انفتاح أميركي‮ ‬على مجالس الساحل الإفريقي‮ ‬العسكرية سعيا للثروات‮ ‬

‭ ‬أعادت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬إطلاق‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬قادة‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬العسكريين‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬المنفعة‭ ‬المتبادلة،‭ ‬عبر‭ ‬مقايضة‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬قتال‭ ‬الجهاديين‭ ‬بثروات‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬الإفريقي،‭ ‬بحسب‭ ‬خبراء‮.‬
عندما‭ ‬كان‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬السلطة،‭ ‬علقت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬معظم‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬والإنمائية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ترسلها‭ ‬إلى‭ ‬بوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬ومالي‭ ‬والنيجر،‭ ‬بعد‭ ‬سلسلة‭ ‬انقلابات‭ ‬أوصلت‭ ‬العسكريين‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬المضطربة‭ ‬بين‭ ‬العامين‭ ‬2020‭ ‬و2023‮.‬
ومع‭ ‬عودة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للابتعاد‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تحو‭ ‬ل‭ ‬أوسع‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬واشنطن‭ ‬الخارجية‭ ‬حيال‭ ‬إفريقيا‭ ‬ومحاولاتها‭ ‬للتصدي‭ ‬للنفوذ‭ ‬الروسي‭ ‬والصيني‭ ‬في‭ ‬القارة‮.‬
وقال‭ ‬كبير‭ ‬مسؤولي‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬المعني‭ ‬بالشؤون‭ ‬الإفريقية‭ ‬تروي‭ ‬فيتريل‭ ‬أمام‭ ‬جمهور‭ ‬في‭ ‬أبيدجان‭ ‬في‭ ‬ساحل‭ ‬العاج‭ ‬في‭ ‬أيار/مايو‭ ‬إن‭ ‬‮”‬التجارة،‭ ‬لا‭ ‬المساعدات‮..‬‭ ‬هي‭ ‬حاليا‭ ‬سياستنا‭ ‬الحقيقية‭ ‬حيال‭ ‬إفريقيا‮”.‬
وخلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأخيرة،‭ ‬قام‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬الشخصيات‭ ‬الأميركية‭ ‬بزيارات‭ ‬إلى‭ ‬عواصم‭ ‬بوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬ومالي‭ ‬والنيجر‭ ‬والتي‭ ‬واجهت‭ ‬جميعها‭ ‬صعوبات‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬اجتثاث‭ ‬الجهاديين‭ ‬المرتبطين‭ ‬بالقاعدة‭ ‬أو‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‮.‬
ونقلت‭ ‬صحيفة‭ ‬البلاد‭ ‬الرسمية‭ ‬عن‭ ‬عطالله‭ ‬قوله‭ ‬‮”‬لدينا‭ ‬المعدات‭ ‬اللازمة‭ ‬والاستخبارات‭ ‬والقوات‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‮.‬‭ ‬إذا‭ ‬قررت‭ ‬مالي‭ ‬العمل‭ ‬معنا،‭ ‬سنعرف‭ ‬ماذا‭ ‬سنفعل‮”.‬
وبعد‭ ‬عدة‭ ‬أيام،‭ ‬طرح‭ ‬مساعد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬لشؤون‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وليام‭ ‬بي‮.‬‭ ‬ستيفنز‭ ‬أيضا‭ ‬احتمال‭ ‬قيام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬باستثمارات‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المعركة‭ ‬ضد‭ ‬الجهاديين،‭ ‬وذلك‭ ‬أمام‭ ‬جمهور‭ ‬في‭ ‬باماكو،‭ ‬بعدما‭ ‬توقف‭ ‬في‭ ‬واغادوغو‭ ‬ونيامي‮.‬
وأفاد‭ ‬أولف‭ ‬لايسنغ،‭ ‬مسؤول‭ ‬برنامج‭ ‬الساحل‭ ‬لدى‭ ‬‮”‬مؤسسة‭ ‬كونراد‭ ‬أديناور‮”‬‭ ‬للأبحاث‭ ‬المرتبطة‭ ‬بحزب‭ ‬‮”‬الاتحاد‭ ‬الديموقراطي‭ ‬المسيحي‮”‬‭ ‬الألماني،‭ ‬بأن‭ ‬‮”‬واشنطن‭ ‬عرضت‭ ‬قتل‭ ‬قادة‭ ‬المجموعات‭ ‬الجهادية‭ ‬مقابل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الليثيوم‭ ‬والذهب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية‭ ‬الأمريكية‮”.‬
