تسعى بلادنا جاهدة لتطوير منظومة النقل العمومي والسككي، وقد حققت بالفعل إنجازات هامة مثل إطلاق محطات حديثة وقطارات فائقة السرعة. غير أن واقع بعض الخطوط، كالخط الرابط بين الدار البيضاء والجديدة، يكشف عن فجوة كبيرة بين الطموح والواقع. هذا الخط الحيوي، بدل أن يوفر وسيلة نقل فعالة ومريحة، أصبح مصدر قلق دائم للمسافرين بسبب تأخيرات مستمرة، خدمات متدهورة، وغياب تام للتواصل مع الركاب.
فبشكل لافت ودون أي توضيحات تُقدم للمسافرين، تتكرر تأخيرات القطارات على هذا الخط، مثل ما حدث صباح يوم 27 نوفمبر 2024، حيث تأخر قطار الساعة السابعة والنصف صباحا بمحطة الجديدة لأكثر من ساعة، دون أن يتم إخطار الركاب مسبقًا أو تزويدهم بتفسير واضح. هذا الصمت يزيد من معاناة المسافرين، الذين يجدون أنفسهم عالقين دون بدائل، ما يؤدي إلى تعطيل أعمالهم، تفويت مواعيد مهمة، أو حتى خسارة امتحانات حاسمة.
هذا الوضع يعكس إهمالا واضحا لحقوق الركاب، فعدم تقديم الاعتذار أو شرح الأسباب يترك انطباعا بأن وقت المسافرين لا قيمة له، ويعمق إحساسهم بالإحباط.
تعود القطارات العاملة على هذا الخط إلى حقبة قديمة، دون أي تحديث يُذكر. حالتها المتهالكة تُظهر إهمالا واضحًا: عربات متسخة، نوافذ مكسورة أو بدون ستائر، أبواب يصعب فتحها أو إغلاقها، واكتظاظ شديد يُحول الرحلة إلى تجربة شاقة.
أضف إلى ذلك، افتقار العربات للتكييف، حيث يُعاني الركاب من حرارة خانقة صيفا وبرودة قاسية شتاء. كل هذا وسط ضجيج المحركات، روائح كريهة غير معروف مصدرها، ودورات مياه غير صالحة للاستعمال.
أما الإعلانات الصوتية التي تُحدد المحطات، فهي غالبا ما تكون غائبة، ما يُربك الركاب، خاصة غير المعتادين على هذا الخط، ويجعلهم في قلق دائم من تفويت محطاتهم.
هذا الخط، الذي يربط بين الدار البيضاء والجديدة، يخدم شريحة واسعة من المسافرين، منهم موظفون يختارون السكن في مدينتي الجديدة وأزمور هربا من تكاليف العيش المرتفعة في الدار البيضاء، وطلبة يتنقلون يوميا لمتابعة دراستهم. مع ذلك، فإن حالة القطارات وتأخراتها المستمرة تُعيق الاستفادة من هذا الشريان الاقتصادي وتزيد من معاناة الركاب اليومية.
إن تحسين هذا الخط ليس رفاهية بل ضرورة. يتطلب الأمر تحديث العربات، زيادة عدد الرحلات لتقليل الاكتظاظ، تحسين الصيانة والنظافة، وتفعيل أنظمة تواصل فعالة تُطلع الركاب على أي تغييرات في المواعيد. هذه الخطوات لن تقتصر فائدتها على راحة المسافرين، بل ستعزز الثقة في خدمات النقل العمومي وتدعم الاقتصاد المحلي.