النقابة الوطنية للتعليم العالي ترفض مشروع قانون 59.24 وتحذر من المساس بمجانية التعليم واستقلالية الجامعة العمومية

أعلن المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، رفضه القاطع لمشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، بصيغته الحالية، محمّلا الوزارة الوصية والحكومة مسؤولية تداعياته الخطيرة على مستقبل الجامعة العمومية.
وأوضح المكتب الوطني في بلاغ له، توصله بتقرير لجنة الملف المطلبي، الذي عرض خلاصات الاجتماع المنعقد يوم الاثنين 15 دجنبر 2025 بين اللجنة المشتركة مع مصالح وزارة التعليم العالي، برئاسة الكاتب العام للوزارة بالنيابة، والذي خصص للاستماع إلى ردود الوزارة بخصوص عدد من الملفات العالقة.
وفي ما يتعلق بملف الترقيات، أكد الجانب الوزاري أن ترقيات سنة 2023 ستتم تسويتها وفق ما تم الاتفاق عليه مع النقابة، استنادا إلى محاضر اللجان العلمية بالمؤسسات الجامعية، مع التزام الوزارة باستدراك أي خلل ناتج عن اختلاف تأويل المادة 9، ضمانا لاستفادة جميع الأساتذة من نفس الإجراء. أما ترقيات سنة 2024، فقد أفادت الوزارة بأنه تم الاتفاق، خلال اجتماع ثلاثي ضم وزارة المالية والوظيفة العمومية ووزارة التعليم العالي يوم 10 دجنبر 2025، على تعديل المادة 9 بشكل واضح لا يترك مجالا للتأويل، على أن تقترح صيغة التعديل على النقابة قبل عرضها على مسطرة المصادقة.
وبخصوص مرسوم رفع الاستثناء عن حاملي الدكتوراه الفرنسية، أوضح الجانب الوزاري أن وزير التعليم العالي عقد اجتماعا مع وزير الميزانية، مرفقا بورقة تقنية تتضمن عدد المعنيين والتكلفة المالية، حيث منحت وزارة المالية موافقة مبدئية، ولأول مرة، على تسوية هذا الملف، دون تحديد تاريخ التفعيل، مع الاتفاق على التنسيق مع اللجنة المعنية للتوافق حول هذا التاريخ.
أما ملف الأقدمية العامة المكتسبة في الوظيفة العمومية، فقد قدمت الوزارة معطيات إحصائية دقيقة حول عدد المعنيين وإطاراتهم وسنوات اشتغالهم قبل الالتحاق بالتعليم العالي، مؤكدة أنها بصدد إعداد تقدير مالي لعدة سيناريوهات، سيتم عرضها على وزير الميزانية فور الانتهاء من إعداد ورقة تقنية ترافعية مصحوبة بتكلفة دقيقة.
ورغم هذه المعطيات، شدد المكتب الوطني على أن عرض الوزارة لا يرقى إلى تطلعات الأساتذة الباحثين، خاصة في ظل استمرار تجاهل ملفات مطلبية أخرى، من قبيل إلغاء الضريبة عن تعويضات البحث العلمي، ورفع الأرقام الاستدلالية، وتعميم تسع سنوات.
وفي سياق متصل، جدد المكتب الوطني إدانته الشديدة لوزارة التربية الوطنية، بسبب ما وصفه بالإغلاق الممنهج لباب الحوار مع النقابة الوطنية للتعليم العالي، رغم كونها النقابة الأكثر تمثيلا داخل مؤسسات التعليم العالي، في وقت تعرف فيه هذه المؤسسات مشاكل استعجالية تتطلب حلولا فورية.
وعلى صعيد التشريع، ناقش المكتب الوطني بالتفصيل مضامين مشروع قانون التعليم العالي والبحث العلمي رقم 59.24، معبرا عن رفضه القاطع له شكلا ومضمونا، ومؤكدا أن الوزارة أخلّت بشكل خطير بمبدأ المقاربة التشاركية، عبر إعداد المشروع والمصادقة عليه داخل المجلس الحكومي، ثم إحالته على البرلمان، دون أي تشاور أو حوار مع النقابة أو مع مكونات الجامعة العمومية. واعتبرت النقابة أن ادعاء الحكومة اعتماد المقاربة التشاركية تدحضه بلاغات وبيانات الأجهزة النقابية، وفي مقدمتها بيان اللجنة الإدارية المنعقدة يوم 14 شتنبر 2025، الذي دعا إلى تجميد المشروع وإعادته إلى طاولة الحوار، وهو ما لم يتم.
وبعد دراسة مواد المشروع مادة مادة، حذر المكتب الوطني من مضامين اعتبرها تهديدا مباشرا لمبادئ أساسية ناضلت من أجلها أجيال من الأساتذة، ومن تراجعات خطيرة عن مكتسبات الجامعة المغربية، من بينها ضرب الاستقلالية الجامعية عبر إحداث مجلس الأمناء كجهاز وصاية حكومية، وإحداث مؤسسات هجينة رقمية، وأجهزة جديدة تمس استقلالية الجامعة، مثل منتدى رؤساء الجامعات وشبكات رؤساء المؤسسات الجامعية.
كما ندد المشروع، بحسب النقابة، بتشجيع التعليم العالي الخاص على حساب العمومي، ومنحه حق تحضير وتسليم شواهد وطنية، بما يهدد مصداقية الشهادات، والترخيص لفروع جامعات دولية بما يمس السيادة الوطنية، إضافة إلى ضرب مجانية التعليم العالي عبر صيغ تمويل مقنّعة تحت مسميات مختلفة، وتقزيم تمثيلية الأساتذة الباحثين داخل الهياكل الجامعية، وضرب الحكامة الجامعية بتكريس منطق التعيين بدل التباري والديمقراطية.
وانتقد المكتب الوطني التراجع عن اتفاق 20 أكتوبر 2022، خاصة في ما يخص مؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعة، واعتبر أن إدماج القطاع الخاص ومؤسسات الشراكة داخل المرفق العمومي، كمؤسسات مؤدى عنها وممولة من المال العام، يهدد الطابع العمومي للتعليم العالي، ويعمق الفوارق الاجتماعية والتمييز الجامعي، ويفكك وحدة التعليم العالي.
وبناء على ما سبق، دعا المكتب الوطني جميع الغيورين على التعليم العالي إلى التعبئة والدفاع عن حق أبناء الشعب المغربي في جامعة عمومية قوية، مستقلة، مجانية وذات جودة عالية، كما يهيب بالأساتذة إلى الالتفاف حول نقابتهم العتيدة، باعتبارها الإطار الموحد والضامن للدفاع عن حقوقهم، والاستعداد لمواجهة كل ما يمس مستقبل الجامعة العمومية.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 20/12/2025