الموسيقار عبدالواحد التطواني سيرة فنان وإنسان (15) : حين تسبب الغرباوي في قطع علاقتي باليهود المغاربة

الفنان الكبير عبد الواحد التطواني، واسمه الحقيقي عبد الواحد كريكش، كان أول فنان مغربي يفتتح البث التلفزي للإذاعة والتلفزة المغربية سنة 1962 بأغنية،» علاش ياغزالي» مع الفنانة الحاجة الحمداوية .
بحكم دراسته للموسيقى وموهبته المبكرة، وسطوع نجمه في سماء الفن المغربي، التحق سنة 1963 بجوق إذاعة طنجة مع الراحل عبد القادر الراشدي، لينتقل إلى جوقي فاس ومكناس الجهويين، وفي 3 مارس 1968 التحق كمطرب بالجوق الملكي بأمر من المغفور له الحسن الثاني، وكان من بين من حضروا وعايشوا أحداث محاولة الانقلاب الفاشل سنة 1971 بالصخيرات.
غنى من ألحان كبار المبدعين المغاربة، كما غنى من ألحانه كبار نجوم الأغنية المغربية، وراكم العشرات من الأعمال الإبداعية طيلة مسيرته الفنية.
تعددت مواهب الموسيقار عبد الواحد التطواني، لتتخطى الغناء والتلحين والزجل والتشكيل، وتمتد إلى التمثيل، حيث شارك في العديد من المسرحيات وحاز على العديد من الجوائز التقديرية ووسام الاستحقاق الوطني.
الفنان القدير عبد الواحد التطواني يعتبر أول من غنى في أوبيريت في تاريخ الفن المغربي بعنوان ‘‘ بناة الوطن ‘‘، كتبها أحمد الطيب العلج وأخرجها فريد بنمبارك، وكانت من ألحان العربي الكوكبي ومحمد بن عبد السلام، ومن بطولة عبد الواحد التطواني وأحمد الطيب العلج ومحمد حسن الجندي وعزيز موهوب وبهيجة إدريس وإسماعيل أحمد ومحمد الإدريسي وقدمت للتلفزيون سنة 1967.
اشتغل، كما تقول سيرته الفنية، إلى جانب الفنان الأسطورة سليم الهلالي، حيث شكلت هذه التجربة إضافة إلى مسيرته المليئة بالعطاءات، ويعد أحد الرواد المتميزين في الموسيقى المغربية، لذلك لقب بـ «كنار المغرب الأقصى» و»مطرب الملوك».
في هذا اللقاء مع جريدة الاتحاد الاشتراكي، نسترجع مع سي عبد الواحد التطواني مسيرة هذا الرجل الفنان والإنسان.

 

يواصل الموسيقار عبد الواحد التطواني سرد ذكرياته، سواء تعلق الأمر بالفنانين الرواد أو علاقته بالقصر الملكي، أو مع الفنانين المغاربة اليهود، وكيف كان هو المغربي الوحيد الذي استطاع أن ينال ثقتهم ويشتغل معهم، في هذا الباب يقول عبد الواحد التطواني :
“تعلمت الكثير من اليهود المغاربة، وكنت المغربي الوحيد الذي يشتغل مع مجموعة كبيرة منهم بمدينة الرباط، وفي إحدى المرات زارني الفنان اليهودي ليوني المغربي، وطلب مني أن أكون حاضرا في عقيقة أحد اليهود المغاربة بحي أكدال بالرباط، ومنحني عربون الحفل وقدره عشرة دراهم، وفي ذلك الوقت كنت أعمل مع الراحل أحمد الغرباوي بثمن يتراوح ما بين 15 و20 درهما، المهم بعد أن اتفقنا، قلت له إنني سأكون في الموعد، لكن في نفس اليوم اتصل بي الراحل أحمد الغرباوي وطلب مني الذهاب معه للعمل داخل المطار العسكري الأمريكي بالقنيطرة، في البداية رفضت الاستجابة لطلبه، وأبلغته أنني مرتبط بالعمل مع ليوني المغربي، لكنه بدأ يصرخ علي مشددا على أنه يعول علي داخل الفرقة الموسيقية، وأننا أصدقاء، ولم يستسغ أن أتركه ولا أرافقه، في الأخير رضخت للأمر الواقع، وذهبت معه، لكن ليوني المغربي خاصمني، ولم أعد أشتغل معهم لأنني ارتكبت خطأ فادحا”.
لم يعد عبد الواحد التطواني يشتغل مع اليهود المغاربة بسبب هذا الخطأ الفادح، لكن هذا الوضع لم يستمر طويلا، فقد عادت المياه إلى مجاريها كما يقول:
“بعد مدة رجعت المياه إلى مجاريها، واشتغلت معهم أول حفل بعد وقت طويل لم أشتغل معهم فيه، المهم ذهبنا للعمل في ضيافة أسرة يهودية ثرية، وحين الانتهاء قام بأداء مستحقات جميع أعضاء الفرقة، وتركني أنا الأخير، حيث توجه بي إلى منزلي فقام بمنحي أتعابي نظير عملي في تلك الليلة، وبلغ في ذلك الزمن تقريبا 200 درهم، وحينما هممت بالنزول قال لي رحمه الله، انتظر، لازال مبلغ ” الغرامة ” ومنحني 150 درهما إضافية، وكان مبلغا كبيرا جدا في ذلك الزمن، حينها قمت برد مبلغ العربون في الحفل الذي تغيبت فيه الذي كان سبب المشكل، لكنه أمسك بيدي ونحاها جانبا، رحمه الله، وقال لي: “اسمع عبد الواحد أنا صاحبي يضربني بحجرة كنضربو أنا بتفاحة”، فكان درسا بليغا لي ورجعت المياه إلى مجاريها وصرت دائم الانضباط معهم، وكان، رحمه الله، يعاملني معاملة الابن لولده، رحمهم الله جميعا”.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 19/04/2022