مرت ثلاثة عشر شهرا على إعطاء رئيسة جماعة الدارالبيضاء، نبيلة ارميلي، الانطلاقة الرسمية لعملية جمع النفايات الهامدة وإعلان القضاء عليها وإزاحة كل مظاهرها من تراب المدينة، وهي الخطوة التي تم «التصريح» بها في 18 مارس 2023، مع التأكيد على أنها جاءت بعد تعديل العقود مع الشركات المكلفة بجمع النفايات، لكي تم تخليص عاصمة المال والأعمال من بشاعة مخلفات البناء والهدم التي ظلت تؤثث تراب العاصمة الاقتصادية في أكثر من مقاطعة.
إعلان، تبين بعد مرور الأيام والشهور أنه لم يكن كافيا للقطع الفعلي مع المشاهد الشائنة لـ «الردم» التي ظلت حاضرة في أزقة وأحياء وشوارع المدينة، التي يتم التخلص منها بالاعتماد على «تريبورتورات» و «هوندات» وباستعمال عربات يدوية مدفوعة أو مجرورة بدواب، رغم قرار منع استمرار تجول هذه الأخيرة في شوارع المدينة، وذلك مقابل «أجر مادي» يدفعه «صاحب الورش» للمعنيين بالأمر لكي يقوموا برميه والتخلص منه في أي مكان فارغ متى سنحت لهم الفرصة لذلك، بعيدا عن كل «أعين الرقابة»، وفي غياب تدخل من المصالح المختصة لردع من يقومون بهذه الممارسات، وللقطع مع استمرار وحضور تلك البشاعة التي تتعدد تبعاته السلبية على أكثر من مستوى.
إشكالية، لم تستطع الدارالبيضاء إلى غاية اليوم التخلص منها، وهي التي ظلت تؤرق بال الجميع، سواء على مستوى الكلفة المادية الثقيلة التي كانت مخصصة من المال العام لنقلها، والتي كانت تتدخل وزارة الداخلية لتوفيرها، أو في علاقة بإشكالية توفير مطرح خاص، علما بأن هذا الأمر لوحده يعتبر أزمة مركّبة لأنه يحيل على ضرورة إحداث مطارح بصيغة الجمع، وذلك بالاعتماد على مواصفات وشروط تتحدد بناء على نوعية هذه المخلّفات ومنسوب ضررها، أو بفعل عوامل أخرى متعددة، إذ ظل المشكل حاضرا وممتدا لسنوات طويلة، وتم فتح طلب للعروض بشأنه، وحتى مع التعديل على دفتري تحملات شركتي النظافة المعنيتين، فقد ظلت «بيئة كازا» ملوثة بهذا النوع من النفايات؟
وجدير بالذكر أن دراسة سابقة لجماعة الدارالبيضاء كانت قد بينت أنه خلال سنة 2015 ، نموذجا، قد تم إنتاج أكثر من 3.6 ملايين طن من النفايات الهامدة المكونة من بقايا الأشغال المختلفة التي تندرج ضمن مجال التعمير، إصلاحا وتشييدا، وهو الرقم الذي أكد مصدر جماعي لاحقا في عدد من التصريحات والخرجات الإعلامية على أنه انتقل إلى 4 ملايين طن في السنة، في حين يؤكد فاعلون أن كميات «الردم» المتخلى عنها في الشوارع تصل إلى خمسة ملايين طن وقد يكون عددها أكثر، وهي برمّتها أرقام تشهد على حجم الفوضى المستشرية في هذا المجال، والتي تساهم أشغال البناء السري في «انتعاشها» بشكل كبير، علما بأن النفايات الهامدة لايكون مصدرها الخواص فقط، بل قد تكون الدولة من خلال بعض مؤسساتها ومصالحها مسؤولة عن نوع معين منها، كما هو الحال بالنسبة للتدخلات التي تم القيام بها قبل مدة من أجل تحرير الملك البحري من الاحتلال، بكل من الداهومي وطماريس وغيرهما، حيث لاتزال تلال الأحجار والاتربة ومخلّفات الهدم تحتل الطرق والممرات وتحول دون تنقل آمن للراجلين؟