اليوم الرابع عشر 07 : وقائع ساخنة في شهر رمضان

نبحر في هذه السلسلة طيلة هذا الشهر المبارك من خلال تناولنا لبعض أبرز اللحظات التاريخية والمحطات النضالية والمعارك الحامية التي وقعت في مثل هذا الشهر المعظم من السنوات الماضية يوما بيوم حيث تثير هذه الوقائع شهية الفضول المعرفي للاطلاع على وقائع تاريخية حاسمة نظرا لتداخل العديد من الأحداث الإسلامية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية … لعبت فيها شخصيات بارزة دورا أساسيا ، أحداث شاءت الأقدار أن تحصل خلال شهر رمضان.
وقد اعتمدنا في ذلك على مجموعة من المراجع والوثائق والمصادر… وكل رمضان وأنتم بخير

 

عرف مثل هذا اليوم من عام 1278 ه / 1855 م وفاة أحمد الباي سلطان تونس الذي حاول أن يقيم هناك نهضة إصلاحية محاولا الاستفادة من تجربة محمد علي بمصر، وفي عام 1883 م أجبر الباي علي الرابع على التوقيع على اتفاقية “مرفا” التي كرست الحماية الفرنسية لتونس، ونقلت السلطة إلى تونس حيث منحته السلطات الاستعمارية الأراضي الخصبة بعد أن سرقتها واغتصبتها من الفلاحين التونسيين الذين لم يكونوا يملكون غيرها لإعالة أنفسهم ، ووسط هذا المناخ الاستعماري الغاشم بدأت الحركة الوطنية التونسية تتشكل وتتأثث مستلهمة الموروث الحضاري لتونس حيث لعبت بعد حين أكبر الأدوار في تاريخ تونس المعاصرة . ففي مايو من عام 1881 م احتلت الجيوش الفرنسية تونس ودخلتها عن طريق البر والبحر . محتلين إثر ذلك مدينة بنزرت وتوجهوا إلى تونس العاصمة لمقابلة الباي ، فقدموا له نسخة من المعاهدة الفرنسية المعدة سلفا وقد أرغم الباي التغطية على المعاهدة الفرنسية التي عرفت باسم “ باردو “ التي أخضعت تونس رسميا للسيطرة الفرنسية.
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان العام 1332 ه / 1914 م نشبت الحرب العالمية الأولى التي شارك فيها ثلاثون دولة، واستمرت أربع سنوات ونصف السنة، انقسم فيها العالم إلى معسكرين متحاربين: الأول بزعامة ألمانيا والنمسا والمجر والدولة العثمانية، والثاني بزعامة بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، برزت على الساحة الأوروبية ألمانيا وإيطاليا كدولتين قويتين بعد تحقيق وحدتيهما سنة (1287هـ/ 1870م)، وأخذتا تطالبان بنصيبهما في المستعمرات، وتشاركان الدول الكبرى في التنافس الاستعماري، وفي الوقت نفسه ازدادت التناقضات الأوروبية، وازداد معها الشك وفقدان الثقة بين الدول الأوروبية، وكان مبدأ تحكيم القوة بشكل مطلق في النزاع يسود ذلك العصر، فظهرت سياسة الأحلاف الأوروبية الكبرى القائمة على مبدأ توازن القوى، وعرفت أوروبا سباق التسلح بين هذه التحالفات.
وقد تهيأت الظروف لنشوب حرب عالمية كبرى بين الدول الأوروبية عقب اغتيال طالب صربي متطرف لولي عهد النمسا الأرشيدق “فرانز فيرديناد” وزوجته في سراييفو يوم (4 شعبان 1332 هـ/28 يونيو 1914م)، فانتهزت النمسا هذا الحادث وأعلنت الحرب ضد صربيا، وسرعان ما انتشرت هذه الحرب المحلية لتشمل القارة الأوروبية كلها، فشعرت روسيا بمسؤوليتها عن حماية الصرب وأعلنت التعبئة العامة، ورفضت الإنذار الألماني بوقف هذه التعبئة، فأعلنت ألمانيا الحرب على روسيا.
ولما كانت فرنسا مرتبطة بتحالف مع روسيا، أعلنت ألمانيا عليها الحرب، وأخذت في تنفيذ مشروعها الحربي في غزو فرنسا عن طريق اختراق بلجيكا ولوكسمبورج في (14 من رمضان 1332هـ/ 14 من يوليوز 1914م)، وكانت تلك بداية الحرب العالمية الأولى .
بدأت ألمانيا في تنفيذ خطتها لغزو فرنسا التي وضعت قبل تسع سنوات، غير أن روسيا انتهزت فرصة انشغال القوات الألمانية في فرنسا، وأرسلت جيشين كبيرين لتطويق القوات الألمانية في روسيا الشرقية، الأمر الذي اضطر ألمانيا إلى سحب ثلثي القوات الألمانية بعد أن كانت على بعد (12) ميلا من باريس، وانتصر الألمان على الروس في معارك تاننبرج الشهيرة، وفقدت روسيا ربع مليون من جنودها، إلا أن هذا الانتصار أدى إلى هزيمة الألمان أمام الفرنسيين في معركة المارن الأولى، وكتب الخلاص لباريس من السيطرة الألمانية، وتقهقر الألمان وأقاموا المتاريس والخنادق، وتحولت الحرب منذ ذلك الحين إلى حرب خنادق احتفظ خلالها الألمان بتفوق نسبي فكانوا على بعد (55) ميلا من باريس.
عقدت جامعة الدول العربية يوم 14 رمضان 1377 ه / 1958 م اجتماعا بناء على طلب من السودان لبحث الخلاف بين العراق ومصر. واتفقت الدول الست التي حضرت الاجتماع وهي : المملكة العربية السعودية والمغرب ومصر والسودان واليمن ولبنان على دعوة الحكومة العراقية إلى تخفيض حدة التوتر مع مصر، وشهدت فترة الخمسينيات ذروة المد الوطني العراقي القومي العربي، تجلى ذلك في اتحاد العراقيين بمختلف أحزابهم ووقوفهم مع الثورة المصرية التي قادها الزعيم جمال عبد الناصر، خصوصا بعد أن وقع العدوان الثلاثي على مصر في عام 1965م، وقيام الوحدة المصرية السورية في عام 1958م.

 


الكاتب : أحمد مسيلي

  

بتاريخ : 01/06/2018