في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، عبّرت الهيئات النقابية والمهنية الممثِّلة لقطاع الصحافة والنشر في المغرب — وهي النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال (UMT)، والنقابة الوطنية للإعلام والصحافة (CDT)، والكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني — عن رفضها القاطع لما وصفته بـ»المهزلة التشريعية» المرتبطة بمشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، الذي أعدّته الحكومة بشكل أحادي، خارج منهجية الحوار والتشاور مع الفاعلين المهنيين.
جاء ذلك في بلاغ مشترك للهيئات النقابية والمهنية، عقب الوقفة الاحتجاجية المركزية التي نظمتها صباح الأربعاء 22 أكتوبر 2025 أمام البرلمان، رفضًا لمحاولة تمرير مشروع قانون تعتبره «تراجعيًا» و»منتهكًا لروح الدستور ومدونة الصحافة والنشر»، فضلاً عن تجاهله للرأيين الاستشاريين الصادرين عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
رسالة قوية للحكومة والبرلمان
وثمنت الهيئات النقابية المشاركة الواسعة للصحافيات والصحافيين، والناشرات والناشرين، ومختلف المؤسسات الإعلامية من مختلف الجهات، معتبرة أن نجاح الوقفة رسالة سياسية ومهنية واجتماعية واضحة إلى الحكومة والبرلمان، من أجل «إنهاء هذه الفضيحة التشريعية» التي تهدد مبدأ التنظيم الذاتي للمهنة، وتضرب استقلاليتها وديمقراطيتها.
وأكدت الهيئات أن المشروع الحكومي يسعى إلى «إعادة تشكيل المشهد المهني على مقاس سياسي ومصلحي وريعي»، بما يكرس «التغول والتحكم والإقصاء»، عبر تجاوز مبادئ الانتخاب والتعددية والعدالة التمثيلية بين مختلف مكونات الجسم الصحافي.
مطالب بإيقاف المشروع وتدارك الخطأ التشريعي
وطالبت الهيئات النقابية الجهات الرسمية المعنية بالتدخل الفوري والعاجل لتصحيح ما وصفته بـ»الخطأ السياسي والتشريعي»، من خلال سحب المشروع الحالي، والعودة إلى مسار تشاركي يضمن إشراك الفاعلين النقابيين والمهنيين، ويأخذ بعين الاعتبار ملاحظات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومواقف المنظمات الحقوقية، وخمس وزراء اتصال سابقين، فضلاً عن المواقف النقابية الوطنية الرافضة.
دعوة إلى البرلمانيين وتحذير من التراجع المهني
ودعت النقابات والمكونات المهنية الفرق والمجموعات البرلمانية بمجلس المستشارين إلى «تحمُّل مسؤوليتها التاريخية» في مواجهة هذا المشروع، واتخاذ مبادرة تشريعية بديلة «ترقى إلى انتظارات المهنيين»، مؤكدة تمسكها بمبدأ التصويت باللائحة لفئتي الصحافيين والناشرين على قدم المساواة، ورفضها القاطع لنظام الاقتراع الفردي المفتوح الذي تعتبره «إجراءً يُقصي النقابات ويقزِّم دورها الدستوري في هيكلة المجلس».
كما شددت الهيئات على استمرار التعبئة الميدانية والنقابية لمواجهة محاولات تمرير المشروع التراجعي، داعية الجسم الإعلامي والصحافي إلى مزيد من اليقظة والوحدة دفاعًا عن الحقوق المهنية والمكتسبات الديمقراطية للمهنة.

