الموتمر 20 للشيوعي الصيني: الحزب الذي تهم قراراته ومخرجاته كل الانسانية..!

 

قال زعيمه إن «العالم بحاجة إلى الصين».

 

لا نبالغ لو قلنا إنه صار من المسلم به أن آخر حزب في العالم اليوم، يمكن للعالم أن ينتظر نتائج أشغاله، هو الحزب الشيوعي الصيني، والاعتبارات لذلك ليست واردة ولا قليلة، بل كل ما قد نتج عن أشغال مؤتمره العشرين، الأول بعد تخليده للذكرى المئوية، سواء تعلق الأمر بالجيواستراتيجية أو بالداخل السياسي، أو بالاقتصاد أو بتكنولوجيا الفضاء أوبالتبادل التجاري أو بالتطور الرقمي، كل ما تغزله الصين صار جزءا من لباس العالم.
أجمعت التحاليل على أن الرئيس شي جينبينغ قد خرج قويا من المؤتمر، والواضح أن الصين اختارت الاستقرار في هرم الدولة، وإحدى الميزات التي تجعل التخطيط لعقود ممكنا بالقيادة نفسها، وقد لا يستسيغ العقل الليبرالي هذا التوجه بالنسبة لبلد اختار التخطيط المركزي الطويل النفس داخليا وخارجيا.
وقد أدرج الحزب الشيوعي الصيني «الموقع المحوري» لشي جينبينغ في ميثاقه، في ختام المؤتمر وعشية منحه بشكل رسمي ولاية ثالثة تاريخية على رأس الحزب.

وجاء في قرار تم تبنّيه بإجماع المندوبين قبيل اختتام المؤتمر ، وتضمن تعديلات لميثاق الحزب، أن على أعضاء الحزب البالغ عددهم حوالى 97 مليونا أن «يدعموا الدور المحوري للرفيق شي جينبينغ داخل اللجنة المركزية للحزب والحزب بمجمله».
وبذلك بات من المؤكد فوزه بولاية ثالثة على رأس الحزب وبالتالي على رأس البلد، بعد انعقاد أول اجتماع للجنة المركزية الجديدة، كما قرر الحزب الشيوعي أن يدرج لأول مرة إشارة في ميثاقه تؤكد «معارضة» بكين لاستقلال تايوان. وجاء في القرار أن مؤتمر الحزب الشيوعي «يوافق على إدراج بيانات في ميثاقه حول (…) المعارضة الحازمة للانفصاليين الذين يسعون للحصول على +استقلال تايوان+ وردعهم».
ولعل ما يثير كذلك هو عدد الحضور في المؤتمر، حوالي 2300 مؤتمر، في بلاد تعدادها مليار و400 مليون نسمة وحزب يبلغ عدد أعضائه قرابة 90 مليون عضو، أفرز مكتبا سياسيا من 7 أعضاء حول الزعيم شينبينغ في حين بلغ أعضاء اللجنة المركزية للـمؤتمر 20 للحزب الشيوعي الصيني، 205…
بالنسبة للمستقبل، ما من شك أن كل مواطني العالم يتمنون الحضور لما يقدمه الحزب الصيني، ويرون طبيعة العالم القادم وقد حدد الحزب مهمة مركزية للمستقبل تتجلى في دفع التحديث الصيني بشكل شامل في السنوات الخمس المقبلة وما بعدها، قال شي إن المهمة تحتوي على عناصر مشتركة في عمليات التحديث في جميع البلدان، لكنها «تتميز أكثر بميزات الصين الفريدة».
وفي نقل مفصل لمحددات هذه المرحلة قال إن المتطلبات الأساسية للتحديث الصيني هي كما يلي: التمسك بقيادة الحزب الشيوعي الصيني والاشتراكية ذات الخصائص الصينية، والسعي لتحقيق تنمية عالية الجودة، وتطوير الديمقراطية الشعبية بكامل عملياتها، وإثراء الحياة الثقافية للشعب، وتحقيق الرخاء المشترك للجميع، وتعزيز الانسجام بين الإنسان والطبيعة، وبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، وخلق شكل جديد من أشكال التقدم البشري.
على مستوى الفترة الفاصلة بين المؤتمر السابق والحالي، لم يكن الزعيم الصيني يقدم لأنصاره حججا قوية في تقريره، وهم يتابعون كيف أصبحت الصين قوة حقيقية في العالم، ويضرب لها ألف حساب، بل أصبح الموقف منها يحدد الموقف من المستقبل، القريب والبعيد معا.
وفي تفاصيل التقرير العام، كان لافتا أن التركيز كان على الإنجازات التي تحققت في مجال «التخفيف من حدة الفقر والإصلاحات الاقتصادية وحماية البيئة وتحسين نوعية الحياة».

