انضمام الفقراء إلى الاحتجاجات تقلب المعادلة في فنزويلا

دعا رئيس الجمعية الوطنية في فنزويلا، خوليو بورجيس المواطنين إلى التمرد وعدم قبول ما سماه»انقلاب» من قبل الرئيس نيكولاس مادورو الذي أعلن عن إجراءانتخابات لتشكيل جمعية تأسيسية جديدة تمتلك سلطة إعادة صياغة الدستور.
وتواجه فنزويلا العضو في أوبك أزمة اقتصادية كبيرة، دفعت مئات الآلاف للخروج إلى الشوارع الشهر الماضي، احتجاجا على الحكومة التيلا تحظى بالشعبية.
وفي وقت سابق الاثنين، دعا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو  إلى تشكيل مجلس تأسيسي يُكلّف صياغة دستور جديد، ويكون أعضاؤه الممثّلون لمختلف القطاعات المجتمعية غير منتمين إلى أحزاب سياسية.
وقال مادورو أمام الآلاف من مناصريه المحتشدين وسط كاراكاس لمناسبة عيد العمل، إنّه من أجل «الوصول إلى السلام الذي تحتاجه البلاد وهزيمة الانقلاب الفاشي، أدعو إلى (تشكيل) مجلس تأسيسي من الشعب، لا من الأحزاب السياسية. مجلس من الشعب».
وكانت المعارضة الفنزويلية قد شاركت في مسيرات الاثنين احتفاء بمرور شهر على تظاهراتها ضد مادورو، في تحد للسلطات التي تنظم عادة تظاهرات مؤيدة لها لمناسبة عيد العمال في الاول من مايو.
وأضفت المعارضة الأحد الماضي، في رسالة وجهتها إلى البابا فرنسيس، طابعاً رسمياً على رفضها استئناف الحوار مع مادورو «إذا لم تكُن هناك ضمانات» تتعلق بأساليب الحوار.

انضمام الفقراء

قال تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية: إن انضمام طبقة الفقراء والكادحين إلى الاحتجاجات التي تشهدها فنزويلا مؤخرًا قد يدفع بالبلاد إلى نقطة تحول، وإن كانت لا تزال هناك تحديات أمام انضمام المعوزين للتظاهرات التي يرى البعض منهم أنها لم تقدم شيئًا حتى الآن.
وعقد التقرير مقارنة بين موقف الأسر في الأحياء الفقيرة في التلال التي شهدت حب الأهالي للرئيس السابق هوغو تشافيز،  وموقفها الحالي المناهض للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
شافيز، الرجل الذى وعد بلاده بـ»ثورة» اشتراكية، كان يحب الاختلاط بحشود الفنزويليين الفقراء، ولكن عندما ظهر خليفته في العلن في الأشهر الأخيرة، تم طرده بالبيض من قبل الغوغاء الغاضبين.
نقل التقرير عن إيرين كاستيلو (26 عامًا) التي تعيش في حي لا يبعد كثيرًا عن القصر الرئاسي، قولها: «إن مادورو مختلف جدًا». كاستيلو صوتت لصالح مادورو في عام 2013 عندما توفي شافيز بعد 14 عامًا في السلطة، إلا أنه لم يعد أحد من الكتلة المؤيدة للحكومة من أمثال كاستيلو يدعم الحكومة بعد الآن.
ومع تصاعد الحركة الاحتجاجية الدموية في البلاد التي استمرت شهرًا واحدًا فى مواجهة طويلة الأجل بين المتظاهرين والحكومة، أصبح ولاء مواطني فنزويلا الفقراء مثل كاستيلو عاملًا متأرجحًا في تحديد ما إذا كان الرئيس سيبقى على قيد الحياة.

