الوزير الأردني السابق للبلديات حازم قشوع لـ الاتحاد الاشتراكي: على الأطراف المعادية للمغرب في دول الجوار أن تدرك أن الأهم من كل تطلعاتها، هو الأمن والاستقرار في المنطقة

في حوار أجريناه مع الوزير الأردني السابق للبلديات السيد حازم قشوع، خلال زيارته للجنوب المغربي وتحديدا مدينة الداخلة، قال قشور، كنت أتمنى أن يدرك الجميع أن الأقاليم الجنوبية هي أقاليم مغربية، وأن الحالة الجنوبية في إطار الجهوية، ستكون كفيلة بتأطير كل الآمال المعقودة على إيجاد مناخ لحكم محلي ، وأن هذا الحكم المحلي وعاء لبرامج تنموية هامة، إضافة إلى الجهود الكبيرة التي نراها اليوم على أرض الواقع. ولهذا على الأطراف المعادية للمغرب في دول الجوار، أن تدرك أن الأهم من كل هذا، هو الأمن والاستقرار في المنطقة . ومن له أهداف في فتح الأبواب على المحيط الأطلسي، فإن ذلك يمكن عبر قنوات دبلوماسية سلمية وليس بفرض حالات لن تفضي إلا لمزيد من العنف والتوتر.
وقال الوزير الأردني عن منطقة الشرق الأوسط، إنها تعيش مخاضا سياسيا،نتيجة التحولات التي وقعت. والأمر لا يتعلق بالنمو الديمغرافي فحسب، ولكن أيضا على مستوى الجغرافية السياسة ، وما تلاها من تطورات في الأوطان المعنية ، لأنه حين تشتد الهزات في هذه المناطق، تتولد حمايات فرعية، أي يبدأ التغيير في الدساتير والقوانين في اتجاه حماية الشرعية، وكافة التعقيدات الدينية والمذهبية، مضيفا أن ما شهدته الساحتان السورية والعراقية وكذا ليبيا وغيرها من مناطق التوتر ، كان له انعكاسات كبيرة على المستوى المنطقة والاستقرار في منطقة بمجملها، مؤكدا أن الحفاظ على الحضور الاستراتيجي في المنطقة، هو طريق للحفاظ على الإنجاز، الذي تحقق على مستوى المكتسبات في المسار في الدولة والمجتمع.

 

 

السيد حازم، مرحبا بك في حوار للاتحاد الاشتراكي ، نود أن ندشن معالمه بموقع الدولة الأردنية الهاشمية الآن في محيطها الإقليمي والدولي، في ظل التحولات العميقة التي عرفتها المنطقة في العلاقات العربية العربية والعلاقات العربية الدولية والعربية الإفريقية وموقع المغرب والأردن فيها على مستوى التنسيق الثنائي والعام؟

بدءا، أحيي- من خلالك- أصدقاءنا ورفاقنا في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ودورهم المميز التاريخي، والحالي في الدفاع عن القيم الديمقراطية والحداثية، كما أؤكد من خلال منبركم أن «الاتحاد الاشتراكي» بالنسبة إلينا في حزبنا وفي الأردن بصفة عامة، له ماض نضالي، وله تاريخ كبير، وله حاضر يستحق الإشادة والثناء في استمراره في الدفاع عن القيم، ضمن مشروع مجتمعي يهمنا كذلك في الساحات العربية.
هذا التقديم، يجرني إلى الجواب عن جزء من سؤالك حول العلاقات الأردنية المغربية والمشترك القوي بين البلدين وبين نخبهما ، خصوصا وأننا اليوم نستحضر هذه العلاقة أمام مشهد يتغير ، تحضرنا فيه قيم الاتحاد الاشتراكي في الدفاع عن سيادة الأوطان.
إن المنطقة التي تودين مساءلتنا عنها، تعيش مخاضا سياسيا،نتيجة التحولات التي وقعت، والأمر لا يتعلق بالنمو الديمغرافي فحسب، ولكن أيضا على مستوى الجغرافية السياسة ، وما تلاها من تطورات في الأوطان المعنية. فلمّا تشتد الهزات في هذه المناطق، تتولد حمايات فرعية، أي يبدأ التغيير في الدساتير والقوانين في اتجاه حماية الشرعية، وكافة التعقيدات الدينية والمذهبية. فما شهدناه في الساحتين السورية والعراقية وكذا ليبيا وغيرها من مناطق التوتر ، كان له انعكاسات كبيرة على المستوى المنطقة والاستقرار في منطقة بكاملها، وكلما حاولنا الحفاظ على الحضور الاستراتيجي في المنطقة، نستطيع أن نحافظ على الإنجاز الذي تحقق على مستوى المكتسبات في المسار في الدولة والمجتمع.
وهنا، لا أعني أننا نريد أن ندافع عن التقدم الحاصل في الأردن، أو نغفل السنوات العجاف التي مرت بالمنطقة ، بقدر ما نريد أن نقر بالمكتسبات التي أحرزناها ، والتي تحدد منطلقنا نحو المستقبل في إطار المخاض السياسي الذي أشرت إليه.
الأردن، يريد أن يحافظ على ما أنجزه في معارك الديمقراطية والتعددية ، وأن يعرف انتخابات تشريعية ومحلية جهوية . ونحن اليوم، مصرون على مواصلة المعركة الديمقراطية بالآليات الانتخابية التي اكتسبناها دستوريا. وهذا ما يؤكد على أن الأردن مستقر وآمن وقادر على إنتاج المستقبل الذي نريد في مأسسة الحياة السياسية فيه، و التي شهدنا فيها الإصلاح الدستوري بقيام المحكمة الدستورية ولجن ساهرة على تجويد العمليات الانتخابية.
وبخصوص الربيع العربي، فالأردن استطاع أن يحافظ على أمن واستقرار المنطقة والدفاع عن الإنسان في قلب ما سمي الربيع العربي، باستضافة مليون ونصف لاجئ سوري فارين من الجحيم ، مطالبين بالحياة. وفي هذا الصدد، عمل الأردن على الانخراط في المجهود الدولي في إطار احترام حقوق الإنسان وسيادة الدول.
إن الأردن يعتبر المنطقة ككل، دولة واحدة. لهذا قدمنا على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي ما يمكن تقديمه، لكن لا ننفي أن الأردن يواجه تحديات كبيرة لها علاقة بالاقتصاد، الذي تعرض -جراء هذا الوضع- إلى تحديات كبيرة، طالت مستوى معيش المواطن الأردني. والدولة اليوم، تعمل على إصلاحات اقتصادية جوهرية. وأملنا أن المجتمع الدولي، يقف إلى جانب الأردن والنظام العربي واحد منه، لأنه يستحق دعمه، سيما الدور الذي يقوم به في استقرار المنطقة، ناهيك عن الدور السياسي، نيابة عن النظام العربي والمجتمع الدولي،

