اليمين الفرنسي المتطرف يقترب من الحكم

أكدت نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة بفرنسا في دورتها الأولى التي جرت الأحد، تقدم اليمين الفرنسي المتطرف بقيادة جوردان بارديلا، بفارق كبير في هذه الانتخابات الاستثنائية في التاريخ السياسي فرنسا، وقد يصل إلى الحكم للمرة الأولى في ظل الجمهورية الخامسة، حسب مختلف وسائل الاستطلاع.
وحصل الحزب المتطرف على نسبة 34,5 في المائة من الأصوات، يليه تحالف اليسار (الجبهة الشعبية الوطنية) الذي حصد 29 في المائة من الأصوات، فيما حل تحالف الرئيس إيمانويل ماكرون ثالثا (20 في المائة) في هذا الاقتراع الذي شهد مشاركة كثيفة واستثنائية بكل المقاييس.
في حين حصل حزب الجمهوريون (يمين) على 10 في المائة، في الوقت الذي تحالف جزء قليل جدا منه بزعامة رئيس الحزب ايريك سيوتي مع اليمين المتشدد.
وفي حال تشتت الأحزاب التي تواجه اليمين المتطرف من المتوقع أن يحصل التجمع الوطني على أغلبية نسبية كبيرة وربما غالبية مطلقة بعد الدورة الثانية المقررة الأحد المقبل.
وتتجه الأحزاب الديموقراطية والجمهورية إلى وضع تحالف جمهوري من اجل مواجهة هذا التقدم ، وفي هذا الإطار أكد إيمانويل ماكرون في تصريح مكتوب وزع على وسائل الإعلام قال فيه «في مواجهة التجمع الوطني، إنه الآن وقت تحالف واسع يكون بوضوح ديموقراطيا وجمهوريا في الدورة الثانية».
وأشاد ماكرون ب»المشاركة الكبيرة التي تظهر أهمية هذا الاقتراع بالنسبة إلى جميع مواطنينا وإرادة توضيح الوضع السياسي»، مضيفا أن «خيارهم الديمقراطي يلزمنا»، وذلك بعدما جمع رؤساء أحزاب يمين الوسط الذين يحكم معهم منذ 2017.
أما زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبين فتحدث لصحافة عن انقراض معسكر الرئيس بقولها إن «معسكر ماكرون تم محوه عمليا»، معلنة إعادة انتخابها من الدورة الأولى في دائرتها با-دو-كاليه بشمال البلاد.
ورفض حزب الجمهوريين (يمين محافظ) الذي حصل على نحو عشرة في المائة من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية في فرنسا بحسب أولى التقديرات، دعوة ناخبيه إلى التصويت ضد التجمع الوطني اليميني المتطرف في الدورة الثانية.
أما قيادة اليمين الجمهوري فقد وجهت سهامها نحو اليسار وقالت قيادة الحزب في بيان لها «حيث لن نكون موجودين في الدورة الثانية، وبالنظر إلى أن الناخبين أحرار في خيارهم، لن نصدر تعليمات وطنية، وسنترك الفرنسيين يعبرون استنادا إلى ضمائرهم». واعتبر النائب الأوروبي عن الجمهوريين فرنسوا كزافييه بيلامي أن «الخطر الذي يهدد بلادنا اليوم هو اليسار المتطرف».
أما أحزاب اليسار المشكلة للجبهة الشعبية فقد كان موقفها موحدا في مواجهة مرشحي اليمين المتشدد، وأعلنت أحزاب البيئة، الاشتراكيون والشيوعيون أنهم سينسحبون إذا كان ثمة مرشح آخر في موقع أفضل للحيلولة دون فوز التجمع الوطني.
وكان موقف رئيس حزب فرنسا الأبية جان لوك ميلانشون في التوجه نفسه عبر إعلانه انسحاب مرشحي اليسار الذين احتلوا المركز الثالث الأحد.
ورأى ميلانشون أن نتائج الانتخابات تشكل «هزيمة ثقيلة لا تقبل الجدل» للرئيس ماكرون، وصرح النائب الأوروبي عن اليسار رافاييل غلوكسمان «أمامنا سبعة أيام لتجنيب فرنسا كارثة». ومع إحرازه أفضل نتيجة في تاريخه في الدورة الأولى من انتخابات تشريعية، لدى التجمع الوطني أمل كبير بالحصول على غالبية نسبية أو مطلقة في السابع من يوليو.
وفي حال بات رئيسه جوردان بارديلا رئيسا للوزراء، ستكون المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية التي تحكم فيها حكومة منبثقة من اليمين المتطرف فرنسا.
لكن رئيس التجمع الوطني سبق أن أعلن انه لن يقبل بهذا المنصب إلا إذا نال حزبه الغالبية المطلقة.
وكرر بارديلا الأحد بعد صدور أولى التقديرات أنه يريد أن يكون «رئيسا للوزراء لجميع الفرنسيين»، مشددا على أن «الشعب الفرنسي أصدر حكما واضحا». وسيفضي الأمر إلى تعايش غير مسبوق بين ماكرون، الرئيس الحامل للمشروع الأوروبي، وحكومة أكثر عداء للاتحاد الأوروبي.
والسيناريو الثاني الممكن هو جمعية وطنية متعثرة من دون إمكان نسج تحالفات في ظل استقطاب كبير بين الأطراف، الأمر الذي يهدد بإغراق فرنسا في المجهول.
وتوجه نحو 49.5 مليون فرنسي إلى صناديق الاقتراع برسم الجولة الأولى من هذه الانتخابات التي تم تنظيمها عقب حل الرئيس إيمانويل ماكرون للجمعية الوطنية في 9 يونيو بعد فوز أقصى اليمين في الانتخابات الأوروبية.
وستجرى الجولة الثانية من هذه الانتخابات بالاقتراع العام المباشر يوم 7 يوليوز المقبل لتزويد الجمعية الوطنية بـ 577 نائبا سيشغلون مقاعدهم للسنوات الخمس المقبلة.
وأصبح اليمين المتطرف الفرنسي اقرب إلى الحكم، خاصة أن العديد من حلفاء الرئيس لن يصوتوا لنواب الجبهة الشعبية أي اليسار، وهي كلها مواقف سوف تجعل نتائج الدور الثاني غير واضحة، هل سيسمع الناخبون للأحزاب التي تمثلهم أم أنهم سوف يمتنعون على التصويت.
على كل حال قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حل الجمعية الوطنية كان لصالح اليمين المتطرف الذي يجد نفسه لأول مرة في التاريخ اقرب إلى الحكم فرنسا.


الكاتب : باريس: يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 02/07/2024