تفاصيل 28 ساعة من البحث عن ضحايا انهيار إجوكاك
بلغ عدد ضحايا حادث انهيار التربة، الذي وقع مساء الأربعاء الماضي بدوار توك الخير بجماعة إيجوكاك بإقليم الحوز، المنتشلين إلى حدود الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة، 15 قتيلا، 12 ضحية من الإناث وثلاثة من الذكور ضمنهم طفل .
وتمكنت الفرق المعبأة للبحث عن ركاب السيارة الكبيرة التي كانت تقلهم في اتجاه تلوين بإقليم تارودانت، والذين كان من سوء حظهم أن تَصادف وقت مرورهم مع لحظة انهيار جزء من الجبل، من انتشال جثث الضحايا المفقودين بعد أزيد من 28 ساعة من البحث والتنقيب، سخرت فيها آليات ضخمة لجرف الكميات الهائلة من التربة والأوحال والصخور، وجندت فيها فرق تابعة للدرك والوقاية المدنية والتجهيز ورجال السلطة المحلية.
وعملت وحدات الإنقاذ على اختراق الكميات المنهارة من الصخور والأوحال بلغ ارتفاعها عشرين مترا، حسب ما أورده مصدر من السلطة الإقليمية بالحوز، لتعثر أولا في حدود الثامنة ليلا على جثة إحدى الضحايا خارج السيارة المنكوبة، قبل أن تصل إلى السيارة التي كان كل ركابها قد فارقوا الحياة.
وجرت عملية البحث عن المفقودين في أجواء صعبة، وخاصة مع تقلبات أحوال الطقس وهبوب عاصفة رعدية ظهر يوم الخميس، أدت إلى تدفق إحدى الشعاب بموقع الحادث نجم عنه وقوع انهيار آخر للتربة، مما ضاعف من صعوبة عملية البحث، بعد ذلك ارتفعت وتيرة أعمال التنقيب عن المفقودين، وخاصة بعد وصول تعزيزات من الآليات المستعملة في إزاحة التربة المنهارة وفرق إضافية من الوقاية المدنية، كما استعانت عناصر الدرك الملكي بالكلاب المدربة لتحديد موقع السيارة المطمورة تحت الأتربة. ونتيجة للفيضانات التي تسببت في قطع الطريق قضت فرق البحث ساعات طويلة ليلة الأربعاء وصبيحة الخميس في محاولات لفتح مسالك بهدف الوصول إلى مكان الانهيار.
هذا وحضر أقرباء الضحايا إلى موقع الحادث، والذين ظلوا المصدر الوحيد، قبل انتشال السيارة المنكوبة، للمعلومات حول العدد المحتمل لركابها، في ظل غياب أية معلومة تفصيلية حول الحادث، ماعدا ما أفاد به راكبا سيارتين أفلتا من الانهيار بأمتار قليلة وشهدا اختفاء السيارة التي كانت تقل الضحايا تحت الجبل المنهار.
وقضى أهالي ركاب السيارة المطمورة يوما طويلا من الانقباض والترقب على أمل العثور على ناجين، لكن طول مدة البحث والتأخر في الوصول إلى موقع السيارة أضعف هذا الأمل إلى أن واجهوا الحقيقة الحتمية بعد بداية انتشال الجثث التي ظهر عليها عنف الحادث. حيث خيمت أجواء مؤلمة لحظة مغادرة سيارات الإسعاف لمكان الحادث ناقلة الضحايا إلى مستودع الأموات.
وتحدث أهالي المفقودين عن أقربائهم من الضحايا، ومن ذلك ما رواه والد إحداهن، التي قال عنها إنها نالت شهادة البكالوريا هذه السنة بتفوق وكانت ترغب في الذهاب للاسترخاء قليلا من الأجواء المشحونة للامتحانات، مؤكدا أنها عارضت مرافقته لها في هذه الرحلة التي كانت نهايتها مأساوية.
وأوضح أقرباء الضحايا أن أغلب ركاب السيارة المنكوبة تربطهم علاقة قرابة أو من دواوير مجاورة.
ونقل شهود من راكبي سيارتين كانا في مكان الحادث لحظة وقوعه الأجواء المخيفة والسريعة التي جرت فيها هذه المأساة، حيث قال أحدهم كان يقود سيارة مرسيدس:» لاحظت ورائي سيارة ( ميني بيس) متعجلة لتجاوزي، فخفضت السرعة وتنحيت قليلا جهة اليمين لكي أفسح لها الطريق، عبرت بسرعة، وتجاوزت سيارة أخرى، وماهي إلا أمتار قليلة، حتى رأيت الجبل ينهار فوقها ليخفيها تحت أطنان من الصخور والأتربة، أما سيارتي فقد علقت في الأوحال…».
وقال شاهد آخر « تجاوزتني ( الميني بيس) بأمتار قليلة، عندما حدث ذلك المشهد الذي لزمني وقت لكي أستوعبه، رأيت الجبل يتهاوى فوق السيارة، وأتربته المتراكمة تتقدم نحوي، توقفت وعدت إلى الوراء، لما انتبهت إلى أن كمية الانهيار تتزايد وتلتهم مساحات أكبر أمامي، ترجلت من السيارة مبتعدا مخافة أن تطمرني التربة المتراكمة…».
وكانت سلطات إقليم الحوز قد أكدت أن التساقطات الرعدية الغزيرة، التي عرفها الإقليم، مساء يوم الأربعاء 24 يوليوز الجاري، أسفرت عن ارتفاع منسوب مياه بعض الشعاب والمجاري المائية وإحداث سيول أدت إلى انجراف كميات هائلة من الأتربة والأوحال بالنقطة الكيلومترية 230 على الطريق الوطنية رقم 7، على مستوى دوار توك الخير، جماعة إجوكاك، قيادة ثلاث نيعقوب، دائرة أسني، وطمر سيارة للنقل المزدوج تحتها.
وأضافت أنه فور إشعارها من طرف أحد الأشخاص، الذي كان يوجد في عين المكان حين وقوع الحادث، تعبأت كل من السلطات المحلية والأمنية ومصالح الوقاية المدنية وفرق المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجيستيك والماء لاتخاذ الإجراءات اللازمة، إذ لاتزال الأشغال متواصلة لإزاحة الأوحال والأتربة، التي يناهز علوها 20 مترا تقريبا، لانتشال السيارة وركابها واستعادة حركة السير في هذا المقطع الطرقي.
وعادت خلية التواصل للجنة الاقليمية لليقظـة وتدبير مخاطر تقلبات أحوال الطقس بعمالة إقليم الحوز لتحذير الموطنين من خطورة تقلبات الجو داعية إياهم إلى الابتعاد عن مجاري الأودية والشعاب. وأكدت أن مصالحها توصلت يوم الخميس مـن مديريـة الأرصاد الجوية الوطنية بنشرة إنذارية تتوقــع فيها عواصف رعدية محلية مصحوبة ببرد وتساقطات رعدية مع رياح قوية تتراوح مابين 85/70 كلم في الساعة.