الورقة السياسية المقدمة في المؤتمر الإقليمي الثاني للحزب بجرسيف .. تقوية المشاركة السياسية والانتخابية الحقيقية بالإقليم يستلزم من الفاعل السياسي أن يكون فعله السياسي الأخلاقي والنزيه أساس القرارات السياسية

مدخل عام:

أتبت حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على مر التاريخ، انه حزب يلتزم بالدفاع عن القضايا المجتمعية، ويساهم بإرادة فعالة في البناء الديمقراطي في المغرب. إلا ان تحقيق هذا الرهان، بالشكل المطلوب، يستدعي الالتزام أولا، بالشفافية والنزاهة في كل المحطات، كما يشترط ثانيا، خلق التوازن المؤسساتي بين الأغلبية والمعارضة في المشهد السياسي.
إن المشهد السياسي الحالي، لا يمكن إلا أن يسهم في تآكل المكتسبات الدستورية، والإساءة إلى تصور الدولة الاجتماعية.
وهو مشهد له امتداداته جهويا وإقليميا، بشكل يقودنا إلى الحديث عن نوع من التمظهر للعدالة المجالية، في غياب التحقق الفعلي للعدالة الاجتماعية بين الجهات. وتمثل جهة الشرق، على الرغم من كونها واجهة حدودية نموذجا في فشل التنمية.
أما الوقع التنموي المتأخر بإقليم جرسيف، فإنه لا يعود لنذرة الموارد، بقدر ماهو نتيجة الفساد و التحالفات الريعية الناتجة عن ممارسات السلطة الإقليمية السابقة. ولعل بوادر التغيير اليوم، تؤكد أننا إزاء انطلاقة عادلة وواعدة.
وعلى ذلك، يحق لنا أن نتساءل هنا؛ ما هي أبرز التحديات السياسية التي تواجه حزب القوى الشعبية في تحقيق الأهداف المنشودة؟ وهل يمكن الحفاظ على مسار البناء الديمقراطي في غياب التوازن المؤسساتي؟ ثم ما السبيل لتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل حكومة ليبرالية؟ وماهي التحديات التي تعيق التنمية جهويا وإقليميا، على الرغم من وفرة الموارد؟ ومن المسؤول على التأخر التنموي في إقليم جرسيف؟ ثم ما الحلول الممكنة لإستعادة الثقة بين المواطنين والمسؤولين المحليين؟
البناء الديمقراطي في المغرب، إرادة الاشتراكيين في وجه الليبراليين

يمثل المسار السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مسارا يطبعه الإلتزام المستمر، فقبل تجديد أجهزة الحزب سنة 1974 وبعده، والاتحاديات والاتحاديون يتصرفون في إطار القانون والوفاء لقضايا المجتمع وهم يؤكدون في محطات عديدة أن سياسة القمع،أو سياسة التغول اليوم، تمثل خنقا للإرادات الشعبية، وخرقا للقانون وأعراف الديمقراطية. ففي 10 يناير 1975، حينما افتتح الحزب جلسات مؤتمره الاستثنائي في الدار البيضاء، ربط نضاله بثلاثة رهانات أساسية؛ التحرير والديمقراطية والاشتراكية، ووضع الحزب مشروعا مجتمعيا ورؤية مستقبلية لبرنامج اقتصادي واجتماعي. وقد شكل ذلك المسار نقطة تحول تاريخية أفضت إلى الخيار الديمقراطي. وثمار ذلك الالتزام اتضح بشكل جلي في تسعينيات القرن الماضي،ونتج عنه حكومة التناوب التوافقي بقيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تليه إصلاحات دستورية عام 2011.
إن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في علاقته بذاته، استطاع اليوم بعد مسار عسير، وبفعل تجاربه، استعاد المواطنات والمواطنون الثقة في الفاعل السياسي الاتحادي، وما انتخابات 2021 إلا تعبير واقعي عن ذلك، على الرغم مما شاب الاستحقاقات من فساد مالي و استغلال للسلطة.