 

عندما تولى شي جينبينغ السلطة في 2012، توقع المراقبون أن يكون زعيم الحزب الشيوعي الأكثر تقدمية في تاريخ الصين، بسبب تكتمه وتاريخه العائلي.

من هو الرئيس الصيني شي جينبينغ ؟

بعد عشر سنوات، سقطت هذه التوقعات بالكامل.
شي الذي أصبح الأحد بعد فوزه بولاية ثالثة تاريخية على رأس الحزب أقوى زعيم للصين منذ ماو تسي تونغ، أظهر طموحا بلا حدود وتصلبا حيال المعارضة ورغبة في السيطرة هيمنت على جميع مفاصل الحياة في الصين الحديثة تقريبا.
وأعلن شي جينبينغ أن «العالم بحاجة إلى الصين» في كلمة ألقاها أمام الصحافة بعد فوزه الأحد بولاية ثالثة تاريخية على رأس الحزب الشيوعي الصيني وبالتالي على رأس البلاد.
وقال شي «لا يمكن للصين أن تتطور بدون العالم، والعالم أيضا بحاجة إلى الصين» مضيفا «بعد أكثر من أربعين عاما من الجهود الحثيثة من أجل الإصلاح والانفتاح، حققنا معجزتين: تنمية اقتصادية سريعة واستقرار اجتماعي بعيد الأمد.
لكن الرئيس الصيني لا يكافح «من أجل السلطة بسبب رغبته في السلطة وحدها»، وفق ما يعتقد ألفريد ل. تشان مؤلف كتاب عن حياة شي، بل يوضح لوكالة فرانس برس أنه «يكافح من أجل السلطة (ويستخدمها) كأداة … لتحقيق رؤيته» للمستقبل.
ويقول كاتب سيرة آخر هو أدريان غيغس لفرانس برس «لديه فعلا رؤية للصين ويريد أن يراها أقوى دولة في العالم»، معتبرا أن شي ليس مدفوعا برغبة في الإثراء خلافا لما قيل عن ثروته العائلية في وسائل الإعلام الدولية.
يقع الحزب الشيوعي في قلب هذه الرؤية التي يسميها شي «الحلم الصيني» أو «التجديد العظيم للأمة الصينية».
وكتب كيري براون مؤلف كتاب «شي: دراسة في السلطة» أن «شي رجل إيمان … بالنسبة له الله هو الحزب الشيوعي». وأضاف أن «أكبر خطأ يرتكبه بقية العالم بشأن شي هو عدم أخذ هذا الإيمان على محمل الجد».
لم تكن طفولته تدل على صعوده بهذا الشكل في الحزب الشيوعي الصيني.
كان والده شي تشونغ شون بطلا ثوريا وأصبح نائبا لرئيس الوزراء، ثم هدفا لماو تسي تونغ خلال الثورة الثقافية.
وقال تشان إن «شي وعائلته ما زالا مصدومين».
فقد شي جينبينغ مكانته بين ليلة وضحاها ويبدو أن أختا له من أبيه انتحرت بسبب الاضطهاد.
وقال هو نفسه إنه أصبح منبوذا من قبل زملائه في المدرسة وهي تجربة يقول عالم السياسة ديفيد شامبو إنها ساهمت في منحه «إحساسا بالانفصال العاطفي والنفسي والاعتماد على الذات منذ سن مبكرة».
في سن الخامسة عشرة فقط أرسل شي للعمل في ظروف قاسية في الريف حيث كان ينقل الحبوب وينام في كهف ويقول إنه «صدم» خلال هذه الفترة.
وروى لصحيفة واشنطن بوست في 1992 عن جلسات اضطر خلالها لإدانة والده. قال حينذاك «حتى إذا كنت لا تفهم أنت مجبر على الفهم». وأضاف أن «ذلك يجعلك تنضج قبل الأوان».
ويرى تشان أن شي «يميل منذ ذلك الحين إلى المجازفة» لكنه «ينظر ببعض التقدير أيضا إلى تعسف السلطة».
اليوم أصبح الكهف الذي كان ينام فيه موقعا سياحيا لإظهار اهتمامه بالأكثر فقرا. رسم أحد السكان صورة لشخصية شبه أسطورية تقرأ كتبا في فترات الراحة، مؤكدا أنه «لم يكن رجلا عاديا».
وبسبب إرث والده، رفض طلبه بالانضمام إلى الحزب الشيوعي مرات عدة قبل أن يقبل.
في 1974 أصبح شي زعيما للحزب في قريته. وقد بدأ على حد قول غيغس «عند مستوى منخفض جدا»، وتسلق سلم السلطة إلى أن أصبح حاكم مقاطعة فوجيان في 1999 ثم زعيم الحزب في تشيجيانغ في 2002 وأخيرا في شنغهاي في 2007.
وفي نهاية سبعينيات القرن الماضي بعد وفاة ماو، تم رد الاعتبار لوالده مما عزز موقعه.
