الولايات المتحدة لديها 336 مختبرًا في 30 دولة، من بينها 26 في أوكرانيا «الأسلحة البيولوجية» الأمريكية بأوكرانيا.. حقيقة أم مبرر روسي؟

نشرت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن تأكيدات روسية بشأن إنتاج أوكرانيا أسلحة بيولوجية بمساعدة الولايات المتحدة، وسط إصرار أمريكي بأن المختبرات لا تستخدم في صنع الأسلحة، ولكن لتأمين السموم ومسببات الأمراض المهددة للأمن القومي.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن روسيا أكدت أن لديها وثائق تكشف محاولة أوكرانيا محو أدلة لبرامج بيولوجية عسكرية تحظى بتمويل البنتاغون؛ حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا – في 9 مارس – إن لدى روسيا وثائق تثبت أن وزارة الصحة الأوكرانية أمرت بإتلاف عينات من الطاعون والكوليرا والجمرة الخبيثة ومسببات الأمراض الأخرى في 24 فبراير، عندما اجتاحت القوات الروسية الأراضي الأوكرانية.
وبحسب الصحيفة، فإن زاخاروفا تؤكد أن التدمير العاجل لمسببات الأمراض الخطيرة كان بهدف التستر على حقيقة أن أوكرانيا والولايات المتحدة انتهكتا المادة 1 من اتفاقية الأسلحة البيولوجية، فيما نقلت الصحيفة عن المتحدث باسم وزارة الدفاع إيغور كوناشينكوف قوله – في حديثه حول مستجدات الصراع في أوكرانيا – حول هذه المسألة: «كان الهدف من هذا البحث البيولوجي الذي يموله البنتاغون في أوكرانيا هو إنشاء آلية للانتشار الخفي لمسببات الأمراض الفتاكة».
وأوضحت أن الصين أرادت، من خلال وزير خارجيتها، إضفاء بعض الاتساق على هذه التصريحات؛ حيث أشار وانغ يي إلى أن «الولايات المتحدة لديها 336 مختبرًا في 30 دولة تحت سيطرتها، بما في ذلك 26 في أوكرانيا وحدها»، وهو ما جعل الكاتبة تتساءل: إلى أي مدى وصل التعاون بين أوكرانيا والولايات المتحدة في مجال البحوث البيولوجية؟ وهل يمكن أن تكون هذه الشراكة قد ولدت أسلحة يحظرها القانون الدولي؟
وأشارت إلى أن وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، لم تنكر، خلال جلسة استماع برلمانية بتاريخ 8 مارس، وجود «مرافق أبحاث بيولوجية» في أوكرانيا، غير أنها أعربت عن قلقها من «احتمال أن تحاول القوات الروسية السيطرة عليها»، وهو البيان الذي أثار شكوكًا بشكل سريع على الشبكات الاجتماعية بشأن صحة مزاعم روسيا المتعلقة بوجود مختبرات بيولوجية.
ولفتت الصحيفة إلى أن التعاون بين أوكرانيا والولايات المتحدة في مجال البحوث البيولوجية ليس سرًّا؛ حيث قال الباحث المشارك في مؤسسة البحوث الاستراتيجية، والمتخصص في الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، أوليفييه ليبيك، إن «أوكرانيا تشارك في برنامج يعود تاريخه إلى أوائل التسعينيات، يسمى التعاون للحد من التهديد»، وهو البرنامج الذي جاء بمبادرة من الولايات المتحدة دخلت حيز التنفيذ في سنة 1991، وكان الهدف من اتفاقية التعاون هذه عند إطلاقها «تأمين وتفكيك أسلحة الدمار الشامل والبنى التحتية الخاصة بها في دول الاتحاد السوفييتي السابق».
وبينت الصحيفة أن هذا التعاون يوفر التمويل والخبرة لدول الاتحاد السوفييتي السابق، مثل أوكرانيا وجورجيا وأذربيجان وبيلاروسيا وأوزبكستان وكازاخستان، لإتلاف مخزونات المواد النووية والبيولوجية والكيميائية؛ حيث تم تحويل المختبرات العسكرية السرية، بأعداد كبيرة على أراضي الاتحاد السوفييتي السابق، إلى مختبرات مدنية، وتساعد هذه المبادرة اليوم في الحماية من أسلحة الدمار الشامل أثناء التنقل، وتعزيز أمن الحدود البرية والبحرية في الاتحاد السوفييتي السابق.