وفي هذا السياق، من الواجب أن نؤكد أن توفر شرطي الشفافية والنزاهة في المشاركة الانتخابية أمران أساسيان في البناء الديمقراطي للوطن، وتعزيز التحول الحقوقي الذي عرفه المغرب بعد دستور 2011. فإلى جانب ارتكاز الدستور على مبادئ الشفافية ونزاهة الانتخابات، فقد أعاد ترسيخ دور البرلماني باعتباره ممثلا أعلى للأمة وضامنا للشرعية الانتخابية. وبهدف ضمان ذلك، فإنه لابد من بناء عملية انتخابية حرة، وتمثيل عادل، وتعزيز المساواة بين الجنسين ومشاركة الشباب. وبالعودة للدستور، نجد أن مكانة المعارضة ودورها متميز في المشهد السياسي، إلا ان ذلك لا يتأتى فعليا دون خلق توازن مؤسساتي.
فمنذ الولادة العسيرة لحكومة 2021، والمشهد السياسي بالمغرب يعاني اختلالا لموازين القوى بين مكونات الحكومة وأطراف المعارضة، وهو مشهد وصفه الاتحاديات والاتحاديون بالتغول الحكومي، وهويعبر عن مخاوف الحزب من تآكل المكتسبات الدستورية أولا. وتنبيها لتحويل دور المعارضة إلى مجرد مكون لتأثيت المشهد السياسي ومشاركة تشريعية صورية رغم القوة الاقتراحية والنوعية الذي يمكن أن تقوم بها.
ان الدور الحيوي الذي تمارسه المعارضة الاتحادية اليوم، من خلال مراقبة الأداء الحكومي، وكشف تجاوزاتها ومساءلتها، بل وتقديم البدائل، لا يمكن إلا أن يعزز من النقاش العام حول القضايا السياسية والاجتماعية وجذب المواطنات والمواطنين لممارسة حق المواطنة وخلق الوعي السياسي والانخراط فيه.
فإلى جانب التحديات السياسية والانتخابية، فإنه على الصعيد الاجتماعي نلمس،أن حكومة اليوم علامة على تزاوج حنيني بين السلطة والمال، وهو ما يشكل تهديدا فعليا لمبادئ الديمقراطية. فبدل أن تنكب على إصلاحات هيكلية،وتنفد التزاماتها بما يهدف إلى تحسين النظام الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق العدالة المجالية، والتوزيع المتوازن للتروات إستجابة لمطالب المواطنات والمواطنين وتنزيل الدولة الاجتماعية بالشكل المطلوب، فإنها تعمل بنهج نيوليبرالي وبلا تحفظ، متممة بذلك ما قامت به حكومة بنكيران من إجهاز على المكتسبات الاجتماعية، سواء من خلال سعيها الدؤوب إلى خصخصة الخدمات الاجتماعية، ونقل ملكيتها إلى القطاع الخاص وتقليص الإنفاق الحكومي،أو تعزيز الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام، ومن تم تقليص أدوار الدولة الاجتماعية.. وهي جلها مؤشرات عن حكومة ليبرالية، ما خلف وراءه تزايد معدلات النمو بشكل مضاعف وتزايد الفقر والهشاشة وارتفاع البطالة وتفاقم الفوارق الاجتماعية وحتى المجالية.
جهة الشرق، العدالة المجالية أساس العدالة الاجتماعية

تعد العدالة المجالية مدخلا أساسيا لإحقاق العدالة الاجتماعية، لما تضمنه من توزيع متوازن ومتكافئ للاستثمار، والاستفادة مما يختزن في بلدنا من تروات طبيعية وطاقات بشرية. فتوجه المغرب نحو إرساء الجهوية الموسعة، كما كل التجارب الديمقراطية،يؤكد على أهمية العدالة المجالية والاجتماعية في توطيد المسار الديمقراطي، وتحقيق التنمية المستدامة.
إن كل الزائرين لجهة الشرق والقاطنين بها يسلمون بمحدودية النموذج التنموي القائم، وبلوغ مداه من زاوية آثاره على العدالة الاجتماعية، إذ من المطلوب ان يتأسس على العدالة المجالية وعلى ضمان فعلي للولوج إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية بشكل متساو بين الجهات، بل وإنصاف الجهات الهشة والفئات الفقيرة من خلاال الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للشباب عبر التكوين والتشغيل، وايجاد حلول عملية لمشاكلهم الحقيقية، خاصة في المناطق القروية والجبلية والأحياء الهشة والفقيرة بجهة الشرق. ونعتبر ان هذه الأسس لن تجد تجسيدها الواقعي بالجهة إلا عبر هدفين ملتزمين يتمثلان في؛ الحد من الفوارق الطبقية ومعالجة التفاوتات المجالية.
