خمس توصيات استراتيجية خرج بها المشاركون في الورشة الوطنية حول مخاطر الفساد في قطاع الصحة، تتمثل في إصلاح الإطار القانوني، تصنيف المصحات حسب نزاهتها، رقمنة الشكاوى، تتبع مسار الدواء من المصنع إلى الصيدلية، وتعبئة المواطن كفاعل رقابي وليس مجرد متلقّ للخدمة.
هذه التوصيات، خرج بها المشاركون على مدى يومي 17 و18 يونيو 2025 بالرباط بدعوة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بشراكة مع سفارة النرويج ومركز U4، لتفتح بذلك واحدا من أكثر الملفات حساسية وصمتا، الفساد في القطاع الصحي، لا سيما في سلاسل القيمة المرتبطة بالمنتجات الطبية والقطاع الخاص.
وفي الجلسة الختامية، جاءت كلمة محمد بنعليلو الأمين العام للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، لتؤكد أن ما تم إنجازه خلال يومين من العمل المكثف لا يمكن اختزاله في توصيات تقنية أو عروض نظرية، بل هو بمثابة انطلاقة عملية لمسار مؤسساتي جديد لمكافحة الفساد في أحد أكثر القطاعات التصاقا بالحياة اليومية للمغاربة.
«الفساد في الصحة ليس انحرافات معزولة، بل هو نتيجة هشاشة منظومة وغفلة رقابية وتطبيعٌ مع الاستثناء بهذه الكلمات وجه الأمين العام تحذيرا واضحا من خطورة تجاهل ما سمي بالنزيف الصامت الذي يفرغ السياسات الصحية من محتواها، ويقوّض ثقة المواطنين في جدوى الإصلاحات.
وأكد بنعليلو أن الهيئة لن تكتفي بعد اليوم بإصدار تقارير أو توصيات، بل ستسهر، بتنسيق وثيق مع وزارة الصحة ومختلف الشركاء، على إنجاز خريطة دقيقة لمخاطر الفساد تشمل ثلاث مجالات حيوية، القطاع الطبي الخاص، وسلسلة المنتجات الطبية، ومسار المريض.
ولتأطير هذا المسار، سيتم إعداد دفتر تحملات مرجعي يلزم كل المتدخلين، ويحول مخرجات الورشة إلى خطة قابلة للتنزيل، تقوم على التكامل المؤسساتي، والمقاربة التشاركية، والجرأة في مواجهة مكامن الريع والإفلات من الرقابة.
وفي معرض حديثه عن السياق السياسي العام، ذكّر الأمين العام بمضامين الخطاب الملكي ليوليوز 2016، الذي ربط بشكل مباشر بين محاربة الفساد وقوة الدولة وكرامة المواطن، معتبرا أن هذه الورشة لا تستحضر فقط تلك التوجيهات، بل تضعها في قلب عمل استراتيجي عملي، يسائل الفاعلين ويلزمهم بآجال ومؤشرات دقيقة.
ووجه دعوة صريحة إلى بناء تحالف وطني متعدد الأطراف، يجمع بين الدولة والمجتمع، بين المؤسسات الدستورية والفاعلين المهنيين، وبين الرقابة والمواكبة، من أجل إرساء مناعة طويلة الأمد ضد كل أشكال الفساد التي تمس الحق في الصحة.
وقال بنعليلو أن مايتم إنجازه هو دفاع عن جوهر المواطنة، فالشفافية يقول ليست ترفا مؤسساتيًا، بل يؤكد أنها ضمان للعدالة والكرامة داخل المرفق الصحي.