النيابة العامة تعتمد مستجدات المسطرة الجنائية الجديدة وتوجه المسؤولين القضائيين إلى توحيد الممارسة

وجه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، منشورا إلى المسؤولين القضائيين بالنيابات العامة، يطالبهم فيه بتطبيق المستجدات الكبرى التي جاء بها القانون رقم 03.23 المغير والمتمم لقانون المسطرة الجنائية، والتي ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من 08 دجنبر 2025، مؤكدا ضرورة مراعاة الضمانات الدستورية وتعزيز حماية الحقوق والحريات خلال مراحل الدعوى العمومية.
المنشور أبرز تغييرات جوهرية في قواعد الاختصاص، حيث أصبحت المؤسسة السجنية التي يوجد بها المشتبه فيه محددا إضافيا للاختصاص المحلي، إلى جانب مكان ارتكاب الجريمة أو محل الإقامة أو مكان الاعتقال. كما أضيفت فئات جديدة إلى لائحة الأشخاص الخاضعين للاختصاص الاستثنائي، مثل الضباط العسكريين من رتبة عميد فما فوق وقضاة المحكمة العسكرية والكتاب العامين للعمالات ورؤساء المناطق الحضرية.
وفي خطوة تعتبر تحولا مهما، قيد القانون الجديد معالجة الوشايات مجهولة المصدر، إذ أصبح يتعين على النيابة العامة القيام بتحريات أولية قبل الإذن بأي بحث، مع إلزام ضباط الشرطة القضائية بالحصول مسبقا على إذن النيابة العامة في الحالات نفسها. كما فرض القانون مسطرة خاصة في الجرائم الماسة بالمال العام، حيث أصبح فتح الأبحاث مشروطا بإحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو تقارير المفتشيات العامة أو الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة.
وتوسع القانون في إلزامية الإشعار، حيث أصبحت النيابات العامة مطالبة بإبلاغ المحامين والضحايا والمشتكين بجميع القرارات المتخذة في الشكايات داخل أجل 15 يوما، وليس فقط قرارات الحفظ كما كان معمولا به سابقا. كما منح القانون للمواطنين حق التظلم من قرارات الحفظ أمام الوكلاء العامين، أو أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بالنسبة لقرارات محاكم الاستئناف.
ومن أبرز المستجدات أيضا تمكين النيابة العامة من إخضاع المشتبه فيهم للمراقبة القضائية أثناء البحث، وتنظيم صارم لبرقيات البحث من حيث شروط إصدارها وإلغائها. كما وسع نطاق رد الأشياء والأدوات ووسائل النقل المضبوطة، وأدخل تعديلات على سحب جواز السفر وإغلاق الحدود عبر تمديد الآجال وإسناد مهمة السهر على التنفيذ إلى النيابات العامة.
وأقر القانون آلية لإجراء أبحاث مالية موازية في الجرائم التي تدر عائدات مالية، مع إمكانية حجز الأموال والممتلكات المتحصلة من الجريمة مع احترام حقوق الغير حسن النية، والبت في طلبات رفع الحجز داخل أجل عشرة أيام.
وحدد المنشور الجهات المختصة بالإشراف على الأبحاث المتعلقة بالأشخاص الخاضعين للاختصاص الاستثنائي، وأكد أن اتخاذ الإجراءات المقيدة للحرية في حق الفئات الواردة في المواد من 266 إلى 268 لا يتم إلا بموافقة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض.
ومن المستجدات العملية السماح لقضاة النيابة العامة بالانتقال إلى مقرات الشرطة القضائية لاستنطاق المشتبه فيهم الراشدين الموضوعين تحت الحراسة النظرية في الجنح، بغية تخفيف الضغط على مكاتب النيابات العامة.
وشدد المنشور على تنظيم إجراءات التفتيش الرقمي وحجز البيانات الإلكترونية، وإخضاع الأجهزة لخبرة تقنية متخصصة بعد إذن النيابة العامة، مع ضرورة احترام ضوابط دقيقة خلال حجز المعطيات والبرامج المعلوماتية.


الكاتب : n جلال كندالي

  

بتاريخ : 22/11/2025