غضب الطبقة الوسطى

تجدر الإشارة إلى أن الآلاف من المتظاهرين الذين ينزلون إلى الشوارع فى الأسابيع الأخيرة هم فى الغالب من الطبقة الوسطى التى استشاطت غضبًا من انهيار فنزويلا الاقتصادى والحكم الاستبدادي المتزايد للحكومة، ولكن الفنزويليين من معاقل الرئيس الفنزويلي السابق تشافيز بدأوا منذ فترة طويلة في الانضمام إلى المسيرات المناهضة للحكومة. احتج سكان حي كاستيلو علنًا ​​ضد مادورو للمرة الأولى الأسبوع الماضي.
واستجاب القادة المؤيدون للحكومة في أحياء مثل جوارتارو بتهديدهم بحجب حصص الإعاشة لأولئك الذين يسيرون مع المعارضة أو يفشلون في الانضمام إلى تجمعات موالية لمادورو. وتنتشر جماعات الميليشيات المسلحة من قبل الحكومة والمعروفة باسم «كولكتيفوس» لتخويف المنشقين المحتملين.
قال التقرير: إنه مع تصاعد المواجهة، لا يزال العديد من الفنزويليين المعوزين الآخرين على الهامش، ويشعرون بخيبة أملهم مع مادورو، ولكن انشغالهم بالبحث عن الطعام يشغلهم عن الانضمام إلى المسيرات.
وبصرف النظر عن التمرد العسكري، ربما لا يوجد شيء يخشاه مادورو أكثر من مجرد تمرد ينتشر عبر الأحياء التي طالما أيدت تشافيز. هناك إشارات على أن هذا يحدث بالفعل، بحسب ما أورده التقرير.
في عدة مناسبات هذا الشهر، ظهر نمط يسود فيه معظم الفنزويليين من الطبقة المتوسطة والنشطاء من الطلاب الطريق السريع الرئيس في العاصمة خلال النهار، في حين أن السكان الأكثر فقرًا يظهرون في احتجاجاتهم الأصغر في أحيائهم في الليل، وقد تحول البعض منها إلى أعمال فوضى ونهب.
وفي جوارتارو، حيث كثيرًا ما يتم قطع الخدمات مثل الكهرباء والماء، قام السكان ببناء حواجز من الحطام المشتعل في الشوارع الأسبوع الماضي، وتزيين الأواني في نوافذهم لإظهار إحباطهم.
ونقل التقرير عن مارغريتا لوبيز مايا، المحللة السياسية فى كاراكاس، قولها: «لا يوجد خبز، لكن الحكومة لا تزال تصر على أن غالبية الفنزويليين يقفون في جانبها، لذلك تبدو منعزلة بشكل متزايد عن واقع حياة الناس».
بطون فارغة ومشاكل نفسية
وفقًا للتقرير، يطالب زعماء حزب الوحدة الديمقراطية، وهو التحالف الكبير الذي يضم خصوم مادورو، الحكومة بإطلاق سراح السجناء السياسيين، واستعادة السلطة الكاملة للسلطة التشريعية.
مادورو من جانبه دعا المؤيدين إلى مسيرة في كاراكاس في الأول من مايو (أيار)، يوم العمال العالمى، فى استعراض للقوة. وهو يصور خصومه على أنهم إرهابيون يحاولون زرع الفوضى لتهيئة الأرض لغزو أجنبي.
قال التقرير: إنها – ومع امتلاكها أكبر احتياطي للنفط في العالم، كانت فنزويلا – واحدة من أكثر دول أمريكا اللاتينية ازدهارًا. أما الآن، فقد باتت من بين الأكثر بؤسًا، حيث تعاني البلاد من الجريمة المتفشية والفساد والاختلال الوظيفي الحكومي. وقد أدت ندرة الغذاء والدواء إلى زيادة عدد الفنزويليين الذين يعانون من بطون فارغة أو يعانون من مشاكل في المستشفيات البائسة.
ووجدت دراسة استقصائية أجرتها ثلاث من الجامعات الرائدة في البلاد أن ثلاثة أرباع الفنزويليين فقدوا الوزن في العام الماضي، بمتوسط ​​199 باوند.
وأوضح التقرير أنه مع إدراك الحكومة بأن الجوع الجماعي سيعجل بانهيار سياسة مادورو السياسية، فقد بدأت فى العام الماضي بتخصيص حقائب غذائية للفنزويليين فى المناطق الفقيرة، وكلفت نشطاء الحزب المحليين بمسئولية التوزيع. يعرف البرنامج باسم CLAP، وفي أحياء مثل جوارتارو، يعرف السكان أنهم يمكن أن يفقدوا وجبات الطعام إذا انضموا إلى الاحتجاجات أو رفضوا الانضمام إلى المسيرات التي تنظمها الحكومة.
ونقل التقرير عن ميرلينيس بالاسيوس، 45 عامًا، وهو ناشط في حزب زعيم المعارضة هنريك كابريلز، بريميرو جوستيسيا، الذي منع مؤخرًا من الترشح للرئاسة لمدة 15 عامًا، قوله: «إنهم يخشون فقدان حقيبة CLAP».
وفي مقابلات أجريت مع الصحيفة الأمريكية، قال عدد من سكان أحياء كراكاس الأفقر إنهم تلقوا تحذيرات من المشاركة في أي احتجاجات مناهضة للحكومة. وقال أحدهم، طالبًا عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام: «لقد ابتزونا بحقائب الطعام».
وذكر التقرير أن مسلحي «كولكتيفوس» الموالون للحكومة، يشكلون تهديدًا أكثر خطورة. وقال فيل جونسون، وهو محلل فى فنزويلا تابع لمجموعة الأزمات الدولية، إنهم يعملون كقوة شرطة شبه عسكرية، ويقمعون الاحتجاجات المحتملة، بينما يسمحون للحكومة بانكار المسؤولية عن أعمال عنفهم.