إن غياب العدالة المجالية القائمة على المساواة المنصفة لجهة الشرق، سيتركنا حبيسي الاختلالات العميقة للتركة الاستعمارية، التي كرست منظورا تمييزيا لمغرب نافع ومغرب غير نافع، في توزيع الاستثمارات والبرامج والمرافق العمومية، وسيفضي الى خلق الإنسان والزمن غير الضروريين، في مقابل الانسان والزمن الضروريين. لذلك نؤكد من داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن تجسيد العدالة المجالية في حاجة إلى نفس جديد، تمليه متطلبات التنمية والطابع التراكمي للتفاوتات المجالية بين الجهات، خاصة بعد العجز المسجل والظاهر في ظل فشل رهان تقليص الفوارق المجالية بجهة الشرق. وهو نفس يستوجب أن يهدف إلى دمقرطة المؤسسات الجهوية، وتفعيل اللامركزية للتخفيف من وطأة المركزة في تدبير سياسات العدالة المجالية.
إن تراجع إرادة الفاعل السياسي من أجل المساهمة في تأهيل جهة الشرق لتتبوأ مكانتها كواجهة اقتصادية وتنموية أساسية، من خلال الانخراط الفعلي في تنزيل برامج الدولة ذات الصلة واقتراحات مبدعة، هذا لن يتأتى إلا عبر اختيار الناخبات والناخبين التوجه السياسي الذي يقترح كفاءات فاعلة ميدانيا وبرامج ترفع سقف انتظارات ساكنة الجهة اقتصاديا، اجتماعيا وثقافيا..
وإذا كانت جهة الشرق عرفت تحسنا طفيفا في مؤشرات التنمية الاجتماعية في ظل المبادرات من خلال الإرساء التدريجي للبنيات التحتية، والمرافق، والتجهيزات العمومية ببعض المناطق المهمشة، فإنها بالآونة الأخيرة ونتيجة تجليات التغول الحكومي بالجهة، نلمس ارتفاعا ملحوظا في مؤشرات الفقر والهشاشة الاقتصادية، وتراجع المشاريع المنجزة ضمن برامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.
ارتباطا بذلك، فإن العدالة المجالية ليست مجرد لعبة أرقام أو مزايدات سياسية، بل هي محك لنجاعة السياسات العمومية في التشغيل والتعليم والصحة والسكن… وهو ما يحتمل على كل الفاعلين بجهة الشرق، كل من موقعه، الموازنة بين وضع استراتيجية مندمجة لآجثتات الفوارق الترابية من المنبع عبر تدعيم الأساس الجهوي في بناء السياسات وتوزيع الموارد، والاستثمارات العمومية، وبين سن حزمة متكاملة من التدابير الاستدراكية لفائدة الجهات والمناطق المستضعفة منها إقليم جرسيف.
إقليم جرسيف، موقع استراتيجي وواقع متأخر

رغم التموقع المحوري لإقليم جرسيف بين الجهات، حيث يربط بين الشرق والغرب، ورغم ما يزخر به من طاقات بشرية ومؤهلات طبيعية، فإن واقعه التنموي يظل بعيدا عن طموحات الساكنة.
فما الأسباب الفعلية المعيقة للواقع التنموي بالإقليم؟ هل ترتبط بضعف الموارد أم بانعدام الرؤية أم تعود لمنظومة إدارية فاسدة أم تتصل بالمجالس المنتخبة أم لعوامل متضافرة حولت الإقليم من فرصة واعدة إلى مجال مستغل؟ وهل هناك بوادر التغيير نحو إنطلاقة عادلة؟
الفساد و التحالفات الريعية أصل التأخر التنموي بالإقليم

تعد الموارد الطبيعية والبشرية من أهم العوامل التي تساهم في تحقيق التنمية. وإقليم جرسيف يمتلك مؤهلات طبيعية من أراض خصبة وموارد مائية مهمة، كما يمتلك مؤهلات بشرية ماهرة ومبتكرة. ولكنها موارد لم يتم استغلالها بالشكل الفعال، مما يستدعي منا ضرورة تشخيص واقع ضعف التنمية بالإقليم.
