انتشرت منذ مدة ليست بالقصيرة بمدينة سلا ظاهرة غريبة تتمثل في التسول باسم بناء المساجد، يقوم بها أشخاص من مختلف الأعمار.
ويرتدي هؤلاء المتسولون “جيليات” توحي بانتمائهم لجمعيات تدّعي أنها تجندت من أجل جمع التبرعات لبناء مساجد، ليس فقط في أحياء سلا، بل أحياناً بجهة الغرب ومناطق بعيدة عن المدينة.
المثير في الأمر أن الأموال المتحصلة تُجمع نقداً داخل أوانٍ بلاستيكية، وهو سلوك يطرح أكثر من علامة استفهام حول جدية هذه المبادرات وأهدافها الحقيقية. كما أن عدداً من هؤلاء يقفون أمام أبواب المساجد دون أن يؤدوا الصلاة، ثم ينقضّون على المصلين مباشرة بعد انتهاء الصلاة، وفق خطة محكمة يتم فيها توزيع الأدوار بين أفراد المجموعة على مختلف مداخل ومخارج المسجد.
الأخطر أن هذه الممارسات، التي تحوم حولها شبهة النصب، تتم في واضحة النهار وأمام أعين السلطات المحلية ورجال الأمن، سواء قرب الملحقات الإدارية أو عند المدارات وإشارات المرور.
ولإبعاد الشكوك، يلجأ بعضهم إلى تقديم نسخ من وثائق جمعيات تحمل أسماء ورقماً هاتفيا، حيث يؤكد المتحدث أن المتسولين مجرد «أعضاء متطوعين». لكن الملاحَظ أن الشخص نفسه قد يعود في اليوم الموالي للتسول باسم جمعية أخرى، أو بشكل فردي.
وفي بعض الحالات، يُمد المشككين برقم حساب بنكي يعود فتحه لسنوات طويلة، كما هو الشأن بالنسبة لإحدى الجمعيات التي تتوفر على حساب مفتوح منذ سنة 2013، أي أنها تتسول منذ أكثر من عقد من الزمن دون أن تبني المسجد الذي تتحدث عنه، والذي غالبا ما يُختار له اسم ذو دلالات قوية في التاريخ الإسلامي.
تكاثر هذه الجمعيات التي تتسول باسم بناء المساجد يفرض تدخلا صارما من السلطات المحلية، ومتابعة دقيقة من طرف مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بل ومن الوزارة نفسها، لوضع حد لهذا التسيب والفوضى. فالظاهرة تسيء إلى سمعة الوزارة الوصية، وتشجع على استمرارها لأنها تدر على محترفيها مبالغ مالية لا أحد يعرف حجمها، في ظل غياب أي تدخل فعلي من السلطات المحلية للتحقق من حقيقتها.
النصب بالتسول لبناء المساجد يغزو مدينة سلا
الكاتب : عبد المجيد النبسي
بتاريخ : 20/09/2025

