النقابة الديمقراطية للعدل تحتج ضد جواز التلقيح وتلتحق بالمحامين وتدعو إلى إضراب وطني الخميس والجمعة المقبلين 

المحامي نوفل البعمري: وزير العدل يتحمل كامل المسؤولية السياسية والتدبيرية

عن مآلات الوضع بالمحاكم

 

 

يواصل المحامون المغاربة احتجاجاتهم ضد إقرار إجبارية الإدلاء بجواز التلقيح للولوج إلى المحاكم، وقد أدت هذه الاحتجاجات، التي تم تنفيذها الاثنين الماضي، إلى شلل في المحاكم المغربية بكل درجاتها ومستوياتها.
احتجاجات المحامين، انضم إليها موظفو وزارة العدل، من خلال النقابة الديمقراطية للعدل، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الذي وقف مكتبها الوطني على الإجراءات غير المقبولة والتعسفات المرتكبة بشكل فج في حق أطر هيئة كتابة الضبط ومنعهم من الولوج لمقرات العمل بجرعة عنف غير مفهومة، يقول بلاغ النقابة، ولا يمكن السكوت عنها، وكذا ما صاحب تنزيل قرار فرض جواز التلقيح من تهديد لموظفينا واستهدافهم بشكل مقصود کحلقة أضعف ضمن مكونات العدالة.
ونفذت النقابة الديمقراطية للعدل، يوم أمس الثلاثاء، وقفات احتجاجية أمام المحاكم، كما شددت على تحويلها لاعتصامات أمام المحاكم فور منع الموظفين من الالتحاق بمقرات عملهم ومقاطعة جلسة الحوار المقررة نفس اليوم، والتي كان جدول أعمالها منهجية الحوار القطاعي وأولويات المطالب، وكذلك خوض إضراب وطني إنذاري بجميع المحاكم ومراكز القاضي المقيم والمديريات الفرعية، يومي الخميس والجمعة 23-24 دجنبر 2021، مع إبقاء اجتماع المكتب الوطني مفتوحا للتعاطي مع تطورات الوضع.
واعتبر البلاغ أن حرص النقابة الديمقراطية للعدل على تحصين المكتسبات الصحية التي حققتها بلادنا في سياق التصدي للجائحة لا يوازيه إلا حرصها على الدفاع عن كرامة أطر هيئة كتابة الضبط وحقهم في الاختيار وفي طليعته حرية التلقيح.
ونددت النقابة بعسكرة المحاكم والحصار الأمني الذي فرض على مداخلها وما صاحبه من تعامل مهين مع أطر هيئة كتابة الضبط خاصة النساء.
واعتبر أن ما وقع بمحاكم المملكة وصمة عار لطخت بها فضاءات يفترض أن تكون ملاذا لحماية الحقوق والحريات لا الدوس عليها بأبشع الصور، وهو إجراء لم تعرفه أي من إدارات الدولة سواء على الصعيد المركزي أو الجهوي في مؤشر خطير ينم عن استحکام عقلية ماضوية بالقطاع لا تؤمن إلا بالجبر والإكراه في تنزيل مقرراتها.
نوفل البعمري، المحامي بهيئة تطوان، فند في تصريح لجريدة الاتحاد الاشتراكي ما روج له البعض، وأكد أنه لم يكن هناك أي اقتحام للمحاكم من طرف المحاميات والمحامين، يوم الاثنين الماضي، بل كان ولوجهم عاديا لمن تمكن من الولوج دون الإدلاء بالجواز طبعا، كما أن المحاكم التي فرضت ولوجها بالإدلاء بجواز التلقيح تم فيها تنظيم وقفات احتجاجية أمام ردهاتها، لأنه لو صحت رواية الاقتحام لكان هناك اصطدام واحتكاك خاصة مع رجال الأمن، وهو ما لم يحدث ولن يحدث أبدا، مما يفند هذه الرواية.
وحمل نوفل البعمري، وزير العدل كامل المسؤولية السياسية والتدبيرية عن مآلات الوضع بالمحاكم، خاصة منها ما يتصل بتعطيل العدالة، كما حمله مسؤولية الخسائر المالية التي تكبدتها خزينة الدولة جراء مقاطعة المحاميات والمحامين لكل الإجراءات داخل المحاكم بما فيها صندوق الأداءات، بمختلف ربوع المحكمة.
