمكينهن في جميع مجالات المجتمع، بما في ذلك السياسة والاقتصاد ومراكز صنع القرار، ومعارضتهم الشديدة للعنف ضد النساء والفتيات، وملتزمين بتعزيز المساواة بين الجنسين على جميع المستويات.
كما عبروا عن إدانتهم لثقافة الكراهية والتطرف والتعصب الديني التي تهدد السلام والتماسك الاجتماعي، وتصميمهم على تعزيز التسامح والاحترام المتبادل والحوار بين الثقافات، وتشجيع التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب والتطرف وانتشار الفكر المتطرف.
وأعلنوا عن إنشاء شبكة البرلمانيين الاشتراكيين والاشتراكيين الديمقراطيين الشباب، للدفاع عن سياسات عامة عادلة ومستدامة ومدمجة، وقرروا تعيين الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب المغربي في شخص الحسن لشكر كمنسق للشبكة.