إن المتتبع للشأن المحلي بالإقليم، يلمس بالسنوات الأخيرة انحراف قطار التنمية عن اتجاهه، حيث أدى الفساد و التحالفات الريعية التي عاشتها ساكنة الإقليم إلى تحويل الموارد المخصصة للتنمية إلى موارد تخدم المصالح الذاتية سواء في صورة أشخاص او تنظيمات جمعوية او تنظيمات سياسية، بدل خدمة الصالح العام.
فمنذ إحداث عمالة جرسيف سنة 2010 ومسلسل التنمية يتجه إلى الأحسن. إلا انه مع سنة 2017 سيشهد الإقليم انتكاسة، حيث ستعيش الساكنة فوضى فساد، دمرت الثقة بين الأفراد والمؤسسات كما دمرت الثقة في الخدمات العامة، ونتج عن تلك الأزمة ما عرف سنة 2019 بالحراك الإقليمي ضد منطق التحكم الذي كانت تمارسه السلطة المعينة على كل الشرفاء والمناضلون من ساكنة الإقليم، وهو تحكم لا يتصل فقط بإرادات الأشخاص وانتماءاتهم السياسية، بقدر ماهو تحكم كذلك في منابع التنمية بالإقليم، سواء من خلال تعطيل اشغال البنية التحتية بتواطؤ مع المجالس المنتخبة او في تعطيل الاستثمارات المحلية، او من خلال تأثير ذلك التحكم على العدالة الاجتماعية نتيجة التمييز والظلم اللذين مورسا على إرادات بعض التنظيمات السياسية الفعالة بالإقليم كحول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. بل والعمل على تجييش أغلب “الفعاليات السياسية” الأخرى ضده سواء كتنظيمات سياسية أو كمجالس منتهية او فعاليات المجتمع المدني، فمنها من تعتبر حراك ساكنة الإقليم انذاك، لا مشروعية له والحال ان الإقليم يعرف طفرة مع شخص العامل المنتهية صلاحيته، ومنها من اعتبره حراكا مفاجئا وأن ما تعبر عنه الساكنة مجرد مزايدات على السلطة الإدارية.
إن تدافع كل من الرغبات التي تسعى ما أمكن إلى خدمة المصالح الذاتية، وإرادة الفاعلين المحليين التي تطمح إلى خدمة الصالح العام، خلف وراءه وضعا تنمويا هشا بالإقليم.
فبخصوص الاستثمارات، فلم يكتفي التحالف الإقليمي بين السلطة المعينة ومكونات حكومة التغول إقليميا بإفشال الاستثمارات القادمة من خارج الإقليم، بل عمل بجد وتعاون على إجهاض المبادرات الاستثمارية الداخلية، وتمثل الوحدة الصناعية لإنتاج الحليب أبرز مثال عن ذلك، وهو مشروع كان يشرف على تدبيره وبطريقة مباشرة شخص العامل السابق، ولا ترتبط علل الفشل الذريع للمشروع بطريقة تدبيره فقط، بل تتصل أساسا بدوغمائية المسؤول المباشر عنه، ويكفي العودة للسؤال الكتابي الذي وجهه البرلماني الاتحادي عن إقليم جرسيف إلى السيد وزير الداخلية في 27 مارس 2022 لنجد المسار الذي أخده المشروع منذ ولادته مرورا بلحظة تدشينه المتعثرة وصولا إلى لحظة إجهاضه، مع تحديد علل ذلك الفشل. الى جانب إجهاض مشاريع استثمارية أخرى تم الترافع عليها، تهم إنتاج الزيت والزيتون، وتعليب السمك، والتآمر على الحي الصناعي، ومصادرة أراضي الرعي الشاسعة وتفويتها للمجموعات المحضوضة من الخواص على الرغم من أن كل المؤشرات تؤكد تراجع الفرشة المائية، والقائمة طويلة.. دون مراعاة المسافة المطلوبة في تحمل المسؤولية والحيادية اللازمة بين السلطة الإقليمية ورؤية المشرفين عن تلك المشاريع في تدبيرهم لها.
