تعتبر الصحة النفسية عند الطفل واليافع من الأساسيات التي يجب الاهتمام بها، والعمل بشكل مشترك بين الأسرة والمدرسة والطبيب من أجل الانتباه لكل ملاحظة تخص السلوك يمكن تسجيلها والوقوف عليها، لأنها قد تعتبر مؤشرا على وجود مشكل ما يستوجب التعامل معه بشكل مبكر تفاديا لكل تبعات غير مرغوب فيها.
وتعتبر المنظومة التربوية شريكا أساسيا في الارتقاء بالصحة النفسية للطفل واليافع، سواء تعلق الأمر بالطاقم التعليمي أو الإداري، فالجميع مدعو من موقعه إلى تتبع يوميات المتمدرسين، والوعي أكثر بحاجة التلميذ عموما للدعم والاحتضان والاهتمام والاستماع لمشاكله وتشجيعه على التمدرس، إضافة إلى بذل كل الجهود الضرورية لمواجهة التنمر بصرامة، وذلك لتفادي الهدر المدرسي الذي قد يكون من تبعات الوقع النفسي لهذا الأمر.
وإلى جانب ذلك يجب الانتباه إلى أن بعض التلاميذ يمكن أن يعانوا من القلق الاجتماعي، وهو ما يستدعي التعامل أكثر مع التلميذ الخجول وتشجيعه على التفاعل والإجابة بعيدا عن الخوف من نظرات الآخرين وتعليقاتهم التي قد تترتب عن جواب خاطئ، وذلك باعتماد لغة مشجعة مطمئنة حتى في حال لم يكن الجواب هو المطلوب، وذلك حتى يخرج التلميذ من «القوقعة» التي يخلقها لنفسه، وتشجيع العمل بشكل جماعي في إطار مجموعات، دون إغفال أهمية الانتباه إلى الأوضاع الاجتماعية والحالة المعيشية للتلميذ، جراء فقدان قريب، أو حالة طلاق بين الوالدين، أو غير ذلك من التبعات.
الأكيد أن هناك صعوبات ميدانيا، لكن للأطر التربوية دور كبير في الاهتمام بالأطفال واليافعين وتشجيعهم على التواصل والكلام والتعبير عما يختلج صدورهم من قلق، فضلا عن قدرتهم على المساهمة في التشخيص المبكر لحالات معينة كالصرع، والوقوف على مشاكل ترتبط بعسر القراءة، وفرط الحركة، وغيرها من الملاحظات الأخرى، التي يتعين إشعار الآباء والأمهات بطبيعتها من أجل اصطحاب الطفل عند الطبيب، وغيرها من الأدوار الأساسية التي يمكن لمكونات المنظومة التربوية القيام بها لدعم الصحة النفسية بشكل عام للأطفال واليافعين.
* طبيبة نفسية للأطفال والمراهقين ومعالجة نفسانية