نحن نتفهم الوضع في الأردن، خصوصا وأنها في منطقة تسمى بدول الطوق، بما عاشته وما تعيشه إلى الآن. فالوضع في سوريا معقد، وفلسطين مازالت تجتر آلامها ولبنان . ونحن نعرف التضحيات الجسام التي يقدمها الشعب الأردني والدولة الاردنية خاصة تُجاه فلسطين، لكن السؤال الذي أريد طرحه خصوصا وأنكم تبوأتم مراكز قرار هامة في الدولة الأردنية: كيف تقرأون اليوم التدخل الروسي والأمريكي والأجندات المطروحة، التي تحمل الصراع القائم بين المركزين العالمين على المنطقة، وهل الحلول العسكرية المتخذه كفيلة بحلول للاشتعال القائم الذي أصبح يلقي بظلاله على العالم بأسره، سواء في إنتاج مزيد من الإرهاب والتطرف الديني، أو تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، التي مست المعيش اليومي لساكنة المنطقة؟

إننا نعيش حالة شد عالمي، وليس فقط حالة شد محوري، لكن حالة الشد العالمي ولدت ثلاث قوى محورية في هذه المنطقة. المشروع الأول هو مشروع عثماني تقوده تركيا وقطر. والمشروع ينهال من ولاية الفقيه تتزعمه بلاد فارس ، وله استقطاباته في النظام السوري ولبنان والعراق، وهذه النقط الاستقطابية، خلقت أجواء لها انعكاسات على كافة البلدان في المنطقة ، وأصبحت كافة البلدان المجاورة مهددة، فإما أن تكون في هذا الاتجاه أو ذاك.
لقد ضرب الإرهاب كل العواصم. ولهذا فالمجتمع الدولي كله معني بترسيخ الأمن والاستقرار في هذه المنطقة ، وإعادة بلورة حالة سلمية وأمنية على صعيد الإقليم. أما المشروع الثالث، فهو مشروع يجيب عن سؤال: كيف يمكننا مواجهة التطرف بكل أشكاله؟ والأمر هنا لا يعني الميدان بل يعني الفكر، وبالتالي يجب أن نفتح الباب واسعا لحوار ديمقراطي يراعي الاختلاف والتعدد،ولا يتعلق الأمر في هذا الصدد، بالفئة التي ترفض ذلك. لذا نحن نقول وبكل وضوح بضرورة ترسيخ التعددية والديمقراطية، وإفساح المجال لإيجاد حوار بناء يفضي لحالة التشارك بين المجتمعات والفئات، نحقق فيها أولا حالة القبول التي ينبغي أن تكون قائمة ، إن على الصعيد الإثني أو الديني أو الثقافي، لأننا أمة ولدت من رحم الحضارة والثقافة، وبالتالي يتعين أن نحافظ على ذلك. وعلى الولايات المتحدة كما روسيا أن تدركان أن شعوب المنطقة لها مشترك قوي. وعندما تُفرض على الشعب الفلسطيني حلول، فذلك له انعكاسات وخيمة على الأمن والاستقرار، كما على المجتمع الدولي أن يدرك أن حل القضية الفلسطينية هو الحل المركزي في المنطقة برمّتها. وهذا الحل،طبعا، لا يأتي بالإكراه والعنف ولا الحلول الأحادية، بل بالجلوس على طاولة المفاوضات التي بإمكانها أن تفضي إلى حلول يقبلها الطرفان .