شراكة تمتد لنحو 46 مختبرا

وأكدت الصحيفة أن الولايات المتحدة سعت لتحقيق تلك الأهداف في أوكرانيا من خلال برنامج المشاركة البيولوجية التعاوني الذي كان يُعرف سابقًا باسم برنامج الحد من التهديدات البيولوجية؛ حيث توضح مذكرة 11 مارس من وزارة الدفاع الأمريكية أن الولايات المتحدة استثمرت 200 مليون دولار في أوكرانيا منذ سنة 2005، ودعمت 46 مختبرًا ومنشأة طبية محلية، ويوجد خمسة منهم في كييف، وفقًا لوثيقة أخرى، موقعة من قبل عالم أمريكي يعمل في مركز أبحاث الكونجرس الأمريكي.
وتنقل الصحيفة من الموقع الإلكتروني لسفارة الولايات المتحدة في أوكرانيا سردًا للعديد من مهام بعثات برنامج الحد من التهديدات البيولوجية في أوكرانيا مثل تحديث أو بناء مختبرات، بما في ذلك اثنتان في عام 2019 في كييف وأوديسا، بالإضافة إلى برنامج إرشادي للكتابة العلمية للأوكرانيين، تم إطلاقه سنة 2016، كما دعمت واشنطن «العديد من المشاريع البحثية التعاونية» بين العلماء الأمريكيين والأوكرانيين.
وبحسب الصحيفة؛ فقد أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، خلال مقابلة أجراها يوم الأربعاء، إلى هذا «المشروع الأمريكي لنقل مسببات الأمراض عن طريق الطيور البرية المهاجرة بين أوكرانيا وروسيا»، في إشارة خاصة إلى «انتشار حمى الخنازير الأفريقية والجمرة الخبيثة».
ونقلت الصحيفة عن الباحثة في الأسلحة البيولوجية والمعلمة في كينجز كوليدج بلندن، فيليبا لينتزوس، تأكيدها أن هذه الاتهامات خاطئة، حيث قالت: «تؤكد جميع المؤشرات التي قدمها باحثون مستقلون ومسؤولون رسميون أن الولايات المتحدة تدعم إلغاء تنشيط العوامل البيولوجية وأن العمل في المختبرات الأوكرانية يهدف إلى منع الأوبئة»، فيما شدد أوليفييه ليبيك على أنه «لتطوير سلاح بيولوجي، لا يكفي وجود سلالة ممرضة، تحتاج أيضًا إلى نموذج لنشره مثل قنبلة، أو رذاذ قادر على حمل العامل الممرض دون قتله»، مضيفًا: «من الواضح أنه يمكن استخدام البحث الطبي في إطار برنامج عسكري، لكن ذلك ليس أمرًا مثيرًا للقلق ولا يقدم أي دليل على التخطيط لتطوير سلاح بيولوجي».
وذكرت الصحيفة أن الخطورة التي تشكلها هذه المواد تبرر مخاوف الولايات المتحدة؛ حيث حذر أوليفييه ليبيك من أنه «إذا تأثر أحد هذه المختبرات بضربة روسية، فلا يمكننا استبعاد الفرضية القائلة بأن أحد هذه العوامل الممرضة يمكن أن ينتشر في الطبيعة».
ولفتت الصحيفة إلى أنه بات من الواضح أن كييف وواشنطن أبرمتا شراكة تشمل العديد من المختبرات البيولوجية على التربة الأوكرانية، ولكن حتى يثبت العكس، فهي لا تستخدم في صنع الأسلحة، ولكن لتأمين السموم ومسببات الأمراض المهددة للأمن القومي.
وخلصت الصحيفة إلى القول بأنه قد تكون اتهامات موسكو وسيلة لتبرير غزوها لأوكرانيا لاحقًا، فهذه ليست هي المرة الأولى التي تستخدم فيها روسيا هذه الحيلة لزعزعة استقرار خصومها، ففي سنة 2018، اتهمت روسيا الولايات المتحدة بإجراء تجارب بيولوجية سرًّا في مختبر في جورجيا، التي تعد إحدى الجمهوريات السوفييتية السابقة التي كانت تهدف، على غرار أوكرانيا، إلى الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي.