وأكد البعمري أن جمعية هيئات المحامين بالمغرب والنقابات المهنية، وعلى عكس ما روج لذلك طيلة هذا اليوم بعض المشوشين، لم يكن موقفهم رافضا للتلقيح كما دبجوا في تدويناتهم، وقد كان عليهم الاطلاع على بلاغ الجمعية قبل هذا السقوط الحر، بل على العكس الدفاع كان في طليعة المساهمة المادية من خلال جمعية هيئات المحامين بالمغرب مع صندوق مكافحة كورونا، ومنضبطا لكل الإجراءات التي أقرتها الدولة ذات الجانب التدبيري ،كذلك، وظل المحامون ملتزمون بكل الإجراءات التي تم إقرارها، وساهموا في السير العادي للجلسات وعدم تعطيل العدالة وضمان المحاكمة للمعتقلين في مرحلة الإغلاق التام، بل المحامون اليوم يرفضون إلزامية الإدلاء بجواز التلقيح للولوج للمحاكم، لعدم دستوريته، ولأنه لا يمكن تدبير قطاع كبير وحساس مرتبط بحرية المواطنين وبحقوق الدفاع من خلال دورية ثلاثية دون إشراك المحامين فيها وفي كيفية تدبير العملية ككل.
وأكد البعمري أن وزير العدل يتحمل مسؤولية إقحام السلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة في هذا السجال، بحيث كان يجب أن يحافظ على مسافة كافية منهما، على اعتبار أن الجهة التي يجب الاختصام أمامها حول هذه القرارات قد تحولت بموجب المذكرة الثلاثية لجهة وطرف في هذا النقاش في مس صريح باستقلالية السلطة القضائية كما أقرها الدستور المغربي، وشكلت الخطوة مسا صريحا من طرف السلطة التنفيذية بالسلطة القضائية، ومنذ استقلالها لأول مرة يجد القضاة أنفسهم في وضعية خضوع للسلطة التنفيدية، في حين أنه كان يجب ترك السلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة بعيدة كل البعد عن هذا السجال ليبقى للمواطن وللمحام جهة قضائية يخاصم أمامها في حال تم منعه من الولوج للعدالة، الآن هذه الجهة تم تغييبها، يقول البعمري، اعتبارا لكون تدبير الجائحة هو من مهام السلطة التنفيذية أي الحكومة وليس السلطة القضائية.
ورأى أن موقف المحاميات والمحامين هو دفاع عن استقلال السلطة القضائية، والوضع المتقدم لرئاسة النيابة العامة الذي وضعها الدستور كجهاز مستقل، وعدم إخضاعها للسلطة التنفيدية، وهو دفاع عن روح الدستور والقانون وتماشيا مع توجيهات الأمم المتحدة ذات الصلة بتدبير الجائحة، وانتصارا لكل الحقوق الأساسية.
لا أحد ضد التلقيح ولا الإجراءات الاحترازية، يشدد المحامي نوفل البعمري في ذات التصريح، بل كان المحامي ضد اعتماد إجراءات فيها مس صريح بحقوق الدفاع، وتخلق وضعا تمييزا داخل فضاء يفترض أنه مستقل، ويفترض أن تتحقق أمامه المساواة.
وكشف أن تدبير جائحة كورونا فيه جانب سياسي كان على وزير العدل ووزارة العدل والحكومة عموما أن تكون لهم كامل الشجاعة لتتبنى هذه القرارات لا أن يختبئوا وراء سلطة يُفترض أنها مستقلة، مشيرا إلى أن تدبير جائحة كورونا لم يكن يوما مبررا لانتهاك الحقوق، ولا لخلق وضع مخالف للقانون والدستور، وفي تناقض صارخ مع المواثيق الدولية الحقوقية، بل هي جاءت لحماية هذه الحقوق لا لانتهاكها، بل وفي مخالفة حتى للمرسوم المنظم لحالة الطوارئ الذي ينص في مادته الثالثة على عدم تعطيل استفادة المرتفقين من الخدمات العمومية، فكيف والحال أن الأمر يتعلق بخدمة تنتصر للحقوق وتحقق العدالة؟ يتساءل نوفل البعمري.


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 22/12/2021