واصلت إسرائيل وإيران تبادل الضربات العسكرية لليوم الخامس على التوالي، في تصعيد غير مسبوق بدأ الجمعة بضربات جوية إسرائيلية استهدفت منشآت نووية وعسكرية إيرانية، بهدف منع طهران من امتلاك سلاح نووي. ردا على ذلك، أطلقت إيران صواريخ ومسيرات على مدن إسرائيلية كبرى مثل تل أبيب وحيفا، مما أسفر عن مقتل 24 شخصاً على الأقل. في المقابل، تسببت الغارات الإسرائيلية في طهران بمقتل 224 شخصاً وإصابة أكثر من ألف، بحسب حصيلة رسمية إيرانية.
وشنت إسرائيل سلسلة غارات جوية استهدفت منشآت عسكرية ونووية في أنحاء متفرقة من إيران، بما في ذلك العاصمة طهران، وأعلنت أمس قتل قائد عسكري إيراني بارز، علي شادماني، واستهداف مراكز قيادة فيلق القدس ومنصات صواريخ. فيما أكدت إيران تدمير «أهداف استراتيجية» في إسرائيل بمسيرات.
من جهة أخرى، تأثرت البنية التحتية الحيوية في إيران بهجوم سيبراني شل خدمات بنك سبه الحكومي، ما أدى إلى اضطراب واسع في القطاع المصرفي الإلكتروني، في وقت حثّت فيه الهند والصين رعاياهما على مغادرة طهران فورا.
الدبلوماسية الدولية بدت عاجزة أمام حدة التصعيد، رغم دعوات قادة مجموعة السبع إلى «خفض التوتر» مع تأكيدهم على «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها». في المقابل، حملت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسائل متناقضة، بين رغبته في «نهاية حقيقية» للنزاع، ودعوته العلنية إلى «إخلاء طهران فورا»، مع تأكيده أن القوات الأميركية في وضعية دفاعية، رغم تقارير تحدثت عن تحركات عسكرية أميركية متزايدة في المنطقة، شملت إرسال حاملة الطائرات نيميتز إلى الشرق الأوسط.
وفيما شدد نتانياهو على أن إسرائيل «تغيّر وجه الشرق الأوسط» بعملياتها ضد إيران، معتبرا أن النظام الإيراني بات أضعف، أصرت طهران على مواصلة الرد حتى توقف إسرائيل هجماتها، معلنة عن إطلاق دفعات جديدة من الصواريخ والمسّرات.
فرنسا وبريطانيا وألمانيا دعت إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات النووية «بلا شروط مسبقة»، في حين اعتبرت طهران أن الضربات الإسرائيلية تمثل «ضربة للدبلوماسية» وتقويضا لمسار المحادثات النووية مع واشنطن التي كان من المقرر أن تستأنف في سلطنة عمان قبل أن تلغى بسبب هذه التطورات.
وسط هذه الأجواء، حذر محللون من أن صحة المرشد الإيراني علي خامنئي البالغ من العمر 86 عاما، ومستقبل النظام برمته، أصبحا في مهب الريح، مع تزايد احتمال تغيير سياسي كبير في إيران، خاصة بعد نجاح إسرائيل في تصفية كبار قادة الحرس الثوري.
وفيما لا يبدو أن أيا من الطرفين مستعد للتراجع، يبقى التصعيد مفتوحا على كافة الاحتمالات، وسط خشية من تحّل المواجهة إلى حرب إقليمية شاملة، خاصة مع وجود تحذيرات متكررة من «جر إيران إلى حافة الهاوية» في ظل تراجع قدراتها الدفاعية وانكشاف مؤسساتها الحيوية أمام الضربات الإسرائيلية.
. وفي ظل هذا الوضع المتفجر، تبدو احتمالات التسوية بعيدة، إلا إذا نجحت ضغوط دبلوماسية كثيفة من المجتمع الدولي في فرض وقف مؤقت لإطلاق النار، رغم أن الأهداف المتباينة للطرفين توحي بأن «النهاية الحقيقية» التي تحدث عنها ترامب لا تزال بعيدة المنال.