بعد طلاق زوجته الأولى، تزوج شي من مغنية الأوبرا بينغ ليوان في 1987 عندما كانت أكثر منه شهرة.
وتعتقد تساي شيا وهي مسؤولة سابقة في الحزب الشيوعي الصيني تعيش في المنفى في الولايات المتحدة أنه «يعاني من عقدة نقص، مع العلم أنه تلقى تعليما أقل من قادة كبار آخرين في الحزب الشيوعي الصيني».
نتيجة لذلك، فهو «حساس وعنيد وديكتاتوري» ، كما كتبت في مجلة «فورين أفيرز».
قال تشان إن شي اعتبر نفسه دائما «وريثا للثورة».
في 2007، عين في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب.
عندما حل محل هو جينتاو بعد خمس سنوات، لم تسمح حصيلة أدائه بالتكهن بأفعاله من قمع الحركات الاجتماعية ووسائل الإعلام المستقلة واتهامات بانتهاك حقوق الإنسان في شينجيانغ أو الترويج لسياسة خارجية قوية.
وكتب براون أن أهمية الحزب واضحة وكذلك مهمته وهي «جعل الصين عظيمة من جديد».
لكن من الواضح أيضا أنه يخشى أن تضعف قبضته على السلطة.
وقال غيغس «كان انهيار الاتحاد السوفياتي والاشتراكية في أوروبا الشرقية صدمة كبيرة»، موضحا أن شي يعزو الانهيار إلى الانفتاح السياسي.
وتابع «لذلك قرر أن هذا لا ينبغي أن يحدث للصين (…) ولهذا السبب يريد قيادة قوية للحزب الشيوعي مع زعيم قوي».
وحصل الرئيس الصيني شي جينبينغ الأحد على ولاية ثالثة تاريخية على رأس الحزب الشيوعي، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية، بعد أن أزاح أي معارضة في البلاد وداخل صفوف الحزب، ليصبح بذلك أقوى قائد للصين منذ مؤسس النظام ماو تسي تونغ.
وعينت اللجنة المركزية الجديدة للحزب الشيوعي بعد إدخال تعديلات واسعة عليها شي جينبينغ لولاية ثالثة من خمس سنوات، ما يمهد لتثبيته رسميا على رأس الدولة لولاية جديدة في مارس 2023.
وفور حصوله على تفويض جديد لخمس سنوات من اللجنة المركزية الجديدة، تعهد شي بـ»العمل بجد لإنجاز مهامنا».
ووصل شي الذي يترأس الصين منذ عقد إلى المنبر الأحد يتبعه الأعضاء الستة الآخرون الذين عينوا في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، الهيئة التي تمسك بزمام السلطة الفعلية، وجميعهم حلفاء ومقربون له.
وشكر شي «بصدق الحزب بكامله للثقة التي أبداها لي».
وأعلن شي الذي عين لولاية جديدة أيضا على رأس القوات المسلحة الصينية، في كلمة ألقاها أمام الصحافة في قصر الشعب أنه «لا يمكن للصين أن تتطور بدون العالم، والعالم أيضا بحاجة إلى الصين».
ونجح شي خلال عقد في تحويل الصين إلى ثاني قوة اقتصادية في العالم وتشكيل جيش هو من الأقوى في العالم.
وأكد «بعد أكثر من أربعين عاما من الجهود الحثيثة من أجل الإصلاح والانفتاح، حققنا معجزتين: تنمية اقتصادية سريعة واستقرار اجتماعي بعيد الأمد».
وبالرغم من تركيز السلطات بشكل شبه تام بين يديه، يواجه الرئيس تباطؤا اقتصاديا قويا نتج بصورة خاصة عن سياسة «صفر كوفيد» التي اتبعها مع ما تضمنته من تدابير إغلاق وحجر متواصلة، وتفاقم الخلافات والخصومة مع الولايات المتحدة وانتقادات دولية على صعيد حقوق الإنسان.
واختتم الحزب الشيوعي مؤتمره العشرين السبت بعد أسبوع من المداولات في جلسات مغلقة، بتجديد 65% من أعضاء اللجنة المركزية التي تعتبر بمثابة برلمان داخلي للحزب، بحسب تقديرات وكالة فرانس برس.
وخلال اجتماعهم الأول صباح الأحد، عين أعضاء اللجنة المركزية الـ205 وبينهم 11 امرأة فقط، الممثلين الـ25 في المكتب السياسي، هيئة القرار في الحزب الشيوعي الصيني.