«لن أخاطر بحياتي»

وقال جونسون إن الحكومة تفقد قلوب وعقول فقراء فنزويلا، لذا فإن سيطرتها هي إلى حد كبير من خلال القوة والتهديد بإنكار مزايا الرعاية الاجتماعية الحكومية بما في ذلك الغذاء.
كما نقل التقرير عن لويس فيسينتى ليون، مدير شركة «داتاناليسيس» لاستطلاعات الرأي التي أظهر استطلاعها الأخير أن 88% من الفنزويليين غير راضين عن الحكومة، نقل عنه قوله إنه لا يزال يشار إلى الأحياء الفقيرة على أنها أحياء «تشافيستا» (نسبة إلى تشافيز)، إلا أن التسمية لم تعد سارية.
وقال ليون: «إن الفنزويليين الذين يعيشون فى تلك الأحياء يريدون التغيير أيضًا، لكنهم ليس لديهم الوقت للذهاب الى المسيرات، وليس لديهم قيادة».
إلا أن ليون لفت إلى أن هناك عدد من الفنزويليين الفقراء في الاحتجاجات المعارضة الآن أكثر مما كان عليه الحال في عام 2014 عندما واجهت الحكومة آخر تمرد استمر لشهور، مصحوبًا بالاشتباكات التي قتل فيها أكثر من 40 شخصًا. وأدى العنف الأمني هذا الشهر إلى مصرع 29 شخصًا من بينهم فنزويليين قتلوا خلال عمليات النهب.
ولا يزال لدى مادورو الجيش الفنزويلي وعائداته النفطية ووسائل الإعلام التي تديرها الدولة. وربما تكون العقبة الأكبر التي تواجهها المعارضة في مناشدة الفقراء هي التصور بأن الاحتجاجات في الشوارع لن تحدث فرقًا.
وقال زافير هيرنانديز، 23 عامًا، وهو سائق سيارة أجرة دراجة نارية: «إننا نقترب من شهر من الاحتجاجات، ولم يحدث شيء. إنني لن أخاطر بحياتي لذلك».

الحد الأدنى للأجور

علن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو رفع الحد  الأدنى للأجور اعتبارا من اليوم الاثنين، في ثالث زيادة خلال العام الجاري، وذلك في محاولة لمواجهة الاحتجاجات المتزايدة المطالبة بتنحيه.
وفي برنامجه التلفزيوني الأسبوعي أمر مادورو بزيادة الحد الأدنى للأجور في البلاد بنسبة 60% اعتبارا من اليوم الاثنين، وتعد هذه الزيادة الـ15 منذ توليه رئاسة البلاد في عام 2013.
وتواجه فنزويلا أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، حيث  يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء وسط معدلات تضخم هي الأعلى في العالم.
ويأتي قرار الرئيس الفنزويلي في وقت دعت فيه المعارضة إلى مظاهرات جديدة في أنحاء البلاد بمناسبة عيد العمال -الذي يصادف اليوم الاثنين- ضد «الدكتاتور»، وذلك بعد شهر من الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل نحو ثلاثين شخصا.
واندلعت أعمال الشغب في فنزويلا مطلع أبريل الماضي مع تنديد المعارضة بما وصفته بـ»انقلاب» بعد قرار المحكمة العليا -التي تعد وثيقة الصلة بمادورو- تولي صلاحيات البرلمان، مما أثار موجة من الغضب الدبلوماسي دفعها إلى إلغاء قرارها بعد 48 ساعة.

