المهدي المزواري لـ «تيل كيل»: قيادة الاتحاديين كانت «إجماعاً وضرورة» وتجديد الحزب بدأ من القواعد!

 

في هذا الحوار يتحدث المهدي المزواري عضو المكتب السياسي للحزب، لـ «تيل كيل» عن نتائج المؤتمر ال 12 للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعن مشروع التجديد الذي بدأ من القواعد، ورؤية «الاتحاد» لـ»جيل Z» والمشهد السياسي العام.

-كيف تقيّمون سير المؤتمر الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سواء على المستوى التنظيمي أو السياسي؟
– لقد انعقد المؤتمر الثاني عشر للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في سياق داخلي مواتٍ بشكل خاص، سواء على المستوى التاريخي أو السياسي أو التنظيمي. احتفل الحزب بهذه المناسبة بالذكرى الخمسين لتوضيح خطه السياسي الذي تم اعتماده قبلا خلال المؤتمر الاستثنائي عام 1975. وقد أتاحت هذه اللحظة الرمزية الفرصة لإجراء تقييم معمق لمسيرة الحزب التاريخية والنضالية، واقتراح قراءة نقدية لتطوره الإيديولوجي، كما سمح المؤتمر بمناقشة المشروع المجتمعي للحزب والإطار البرنامجي الذي يعتزم تقديمه للمواطنين المغاربة للسنوات القادمة.
أما على المستوى التنظيمي والقانوني، تميز الاتحاد الاشتراكي كعادته التي دأب عليها بالاحترام الصارم للأحكام القانونية التي تؤطر انتظام الاستحقاقات الداخلية، وكذلك بالصرامة الأخلاقية واللوجستية التي حكمت إعداد هذا الحدث. ويُعد نجاح هذا المؤتمر، نتيجة مباشرة للتعبئة الشاملة للمناضلات والمناضلين الاتحاديين والمندوبين وأجهزة الحزب التنظيمية بأكملها.
-هل لبى هذا المؤتمر، في رأيكم، تطلعات القاعدة النضالية، خاصة فيما يتعلق بالديمقراطية الداخلية، أم أنه يمثل فرصة ضائعة للتجديد بالنسبة للحزب؟
– تجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر يشكل مرحلة غير مسبوقة في تاريخ الحزب، من حيث أنه جرى إعداده وفق منهج تشاركي على نطاق استثنائي. لم يقتصر تنظيم 72 مؤتمراً إقليمياً على مجرد تمرين مسطري، لكنه شكل عملية إدماج سياسي حقيقية، سمحت للقواعد النضالية بالتعبير عن رأيها في مستقبل الحزب، وسمحت أيضاً للمواطنين وفاعلي المجتمع المدني بالتعبير عن القضايا الوطنية الكبرى.
وقد تم حشد أكثر من 80 ألف مناضل ومناضلة ومواطن ومواطنة خلال هذه المؤتمرات الإقليمية، وغذت هذه المشاورة الواسعة تجديدا حقيقياً على مستوى الأجيال والتنظيم. تجلّى هذا التجديد، بشكل خاص، في ظهور قيادة محلية يبلغ متوسط عمرها حوالي 38 عاماً. من هذا المنطلق، من الواضح أن المؤتمر الوطني كان تتويجا لعملية تجديد بدأت بالفعل في مراحل مبكرة ولم تكن اعتباطية أو بمحض الصدفة.
– أتاح تعديل المادة 217 من النظام الداخلي، لإدريس لشكر، ولاية رابعة. هل كان هذا الإجراء ضروريا في رأيكم؟
– استجابت كل التعديلات التي تم إدخالها على الأنظمة الداخلية للحزب قبل كل شيء لمتطلبات الجدوى المؤسسية والسياسية. كانت التوجهات الاستراتيجية، وخطوط العمل، والتكوين التنظيمي والتي تمت مناقشتها والمصادقة عليها على نطاق واسع من قبل الهيئات القاعدية. وبالتالي، ولأول مرة في تاريخ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فُرضت مسألة القيادة كـ «أمر بديهي»، مما يعكس إجماعاً عاماً وإرادة جماعية للاستمرارية في قيادة الحزب.
– يرى بعض المراقبين أن إعادة الانتخاب هذه توضح «إغلاقاً» للحزب واستنفادا لنموذجه الداخلي. ما ردكم على هذا النقد؟
– يضم الاتحاد الاشتراكي اليوم أكثر من 52 ألف مناضلة ومناضل ، أي أن هذه الدينامية في الانضمام تشهد على الطابع الحي والشامل للحزب. علاوة على ذلك، تم تخصيص فضاء عبر الإنترنت للمواطنين الراغبين في الانضمام إلى صفوف حزبنا، وتم نشر جميع الوثائق المتعلقة بالمؤتمر للعموم في نهج شفاف وتشاركي، كما تم تنظيم منتديات متعددة في جميع أنحاء المملكة لمناقشة محتوى هذه الوثائق بشكل جماعي.