إن ما كانت تتوهمه السلطة الإقليمية مشاريع تنموية، أدى إلى تأزيم الوضع بالإقليم. فأزمة الماء بإقليم جرسيف لها خصوصيتها بالنظر لأغلب الأفاليم وطنيا، إذا ما استخضرنا الموارد المائية الغنية التي يمتلكها الإقليم، ذلك ان أزمة العطش التي عاشتها الساكنة مردها اساسا إلى سوء تدبير المتوفر الغني، تدبير بعقلية احادية ووفق هندسة سياسية مسبقة يغيب فيها التدافع المتوازن بين التركيبات المؤثرة على القرارات الإقليمية، متعمدة بذلك إنعاش التحالفات الريعية.
ولا بد أن نذكر في هذا السياق، بالمعركة التي خاضها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالاقليم ضد الفساد و المفسدين وفي سبيل الترافع على تلك المشاريع التنموية، سواء من خلال معركة تاطيرية وتوعوية عبر ما أصدرته الكتابة الإقليمية من بيانات رافعة لشعار محاربة الفساد و المفسدين والمطالبة بالإنصات لصوت الساكنة في مطالبها بتمكين الإقليم من أطر إدارية تؤمن بالعمل التنموي والاجتماعي وتعمل على استبعاد كل الفاسدين ومحاسبتهم، أو من خلال الأنشطة الحزبية التي تم تنظيمها، او من خلال العمل الدؤوب الذي يقوم به النائب البرلماني في الترافع على الملفات الكبرى بالاقليم ضدا على كل تلك الممارسات التي ساهمت في عرقلة التنمية بالإقليم.
أما بخصوص التجربة الانتخابية التي عاشها الإتحاديات والاتحاديون بإقليم جرسيف في استحقاقات 2021، فثمتل درسا اتحاديا في النضال وتبات المبدأ، ليس فقط نسبة لما يعرف عن الحزب من نقاء انتخابي ونزاهة الفاعلين السياسيين الاتحاديين في منافسة الفساد المالي، بل اعتبارا كذلك، لقدرته في انتزاع المقعد البرلماني وحصوله على المرتبة الأولى رغما عن التحالف العلني ضد كل من أعلن انتماءه وترشحه للإنتخابات الجماعية والبرلمانية، سواء من حيث استغلال عوز وبؤس الفقراء، أو في غض الطرف عن معاينة التجاوزات الانتخابية.. وهي كلها ممارسات أتبت من خلالها ساكنة الإقليم أنها حرة ومتشبعة بقيم العمل الجاد والتعاون وتطوير حلولا جديدة لمواجهة الفساد في مقابل الإنتهازية واللامبالاة والفساد والإستغلال.
الأمل في التغيير
نحو انطلاقة واعدة

إن كسر منطق الريع والتحكم واستبداله بالمحاسبة والكفاءة في تدبير الشأن المحلي، يعد شرطا أساسيا لإمكانية تغيير الوضع القائم بإقليم جرسيف.
ويمثل التواصل الذؤوب مع أفراد المجتمع المحلي وهيئاته السياسية والجمعوية التي تحمل هموم الإقليم، قصد فهم احتياجاتهم ومشاكلهم، وتقديم المقترحات والمطالب وبناء الشراكات، مؤشرا فعليا على إمكانية تغيير الوضع القائم بالإقليم.
كما نؤكد أن تبني المسافة الحيادية المسؤولة، تجاه كل التنظيمات السياسية بالإقليم، بدوره، مؤشرا حقيقيا على إمكانية التغيير، والدفع في اتجاه وضع آليات لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة وتحفيز كل المبادرات المحلية والمشاريع الصغيرة.
ولا شك أن بعض الجهود الملموسة، ستمكن من استعادة الثقة بين ساكنة جرسيف والمسؤولين المحليين، وتوفير بيئة محلية أكثر عدالة وازدهار. ولا بد ان نؤكد كذلك، على ان استعادة ثقة المواطن في المؤسسات يستوجب خلق خدمات عمومية فعالة اقليميا، على مستوى الخدمات الأساسية والاجتماعية والحضرية والأمنية.
إن تقوية المشاركة السياسية والانتخابية الحقيقية بإقليم جرسيف، يستلزم من الفاعل السياسي ان يكون فعله السياسي الأخلاقي والنزيه اساس القرارات السياسية، مع ما بطبعه من شفافية ومساءلة في جميع الممارسات السياسية. وان يستمر الفاعل السياسي وطنيا في محاربة كل مظاهر الفساد بحزم، من خلال الكشف عنها، والترافع من أجل ربط المسؤولية بالمحاسبة.


بتاريخ : 25/06/2025