في هذا الصدد هل التكتلات العربية كفيلة بطرح هذا التوجه وفرضه أمام المجتمع الدولي؟

هذا سؤال هام وجوهري. نعم، نحن بأمسّ الحاجة لأن يكون لنا ذلك. فالحماية العربية كفيلة بحماية أرضنا وشرفنا وعرضنا . فنحن نتحدث في هذا الصدد عن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، لكن مع الأسف، لم نشهد انتفاضة كما ينبغي أن تكون،عندما حاول الرئيس الأمريكي رولان ترامب أن ينال من قدسية ومكانة القدس. وفي الواقع، هذه مسؤولية كبيرة تاريخية. وإذا كان العاهل الأردني مدعوما من أخيه جلالة الملك محمد السادس، وباقي الأنظمة، قد انبرى لهذه المهمة، فذلك لا يكفي. فالشجب والاستنكار غير كافيين ، بل يتوجب أن تكون ثمة خطة استراتيجية يتحاور فيها العرب مع الغرب، يؤكدون خلالها أن لا مساس ولا قبول بأي معادلة أحادية، تتضمن أن تكون القدس عاصمة إسرائيل المزعومة. إذن هذه نقط جوهرية، فإن لم تنتفض الأمة العربية في هذا الظرف ، فقولي لي بالله عليك ، متى ستنتفض؟

طيب السيد الوزير، تعرفون أن المغرب يتبوأ رئاسة البرلمان العربي في شخص الأستاذ الحبيب المالكي، ما هي رسالتكم للقيادة البرلمانية العربية، وللبرلمانات العربية في القيادات القطرية؟

بصراحة، أنا أسجل كل آيات التقدير والاحترام للرفيق الحبيب المالكي، لدوره، ولحضوره الوازن، وأدائه، وتميز مواقفه المنسجمة مع تاريخه النضالي في صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وبالتالي، أكرر ما قالته قيادات برلمانية إشادتنا بمواقفه في نصرة قضايانا، ونأمل أن يتم تمتين وتصعيد هذا الدور وتنويره. ونظرتنا هاته، هي نظرة ممزوجة بآمال معقودة على تبوؤ الحبيب المالكي والمغرب لرئاسة البرلمان العربي، لما تتمتع به شخصيته من القدرة على الفعل ، كذلك لمكانة المغرب ودوره في الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإنسانية. والبرلمان يشكل حماية لهذه القضايا . وعلى البرلمان أن يقوم بدوره، وأن يكون بوابة أيضا للحراك الدبلوماسي العربي، انسجاما مع الدبلوماسيات الرسمية في الحكومات والأنظمة.
نعم، يستطيع الحبيب المالكي فعل ذلك، ونحن نعوّل عليه كثيرا في تقديم رسالة تلو الأخرى، لا سيما ونحن نعيش دقة المرحلة وتحدياتها، ونحن في أمس الحاجة لنوحد الجهود العربية وتشكيل رافعة عربية.

أنتم تحضرون السيد حازم منتدى كرانس مونتانا بالداخلة، في قلب أقاليمنا الجنوبية ، ما هي رسالتك للأطراف المتحرشة بالوحدة الترابية للمغرب، وأنت تدافع في هذا الحوار عن سيادة الدول واستقلالها؟

وددت لو أن الجميع يدرك أن الأقاليم الجنوبية هي أقاليم مغربية، ولا يجور أن نظل نراوح مكاننا في هذا الجانب، علما بأن الحالة الجنوبية في إطار الجهوية، ستكون كفيلة بتأطير كل الآمال المعقودة على إيجاد مناخ لحكم محلي . وأنا أعتقد أن الحكم المحلي وعاء لبرامج تنموية هامة، إضافة إلى الجهود الكبيرة التي نراها اليوم على أرض الواقع. فما رأيناه من إنجازات اليوم في الداخلة، ليؤكد جدية الدولة المغربية في النهوض بالأقاليم الجنوبية المغربية من خلال تسخير كافة جهودها لإنزال رؤية الملك محمد السادس للتنمية والتطور. إنها إذن خطة عمل ترسّخ هذا المنحى ، ولا يمكن إلا احترامها والإشادة بها، وهذا ليس رأيي وحدي بل رأي كل من التقيناهم في كرانس مونتانا. وما لاشك فيه،أن أهل المنطقة من العيون إلى الداخلة، سيكونون في نفس التصور نظرا لجدية المشروع، ومجال تنزيله على أرض الواقع. من هنا يتعين على الأطراف المعادية في دول الجوار، أن تدرك أن الأهم من كل هذا، هو الأمن والاستقرار في المنطقة ، ومن له أهداف في فتح الأبواب على المحيط الأطلسي، فإن ذلك يمكن عبر قنوات دبلوماسية سلمية، وليس بفرض حالات لن تفضي إلا لمزيد من العنف والتوتر. .

شكرا لك السيد الوزير والأمين العام للحزب الديمقراطي الأردني


الكاتب : حاورته بالداخلة: بديعة الراضي

  

بتاريخ : 28/04/2018