النفي الأمريكي

في السياق نفسه نفى الرئيس الأمريكي جو بايدن، المزاعم الروسية، بتطوير أوكرانيا أسلحة بيولوجية وكيماوي، بالتعاون مع الولايات المتحدة، وقال إنها «ذريعة روسية لاستخدام هذه الأسلحة في أوكرانيا».
وأكد بايدن أن حلف شمال الأطلسي «ناتو» لم يكن موحدا أكثر مما هو عليه الآن إزاء الحرب الروسية على أوكرانيا.
وأضاف: «بوتين لم يعتقد أبدًا أن دول الحلف يمكن أن تكون متحدة إلى هذا الحد. الناتو متحد أكثر من أي وقت مضى، والسبب الأكبر هو بوتين».
وأوضح أن الولايات المتحدة قدمت ملياري دولار من المساعدات الدفاعية لأوكرانيا في آخر عام. وفي الوقت ذاته تحدث عن استخدام روسيا صواريخ فرط صوتية يستحيل اعتراضها في قصف أهداف بأوكرانيا.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي، جلسة طارئة، الأربعاء، للتصويت على مشروع قرار روسي بشأن أوكرانيا.
وقالت مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة، عن البعثة الروسية في نيويورك، طلبت عقد الجلسة للتصويت على مشروع قرار يتعلق بالأوضاع الإنسانية في أوكرانيا.
وكان المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة السفير «فاسيلي نيبزيا» قد أبلغ أعضاء المجلس (15 دولة) خلال جلسة طارئة للمجلس، عقدت الخميس، بأن مشروع القرار الإنساني الروسي الذي كان من المقرر التصويت عليه يوم الجمعة الماضي، لن يتم طرحه.
ويدعو مشروع القرار الروسي «جميع الأطراف المعنية إلى احترام القانون الإنساني الدولي وتوفير الحماية للمدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال والعاملون في المجال الإنساني».
كما يطالب جميع الأطراف بـ»الامتناع عن تعمد وضع أهداف ومعدات عسكرية بالقرب من الأعيان المدنية».
وأعلنت مندوبة بريطانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة «باربارا وودوارد» الأربعاء، أن بلادها لن تسمح بصدور مشروع هكذا قرار، وأن لندن ستصوت ضده حال طرحه للتصويت عليه.
واعتبرت السفيرة البريطانية أن السماح بصدور هكذا قرار، بمثابة «الإهانة»، وفق رسالة مصورة نشرتها عبر حسابها بـ»تويتر».
وقالت في رسالتها، إن «زملائنا الأوكرانيين كانوا واضحين بشأن مشروع القرار هذا.. إنه إهانة، ونحن نتفق معهم في ذلك».
وأكدت المصادر الدبلوماسية بالأمم المتحدة «صعوبة إن لم يكن استحالة تمرير القرار في المجلس نظرا لعدم قدرة موسكو على الحصول على النصاب اللازم لتمرير مشروع قرارهم، فضلا عن الاستخدام المتوقع لحق النقض «الفيتو» ضد مشروع القرار، من قبل 3 دول دائمة العضوية بالمجلس وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
ويتطلب صدور قرارات المجلس موافقة 9 دول على الأقل، شريطة ألا تعترض عليه أي من الدول الخمس دائمة العضوية (روسيا والولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا).

مشروع قرار معاكس

وفي السياق ذاته، وزعت بعثة جنوب إفريقيا لدى الأمم المتحدة على أعضاء الجمعية العامة، مشروع قرار منافس لمشروع القرار الفرنسي المكسيكي المشترك الذي تم توزيعه على ممثلي الدول الأعضاء في وقت سابق الإثنين، بخصوص العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وتتجنب مسودة قرار جنوب إفريقيا، الإشارة إلى روسيا باعتبارها الدولة المعتدية في النزاع الأوكراني الحالي، وذلك على عكس مسودة القرار المكسيكي الفرنسي.
وتكتفي مسودة قرار جنوب إفريقيا بالدعوة إلى «الوقف الفوري للأعمال العدائية، وتحث «كل الأطراف» على الحوار والتفاوض كما تدعو إلى تنشيط أدوار الوساطة بين أطراف الصراع.
وكانت جنوب إفريقيا واحدة من 35 دولة امتنعت عن التصويت على قرار الجمعية العامة الذي صدر، بموافقة 141 دولة واعتراض 5 دول، في 2 مارس الجاري.
وطالب ذلك القرار موسكو بالكف على الفور عن «استخدام القوة والامتناع عن أي تهديد أو استخدام غير قانوني للقوة ضد أي دولة عضو».
كما طالب روسيا بـ»السحب الفوري والكامل وغير المشروط» لجميع قواتها العسكرية من أراضي أوكرانيا داخل حدودها المعترف بها دوليا.
وفي وقت سابق، وزعت بعثتا فرنسا والمكسيك لدى الأمم المتحدة على أعضاء الجمعية العامة مشروع قرار مشترك بعنوان «العواقب الإنسانية للعدوان على أوكرانيا».
ويطالب مشروع القرار، بالوقف الفوري للأعمال العدائية، التي ترتبها القوات الروسية في أوكرانيا، لاسيما الهجمات ضد المدنيين والأعيان المدنية.
كما يطالب مشروع القرار كذلك بإنهاء الحصار الذي تفرضه القوات الروسية على مدينة ماريوبول جنوبي أوكرانيا.
ويحذر مشروع القرار المكسيكي الفرنسي المشترك من أن «حصار المدن الأوكرانية يزيد من تفاقم الوضع الإنساني للسكان المدنيين ويعيق جهود الإجلاء الجارية».
وعلى صعيد الوضع الميداني، اتهم المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» جون كيربي، القوات الروسية بارتكاب «جرائم حرب» في أوكرانيا.
وقال كيربي، إن روسيا لا تزال غير قادرة على دخول مدن مثل خاركوف وماريوبول وتشرنيغوف وكييف، مبينا أن ذلك يثير غضب الجيش الروسي أكثر.
وذكر كيربي أن القصف الروسي تسبب في دمار كبير وخسائر في صفوف المدنيين.
وأضاف: «بالتأكيد نرى أدلة واضحة على ارتكاب القوات الروسية جرائم حرب، ونساعد في جمع أدلة على ذلك».
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قال إن الهجمات الروسية ضد مدنيين في أوكرانيا تشكل «جرائم حرب»، وأضاف في مؤتمر صحفي: «استهداف مدنيين عمدًا هو جريمة حرب».


بتاريخ : 23/03/2022