النضال الديموقراطي والفكر الحداثي يفقدان فارسهما الفذ المفكر والفيلسوف المغربي محمد سبيلا

بقلب جريح وفؤاد يفطره الألم ، والإيمان بقدر الله وقضائه ينعي الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أصالة عن نفسه ونيابة عن إخوته في المكتب السياسي وكافة المناضلات والمناضلين رحيل المفكر الكبير والمناضل الاتحادي الأصيل محمد سبيلا .
فبرحيله، يفقد النضال الديموقراطي الذي أعطاه الفقيد أزهى أيام عمره والفكر الحداثي الذي اهداه عصارة عقله وتفكيره فارسا شهما دافع باستماتة عن أفق إنساني رحب وقيم كونية في خدمة المغرب الحر ، منذ فجر الاستقلال.
وبرحيله، يكون المغرب والعالم العربي قد فقد أحد المفكرين الكبار ورائد من رواد الحداثة بالمغرب، فرحيله خسارة كبرى ليس فقط لطلبته الكثر او للمثقفين كافة بل للشعب المغربي والعربي ككل.
الراحل محمد سبيلا كاتب ومفكر مغربي، اهتم بالدرس الفلسفي واشتغل بسؤال الحداثة والدولة المدنية و”عقلنة” الخطاب الديني.
ولد عام 1942 في مدينة الدار البيضاء بالمغرب. درس المرحلة الابتدائية والثانوية في مدينة الدار البيضاء، وانتقل إلى الرباط لمتابعة دراسته الجامعية العليا في كلية الآداب والعلوم الانسانية، ثم سافر إلى السوربون في باريس، حيث حصل عام 1967 على البكالوريوس في الفلسفة. كما حصل عام 1974 على دبلوم الدراسات العليا، وبدأ يكتب مبكرا وينشر مقالات ودراسات، وانخرط في اتحاد كتاب المغرب عام 1967، وحصل في كلية الآداب بالرباط عام 1992 على دكتوراه الدولة.
عمل أستاذا جامعيا في كلية الآداب بالرباط، ورئيس شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس بكلية الآداب بفاس ما بين عامي 1972 و1980. وتولى رئاسة الجمعية الفلسفية المغربية ما بين عامي 1994 و2006، وإدارة مجلة “مدارات فلسفية” من العدد 1 إلى 18، وساهم في تحرير مجلة “المشروع”.
انشغل بأسئلة الحداثة وما بعد الحداثة، و”عقلنة” الخطاب الديني، وقضايا الدولة المدنية والفرق بينها وبين الدولة الكهنوتية، وما تطرحه الحركات الإسلامية في هذا الصدد. يرى أن الانتقال الفكري والثقافي هو انتقال بطيء وعسير، أو بعبارة أخرى أن الزمن التاريخي وزمن التحول الاجتماعي يختلف عن الزمن الثقافي، فالزمن الثقافي زمن بطيء، والانتقال إلى الديمقراطية -الذي يعد رهان العالم العربي- دون الانتقال إلى ثقافة الحداثة، لأن هناك اقتباسا فقط لجزء من الحداثة، هو الحداثة السياسية.

كتب محمد سبيلا عددا من الكتب والمقالات والدراسات في حقل الفلسفة والفكر، ونشرها في صحف ومجلات مغربية وعربية، منها: مجلة “أقلام” و”آفاق الوحدة” و”الفكر العربي المعاصر” و”المستقبل العربي”.

ساهم في الترجمة في التأليف المدرسي والجامعي، ومن مؤلفاته المنشورة “مخاضات الحداثة” و”في الشرط الفلسفي المعاصر ” و”حوارات في الثقافة و السياسة” و”الحداثة وما بعد الحداثة” و”الأصولية والحداثة”، وترجم كتاب “الفلسفة بين العلم والأيديولوجيا” للويس ألتوسير.
غزاؤنا لكل أفراد أسرته الكبيرة والصغيرة في هذا الرزء الجلل.
رحم الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون….


بتاريخ : 22/07/2021