اليسار الجديد وقضية الصحراء المغربية لم يقل الوالي إنهم يريدون إقامة دولة مستقلة في الصحراء 08

نستعرض في الحلقات الآتية سلسلة من المواضيع المرتبطة بمواقف اليسار الجديد بالمغرب بشأن قضية الصحراء المغربية. ولعل اعتمادنا اصطلاح « اليسار الجديد» يستند على التداول المرتبط بمدلولات هذا المفهوم في علاقته بتنظيمات اليسار الماركسي- اللينيني- الماوي بأقطابه الثلاث البارزة.   منظمة « إلى الأمام، ومنظمة 23 مارس، و»لنخدم الشعب». كما نعتمد هذا المفهوم للتمييز الموضوعي بين التنظيمات الديمقراطية واليسارية المغربية» الرسمية» التي اشتغلت في الشرعية السياسية، والتنظيمات اليسارية الراديكالية التي عبرت عن مواقف متطرفة إزاء قضية الصحراء تلتقي في مجملها في إقرار « حق تقرير المصير» بإقامة تمييز بين ساكنة الصحراء والمغرب، أو باعتمادها مفاهيم خاصة من قبيل « الشعب الصحراوي» و « البؤرة الثورية» و «النضال الثوري» و «التناقض مع النظام..» الخ.

 

كتب أحمد الحجامي في « معركة الذاكرة ، تفاصيل من تاريخ لم يكتب بعد ، موقع لكم (2016) :»في شتنبر 1970 ستنعقد أول لجنة مركزية لمنظمة 23 مارس …..وقبل أن تثار قضية الصحراء رسميا لأول مرة في هذا الاجتماع، كان الموقف المبدئي منها متضمنا في المطالبة باستكمال البلاد لاستقلالها الناقص وفي الموقف من جيش تحرير الجنوب. إذ الكل كان يتذكر الظروف التي حل فيها جيش التحرير بالشمال وانتقال جزء كبير منه إلى الجنوب لمتابعة الكفاح ضد المستعمر الاسباني والفرنسي لتحرير الأراضي التي ما تزال محتلة في ارتباط مع الثورة الجزائرية وفي أفق استرجاع موريطانيا والصحراء وكل ذلك كان في إطار المغرب الرسمي؛ إذ لا ننسى أن المغرب لم يعترف بموريطانيا إلا في فبراير 1970 وكانت هناك وزارة تسمى وزارة موريطانيا والصحراء لم يصدر الحسن الثاني أوامره بحلها الا في أكتوبر 1969، أي سنة فقط من اجتماع اللجنة المركزية ومناقشتها لقضية الصحراء. لذلك عندما طلبت المنظمة من الرفاق مناقشة القضية كانت هذه الخلفية واضحة أمام أعينهم وضوح الشمس.
ويضيف أحمد الحجامي «عندما نشرت أنفاس أوائل 1972مقال مصطفى الوالي بعنوان «فلسطين جديدة في الصحراء» فهم ذلك بكونه من باب حرية التعبير عن الرأي؛ إذ كانت أنفاس مجلة اليسار بكل تلاوينه. وكان هناك من الرفاق من انتقد نشر هذا المقال لأنه يمكن أن يتخذه حجة من طرف الحكم لضرب اليسار. وقد كتب لي أبو العزم في 9 مارس 1972 يقول: «إن ما نشر حول قضية الصحراء بأنفاس يعتبر متسرعا وعملا طفوليا يساريا لم يأخذ بعين الاعتبار الظرف الذاتي والموضوعي الذي نعيشه…».
ويستطرد قائلا «حوالي سنة 1973 بدأ الوالي وجماعة من الشباب الصحراويين الذي كانوا يدرسون بالجامعة المغربية يتحركون على الساحة الجزائرية بشكل محتشم وبإمكانيات جد متواضعة. ففي أحد الأيام أخبرني مسؤول مكتب جبهة تحرير عمان والخليج أن جماعة من «المعارضين المغاربة» يعلنون أنهم يناضلون ضد النظام المغربي وضد الاستعمار الاسباني في «الصحراء المغربية» ،وأعطاني نسخة من البيان الذي وزعوه بنسخ قليلة جدا لأنه مستنسخ على الكاربون وطلب مني توضيحا في الموضوع. وكان المسؤول الخليجي يعرف أن المغرب ما زال لم يسترجع كامل أجزائه المغتصبة ففهم تحركهم على هذا الأساس. ثم ربط لي الاتصال بهم. عقدت معهم عدة اجتماعات بحضور لحسن زغلول والمرحوم أحمد تفاسكا. وكان النقاش يدور حول النضال السياسي والمسلح ضد الاستعمار الاسباني في الصحراء وإمكانية التعاون بيننا وبينهم. لم يقل الوالي وصحبه قط إنهم يريدون إقامة دولة مستقلة في الصحراء ولم ينقل عنهم أحد من الذين كانوا يلتقونهم من حركات التحرر أن ذلك كان من بين أهدافهم حتى ذلك الحين. ألححت على الوالي في معرفة رأيه في إمكانية إدراج النضال الذي يخوضونه ضمن النضال العام للشعب المغربي، فأجابني حرفيا، بين الجد والهزل، «أنتم ياأخي شعب كثير.. وستأكلوننا». وكان اللقاء حميميا لدرجة أن الوالي – أمام إلحاح رفاقه بالمغادرة لأن هناك مهاما في انتظارهم – كان ميالا إلى إطالة اللقاء قائلا لأصدقائه : «إنني هنا بين أهلي».. اتصلوا كذلك بمناضلين من تنظيم الفقيه البصري الذي ربط لهم الاتصال مع الليبيين.. ثم دخل الجزائريون على الخط وأخذت المخابرات العسكرية تهتم بالشباب الصحراويين وسرعان ما ظهرت علامات هذا الاستقطاب في حياة البذخ التي بدأ الوالي يعيشها في فنادق الجزائر وأبرزها نقل هؤلاء الشباب من فندق آخر درجة بزنقة طنجة (فندق بروكسيل) الى فندق سان جورج الأعلى تصنيفا في مرتفعات العاصمة.


الكاتب : تقديم وإعداد: عبد المطلب أعميار

  

بتاريخ : 24/03/2025