النهب الثقافي الغربي لإفريقيا

نهبت إنجلترا (وفرنسا…) كنوز إفريقيا المادية الظاهرة المحسوسة.. (انظر جواهر الملكة اليزابيث التي جلها من دول أفريقية). ولعل النهب قد قل نسبيا..! غير أن الغرب لا يزال  ينهب ثقافة هذه القارة: كنوزها اللامادية.. لينسبها الغرب لنفسه؛ إلا من رحم أدبه وفنه..! نهب ممنهج وفي صمت رهيب!
يسرق الموسيقيون إيقاعات أفريقيا ويسرق الأنثروبولوجيون والأركيولوجيون والمؤرخون وصناع الوثائقيات هويات القبائل وتاريخها…الخ. هل سمعت يوما بأن أحدهم قد نشر وثيقة معينة توضح موافقة قبيلة الماساي على نشر طقوسهم وعاداتهم، وتبين أرباحهم من هذا النشر؟ لهذا ما الذي استفادته تلك القبيلة -نموذجا- من حقوق الملكية الفكرية والثقافية ؟ من أنصف السافانا من كمية الصور التي تباع بالملايين؟ ما الذي ربحته أفريقيا من سوق بورصة بيع الفانتازيا للغربي المتعطش لسماع الغرائبيات الإفريقية ؟!! كأن شكل الحضارة الغربية هو الشكل النهائي الأسمى للحضارة !! وأن شكل حياة الإفريقي هو شكل من أشكال حياة الحيوان؟!!
لا تعد السرقات المادية إلا رأس الجبل الجليدي الذي جزأه الأكبر يختفي خلف الصور والأنغام والقصص والروايات المسروقة!!
ما الذي استفادته أفريقيا من لوحات بيكاسو، التي تباع بالملايير؟!! هل يمكن بيع قناع أفريقيا بثمن أعلى من ثمن لوحة هذا الإسباني الذي استعان بالأقنعة الافريقية لتطوير مدرسته الفنية؟ وما الذي ربحته دول شمال أفريقيا من بول كلي (الذي تأثر بموتيفات وألوان الزرابي) وماتيس ودولاكروا…. فقط صور نمطية وكليشيهات يصعب محوها.. (سمى دولاكروا عروض التبوريدة الفروسية المغربية بالفانتازيا!!!)..
أخطر السرقات هي السرقة الهوياتية واللامادية!
أتذكر سرقة كل من مايكل جاكسون وريهانة Rihanna لأغاني الموسيقار الأفريقي الأسطوري مانو ديبانغو.. الذي ظل لسنوات في المحاكم الفرنسية ينتظر إنصافه!!
الفجوة بين الإفريقي والغربي فجوة معرفية، تتعلق بالحقوق الثقافية والتاريخية قبل أن تكون فجوة مادية واقتصادية! وليست أبداً فجوة حضارية!.


الكاتب : عز الدين بوركة

  

بتاريخ : 14/09/2022