في ظل هذه الظروف، فإن الخطاب المتعلق بما يزعم أنه «إغلاق» بمثابة كلام مسكوك أقرب منه إلى التحليل السياسي الموضوعي، وغالبا ما يصدر هذا الخطاب عن فاعلين تقل دوافعهم في تجديد الحزب، وتكمن أكثر في السعي لإرضاء طموحات شخصية غير متحققة، وبالتالي يظل هذا الخطاب يفتقر إلى الشرعية السياسية والنضالية. نحن لسنا هنا لنسهر على «تراث جامد»، بل لنجعل هذه البنية التاريخية الحية، والموجهة نحو المستقبل، تتطور جدليا ولا تقبل الفراغ أو تدور في حلقة مفرغة.
– تحدثت شبيبة الاتحاد الاشتراكي بفرنسا عن «حزب منغلق على نفسه». ما هو رد فعلكم على هذه الاتهامات؟
– تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد حالياً أية بنية رسمية لشبيبة الاتحاد الاشتراكي في فرنسا، كما أشار المكتب الوطني للشبيبة رسميا وهو الهيئة الوحيدة التي لها الحق في ذلك. وبالتالي، فإن هذه التصريحات صادرة عن أفراد لا يتمتعون بأية شرعية تنظيمية. أما من الناحية الأخلاقية والقانونية، فإن انتحال الهوية التنظيمية يشكل انحرافاً مؤسفاً يثير تساؤلات حول صدق ومصداقية مقارباتهم.
– يدعو البعض إلى «حوار اتحادي وطني» لإعادة تأسيس الحزب. هل هذا المنظور لا يزال ممكنا بعد هذا المؤتمر؟
-: تحت قيادة الأخ الكاتب الأول، السيد إدريس لشكر، أطلق الاتحاد الاشتراكي منذ عدة سنوات مبادرة المصالحة الوطنية الاتحادية، التي أسفرت عن نتائج ملموسة على عدة مستويات، والأهم أن أبواب الحزب لم تغلق أبدا في وجه أبنائه.
يبقى الاتحاد الاشتراكي، قبل كل شيء، عائلة سياسية كبيرة تقوم على قيم مشتركة وإحساس بالعمل الجماعي، وهذه المبادئ تتطلب الاحترام المتبادل والوفاء للقواعد التي توحد أعضائه. أما بالنسبة لأولئك الذين يدعون اليوم إلى «حوار وطني»، وغالبا ما يكونون على هامش العمل الجماعي، فيبدو من المناسب تذكيرهم بأن الالتزام الحقيقي يكمن في العمل اليومي للمناضلات والمناضلين الذين يعملون على الأرض لتعزيز الدور التاريخي للحزب وتجديد مكانته في الحياة السياسية الوطنية.
– هل ترون في الاحتجاج الذي يقوده «الجيل Z» تحذيرا للمشهد السياسي المغربي بأكمله، بما في ذلك الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؟
– لا يمكن لفاعل سياسي يحترم نفسه أن يظل أصمّا عن هذه الصرخة القادمة من شباب واعٍ ومتطلب، لكون ما يعبر عنه «الجيل Z» اليوم هو تعطش للمعنى والعدالة والثقة، ولطالما كان الاتحاد الاشتراكي يستمع إلى لحظات اليقظة الجماعية هذه، وهو ما يظهر في تاريخنا المرتبط ارتباطاً وثيقاً بفترات الاحتجاج والتحول الكبرى التي عرفها المغرب في 1965، 1981، 1990، 2011….
لقد ولدنا من حاجة عميقة إلى التغيير والتحرر والتنمية، وهذه الروح لا تزال حية فينا. يذكّرنا «الجيل Z» بأن الشباب المغربي ليس غير مهتم بالسياسة، بل على العكس تماماً إذ أنه ينتظر المزيد: المزيد من الأصالة، والمزيد من التأثير، والمزيد من القرب. هذه الحركة هي، في نظري، قوة دافعة حقيقية إلى جانب قوى التغيير الأخرى التي تشهدها بلادنا.
– أخيراً، وقبل أقل من عام من الانتخابات المقبلة، كيف يمكن للاتحاد الاشتراكي استعادة ثقة الرأي العام الذي يربط بشكل متزايد بين الأحزاب التاريخية و»الإجهاد السياسي»؟
– تعتمد استعادة الثقة، قبل كل شيء، على المناخ السياسي العام، وعلى قرار واضح بشأن الفائدة الحقيقية لهذه الاستحقاقات للحكامة الوطنية. إن إعادة ابتكار السياسة، في جوهرها، هي ضرورة اليوم إذا أردنا إعادة المعنى للديمقراطية. لقد حان الوقت للحظة من الوعي الجماعي، لإعادة توجيه عملنا نحو إصلاح عميق لنموذجنا الديمقراطي والنظر في زوايا جديدة لتقييمه وتقويمه.


الكاتب : تـ: المقدمي المهدي

  

بتاريخ : 29/10/2025