انتقادات للوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية باعتماد نفس التدابير “الكلاسيكية” للمديرية
ضعف الحكامة، تعثر الرقمنة، تشجيع الاستيراد، الاحتكار، وعوامل أخرى وراء استمرار الخصاص في الأدوية والمستلزمات الطبية
مسار علامة “صُنع في المغرب” يصطدم بتكلّس المساطر والبيروقراطية الإدارية
انتقد عدد من الفاعلين في قطاع الصحة في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي»، الطريقة التي تدبّر بها الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية ملفات التراخيص التي تتعلق بمشاريع المستثمرين المغاربة الذين انخرطوا في ورش دعم التصنيع المحلي من أجل المساهمة في تحقيق السيادة الصحية، وفقا للتوجيهات الملكية، التي اتضحت الحاجة الماسة إليها خاصة خلال الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19.
علامة «صُنع في المغرب « أكد عدد من المنتقدين في تصريحات للجريدة أن مسارها تعترضه العديد من العراقيل الإدارية والمساطر التي يطبعها التكلس، سواء تعلق الأمر بالمستلزمات الطبية أو حتى الأدوية نفسها، مشددين على أن التوجه الحالي للوكالة هو نفس نهج مديرية الأدوية التي كانت تابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، مبرزين بأن التغيير الوحيد الذي طرأ يكمن في ذهاب مدير وقدوم آخر، خلافا لكل الانتظارات والآمال التي كانت معقودة على هذه المؤسسة لدعم الاستثمار المغربي الخالص في مجال الصناعة الدوائية ومنتجاتها الصحية المختلفة.
وأوضح عدد من الفاعلين لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن سؤال الحكامة يطرح نفسه بقوة في تدبير ملفات التراخيص الموضوعة لدى الوكالة، شأنها في ذلك شأن تعثر ورش الرقمنة، الذي كان من المفروض أن يشكل قيمة مضافة على مستوى تذليل الصعاب وربح الزمن الذي له كلفته الباهظة. وشدد المتحدثون على أن العدد المحدود للمقاولات المغربية التي تنشط في مجال تصنيع المستلزمات الطبية يبين وضعية المجال بشكل واضح ويكشف حجم القلق الذي يستشري في نفوس المقاولين المغاربة ويؤدي إلى فرملة الاستثمار المحلي، ونفس الأمر بالنسبة للتصنيع المحلي للأدوية الذي تراجعت نسبه بشكل كبير إلى 80 فـ 70 ثم 60 وحاليا إلى حوالي 50 في المئة، وفقا للتصريحات الرسمية، في الوقت الذي كان المغرب يحقق اكتفاء ذاتيا في هذا الإطار، بل ويقوم بتصدير مجموعة معينة من الأدوية إلى عدد من الدول، وتحديدا إلى تلك التي تنتمي إلى القارة الإفريقية، وهي الخطوة التي لم يكن لها بعد اقتصادي فقط بل كانت تندرج كذلك ضمن الرؤية الملكية للشراكة جنوب جنوب.
واعتبر عدد من المنتقدين بأن السياسة التي تعتمدها اليوم الوكالة، هي نفسها التي كانت تتبناها مديرية الأدوية، والتي تقوم على تشجيع الاستيراد خلافا للتصنيع المحلي، موضحين كيف أن كل الملفات باختلاف صيغها، سواء تلك التي تتعلق بالتصنيع المحلي أو الاستيراد تُعرض على نفس اللجنة خلال مدة زمنية متباعدة، لا تؤدي إلا لمزيد من الهدر الزمني، والحال أنه كان من المناسب جدا أن تكون اجتماعات اللجنة واختصاصاتها متعلقة بخصوصيات الملفات التي يتم تدارسها. وشددت ملاحظات الفاعلين في التصريحات التي تم الإدلاء بها لـ «الاتحاد الاشتراكي» على ضرورة إعادة النظر في منهجية تدبير ملفات الترخيص سواء للأدوية أو المستلزمات الطبية ومنتجات الصحة عموما التي تعتمدها الوكالة، مشددين على أن الاحتكار من جهة، واستمرار تبني البيروقراطية الإدارية، والاهتمام بملفات بعينها، لن يساهم في تحقيق السيادة الصحية التي ينشدها الجميع لبلدنا، هذا الهدف الذي يجب بذل جهد فعلي لتحقيقه من خلال الإنصات لكل الملاحظات والانتقادات، والانفتاح المسؤول على مختلف الشركاء وتذليل الصعاب أمام الجميع.