في جلسة مجلس المستشارين المنعقدة، يوم الثلاثاء 15 ماي 2025، وجّه يوسف إيدي، رئيس الفريق الاشتراكي، تعقيباً سياسياً لاذعاً إلى الحكومة، عبّر فيه عن قلقه إزاء ما وصفه بـ»التلكؤ الواضح» في تنفيذ مقتضيات اتفاق أبريل 2024، الموقع بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين. وأشار إيدي إلى أن الاتفاق تم توقيعه في ظرفية اجتماعية دقيقة، طبعها تصاعد المطالب بتحسين الأجور وظروف العمل، وكان بمثابة بارقة أمل لشرائح واسعة من الشغيلة، غير أن التأخر في احترام الجدولة الزمنية لتنزيل بنوده الأساسية، وعلى رأسها الزيادة العامة في الأجور وتوحيد الحد الأدنى للأجر وتسوية أوضاع مهنية عالقة، أجهض تطلعات العديد من الفئات.
وأضاف أن الحكومة، رغم التزاماتها، لم تفِ بما وعدت به في الوقت المناسب، ما أدى إلى تآكل الثقة وتفاقم الاحتقان في عدد من القطاعات الحيوية، خصوصاً في ظل تفاقم الغلاء وتآكل القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة والضعيفة. وأكد إيدي أن الالتزام الحقيقي بالحوار الاجتماعي لا يُقاس بالشعارات ولا بالخطابات التطمينية، بل بوضوح الأجندة الزمنية وصرامة التنفيذ، محذراً من أن استمرار التأخر يهدد استقرار العلاقة مع المركزيات النقابية، ويؤثر سلباً على السلم الاجتماعي. وطالب في ختام تدخله الحكومة بتقديم حصيلة دقيقة مضبوطة بالتواريخ والمعطيات الرقمية حول تنفيذ بنود اتفاق أبريل، وتوضيح الجدولة الزمنية لباقي الإجراءات، حفاظاً على مصداقية العمل الحكومي، وتعزيزاً لثقافة الحوار الجاد والمسؤول.
وفي نفس الجلسة، وجّه المستشار البرلماني إسماعيل العالوي انتقادات لاذعة للسياسات الحكومية في مجال التشغيل، واصفاً ظاهرة البطالة في المغرب بـ»المأساة الاجتماعية» التي تهدد السلم المجتمعي وتُقوّض ثقة الشباب في المؤسسات. وقال العالوي إن طرح سؤاله جاء في سياق تعميق النقاش حول إحدى أبرز انشغالات المواطن المغربي، مشدداً على أن الوضعية الحالية لسوق الشغل «تبعث على القلق»، لاسيما في ظل ارتفاع معدل البطالة إلى 13.7%، حسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط، فيما تجاوزت النسبة 33% في صفوف الشباب الحضري الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة.
وانتقد المتحدث ما اعتبره «هشاشة البرامج الحكومية» مثل «أوراش» و»فرصة»، موضحاً أنها تفتقر إلى الأثر البنيوي المستدام، ولا ترتبط بالمنظومة الاقتصادية الإنتاجية، كما تعاني من ضعف آليات التقييم والتتبع. وأضاف أن هذه المبادرات، رغم ما تحمله من نوايا حسنة، تبقى غير قادرة على الصمود أمام التحديات المالية والإدارية، متسائلاً عن جدوى مشاريع مؤقتة لا تخلق دينامية تشغيلية حقيقية. ودعا العالوي إلى تبني إصلاحات هيكلية عميقة لخلق مناخ استثماري محفز ومندمج، يربط بين التكوين المهني وسوق الشغل، ويقلّص الهوة بين مخرجات التعليم واحتياجات المقاولة، مشدداً على أن معالجة إشكالية البطالة لا يمكن أن تتم من خلال «سياسات إبرائية» ذات طابع اجتماعي محدود، بل تحتاج إلى رؤية اقتصادية وطنية مندمجة، عادلة على المستوى المجالي، وتضع التشغيل اللائق في صلب النموذج التنموي الجديد.
وختم العالوي تعقيبه بالدعوة إلى إطلاق حوار وطني شامل حول الشغل، بمشاركة مختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين، بهدف الانتقال من «تدبير الأزمة» إلى «بناء الأمل».
انتقادات برلمانية حادة للحكومة بشأن تأخر تنفيذ اتفاق أبريل وتفاقم البطالة

الكاتب : محمد الطالبي - مجلس المستشارين
بتاريخ : 15/05/2025