الدستور الجديد

رفض هنريكي كابريليس أحد أبرز قادة المعارضة الفنزويلية دعوة الرئيس نيكولاس مادورو إلى صياغة دستور جديد للبلاد، داعيا أنصاره إلى الاستمرار في الاحتجاجات وعدم «إطاعة هذا الجنون». من جانبه، دعا رئيس الجمعية الوطنية خوليو بورجيس المواطنين إلى التمرد وعدم قبول ما أسماه «انقلاب» من قبل الرئيس مادورو.
رفضت المعارضة الفنزويلية الاثنين دعوة الرئيس نيكولاس مادورو إلى صياغة دستور جديد للبلاد، معتبرة أن  هذا الأمر هو مواصلة «للانقلاب» ضد البرلمان الذي تسيطر عليه.
وقال هنريكي كابريليس أحد أبرز قادة المعارضة والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية، على تويتر إن «مادورو  يعزّز الانقلاب ويُعمّق الأزمة الخطيرة». واعتبر كابريليس أنّ السلطة تسعى إلى «قتل الدستور» من خلال هذه المبادرة التي تُشكل «تزويراً»، داعيا مناصري المعارضة إلى «عدم إطاعة هذا الجنون».
وكان مادورو دعا الاثنين، إلى تشكيل مجلس تأسيسي يُكلّف صياغة دستور جديد، ويكون أعضاؤه الممثّلون لمختلف القطاعات المجتمعية غير منتمين إلى أحزاب سياسية.
وقال مادورو أمام الآلاف من مناصريه المحتشدين وسط كاراكاس لمناسبة عيد العمل، إنّه من أجل «الوصول إلى السلام الذي تحتاجه البلاد وهزيمة الانقلاب الفاشي، أدعو إلى (تشكيل) مجلس تأسيسي من الشعب، لا من الأحزاب السياسية. «
وكانت المعارضة الفنزويلية قد شاركت في مسيرات عدة الاثنين الماضي احتفاء بمرور شهر على تظاهراتها ضد مادورو، في تحدّ للسلطات التي تنظم عادة تظاهرات مؤيدة لها لمناسبة عيد العمال في 1 ماي.
وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، اقتحم متظاهرون قاعدة  الجنرال فرانشيسكو العسكرية شرق كاراكاس، حيث أقدم عدد من المتظاهرين على إزالة جزء من السياج خلال مسيرة ضد الرئيس مادورو، ودخلت مجموعات صغيرة من المتظاهرين إلى القاعدة، لكنّ قوات الأمن طردتهم باستخدام الغاز المسيل للدموع وإطلاق الخرطوش.
من جانبه، دعا رئيس الجمعية الوطنية في فنزويلا خوليو بورجيس المواطنين إلى التمرد وعدم قبول ما سماه انقلاب» من قبل الرئيس نيكولاس مادورو الذي أعلن عن إجراء انتخابات لتشكيل جمعية تأسيسية جديدة تمتلك سلطة إعادة صياغة الدستور.
وكان الرئيس نيكولاس مادورو، قد أعلن عن إجراء انتخابات وطنية لتشكيل جمعية «تأسيسية» جديدة من أجل نزع فتيل صراع سياسي مرير بعد شهر من الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
ويقول معارضون بحسب وكالة أنباء رويترز،  إن التحرك ما هو إلا محاولة أخرى لتهميش الجمعية الوطنية الحالية التي تقودها المعارضة والإبقاء على مادورو الذي لا يحظى بالشعبية في السلطة في خضم ركود شديد واضطرابات أودت بحياة 29 شخصا الشهر الماضي.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 04/05/2017