«النور الأسود» يعكس النظرة الكافكاوية لمحمد الباز

 

عرفت قاعة العرض الفني « الورشة 21 « بالدار البيضاء، مساء يوم الثلاثاء 19 مارس الجاري، افتتاح معرض الفنان المغربي محمد الباز المعنون ب» النور الأسود «، و الذي سيدوم لغاية 13 أبريل المقبل .
إبداعات محمد الباز المعروضة حاليا مستوحاة من مؤلف « المحاكمة « ل» كافكا « و خاصة من الفيلم السينمائي الذي اقتبسه « أورسن ويلس» عنها. و هي أيضا تعتبر من ضمن سلسلة من الإبداعات الأخرى للفنان و التي تدخل في إطار مشروعه « العبث مع ما لا يمكن شفاؤه «.
و يحاول محمد الباز تطوير مشروعه « العبث مع ما لا يمكن شفاؤه « منذ انطلاقه سنة 1993، و ذلك على أمل إصلاح العالم الذي يبدو له غير مثالي، و منذ ذلك الحين و الفنان التشكيلي يرتدي ثوب الحرفي مستعملا صندوق الأدوات الذي يزداد امتلاء بآلات إبداعه مع مرور السنوات و تكاثف الخبرات.
يسائل محمد الباز، من خلال أعماله، وظيفة الفن و الفنانين، و يسلط الضوء على العلل التي تنخر مجتمعنا، مثل الانتماء و الاختلاف و الحالة الاجتماعية و العلاقة بالآخر و بالعالم، على اعتبار أنها مواضيع تتميز بكونها كونية، فلطالما آمن الباز بأن الفن يمكن أن يغير العالم، على الأقل، عالم الفنان ذاته و المحيطين به. و فضلا عن احترافه ل» العبث مع ما لا يمكن شفاؤه « يمتهن محمد الباز « الدقة « في تصور أعماله، و بالتالي فكل جديد فنه يكون بمثابة جزء من رقعة شطرنج، يساهم بها في تأثيث مشروعه الأصلي و الواسع .
و حول معرضه « النور الأسود « خص الفنان الجريدة أثناء الافتتاح، بحديث قصير لإيضاح عمق أفكاره، و في هذا الإطار أوضح بأن « النور الأسود « يطرح من خلاله عدة أسئلة، من قبيل: كيف يتوصل المرء للعيش في ظل مؤسسة مجتمعية كالتي نعرفها حاليا و أن يعبر عن نفسه… إلخ، و هل بعيشه داخل المجتمع، لا يعمل على قتل ذاته و نكرانها ؟ و هي تساؤلات، يقول الفنان، إذا لم يستطع أن يعبر عنها الشخص تعني أن هناك خللا ما، مستطردا بأنه يسعى خاصة إلى عكس فكرة الفوضى العارمة التي ليست بالضرورة إحساسه الشخصي، و لكنها إحساس كل شخص يحاول السير في الظلام و إيجاد مكان عبر الفسحة المضيئة. و أضاف بأنه رغم عرضه مجموعة من التساؤلات التي تنبع حقيقة من شخصه و اهتماماته كإنسان، محاولا إعطاءها قيمة بصرية و شكلا و دينامية بطريقة تجعل منها مادة لتبادل الأفكار و التواصل، إلا أنه يحب أن يجعل أعماله قابلة لعدة ترجمات تختلف باختلاف متلقيها.
هي فقط في نظره مفتاح يمنح لكل شخص ليلج قصة معينة و يكتشفها، مستعملا مقولة للفنان الشهير « مارسيل دوشون « : « المشاهد هو الذي يصنع العمل «، متمنيا بذلك أن المادة موضوع المشاهدة تنجح في دفعه للتفكير و أن الفنان يترك هامشا من الحرية للقيام بذلك، ثم ختم بالتصريح بأن هاته الإبداعات و الأعمال تدخل ضمن مجموعة من التعبيرات الخيالية و الشعرية شكلها شكل الموسيقى، لا تفسر و لكنها تساعد على طرح التساؤلات.
و للإشارة، فإن الفنان المغربي محمد الباز الذي يتنقل ما بين مدينتي الدار البيضاء وليل الفرنسية، هو من مواليد القصيبة سنة 1967، حصل سنة 1989 على الدبلوم الوطني للفنون التشكيلية من المدرسة الجهوية ل» دانكيرك « بفرنسا و كذا دبلوم آخر سنة 1992 من المدرسة الوطنية العليا بباريس- سيرجي، قبل متابعة دراسته بمعهد الدراسات العليا للفنون التشكيلية بباريس، و منذ سنة 1993 وهو يبحث و يبدع في إطار مشروعه « العبث مع ما لا يمكن شفاؤه «.


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 02/04/2019