وجعل‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬قضية‭ ‬وصول‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬المعادن‭ ‬محورا‭ ‬لمفاوضاته‭ ‬مع‭ ‬البلدان‭ ‬الأجنبية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مساعيه‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬للحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والنزاع‭ ‬المتواصل‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬بين‭ ‬رواندا‭ ‬وجمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديموقراطية‮.‬
وتعد‭ ‬مالي‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬منتجي‭ ‬الذهب‭ ‬والليثيوم‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وهما‭ ‬مكو‭ ‬نان‭ ‬رئيسيان‭ ‬لبطاريات‭ ‬المركبات‭ ‬الكهربائية‭ ‬الضرورية‭ ‬للانتقال‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬منخفض‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‮.‬
كما‭ ‬أن‭ ‬بوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬غنية‭ ‬بعروق‭ ‬الذهب‭ ‬بينما‭ ‬تجعل‭ ‬رواسب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬في‭ ‬النيجر‭ ‬الدولة‭ ‬الصحراوية‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أبرز‭ ‬مصدري‭ ‬المعدن‭ ‬المشع‭ ‬في‭ ‬العالم‮.‬
ورغم‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬المجالس‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬تعهدها‭ ‬توفير‭ ‬سيطرة‭ ‬وسيادة‭ ‬أكبر‭ ‬للسكان‭ ‬على‭ ‬ثروات‭ ‬بلادهم‭ ‬المعدنية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الضباط‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬رحبوا‭ ‬بتغيير‭ ‬واشنطن‭ ‬مواقفها‮.‬
وقال‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬مالي‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬ديوب‭ ‬في‭ ‬يوليوز‮ ‬‭: “‬علينا‭ ‬التطلع‭ ‬إلى‭ ‬الاستثمار‭ ‬وإمكانيات‭ ‬بلداننا‭”‬،‭ ‬مشيدا‭ ‬بما‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ “‬تقارب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬اليوم‭ ‬بين‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وحكومة‭ ‬مالي‭”.‬
وأشار‭ ‬لايسنغ‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮”‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الذين‭ ‬شعروا‭ ‬بالقلق‭ ‬من‭ ‬انتهاء‭ ‬‮+‬يو‭ ‬إس‭ ‬إيد‮+‬‭ ‬‮(‬الوكالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتنمية‭ ‬الدولية‮)‬‭ ‬وإغلاق‭ ‬السفارات،‭ ‬أشاروا‭ ‬لإدارة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬ثروات‭ ‬مالي‭ ‬كطريقة‭ ‬لتشجيعها‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬منخرطة‭ ‬وإبقاء‭ ‬السفارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬باماكو‭ ‬مفتوحة،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬توسع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬نفوذهما‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮”.‬
لكن‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمحلل‭ ‬لدى‭ ‬‮”‬معهد‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكي‮”‬‭ ‬ليام‭ ‬كار،‭ ‬سيكون‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬حيوي‭ ‬بشأن‭ ‬المعادن‭ ‬‮”‬مشروعا‭ ‬أطول‭ ‬أمدا‭ ‬بكثير‮”.‬
وأكد‭ ‬كار‭ ‬بأن‭ ‬‮”‬التهديد‭ ‬الإرهابي‭ ‬هو‭ ‬القضية‭ ‬الأكبر‮..‬‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬هو‭ ‬مفتاح‭ ‬أي‭ ‬آمال‭ ‬استثمارية‮”.‬
تأتي‭ ‬مساعي‭ ‬واشنطن‭ ‬للتقرب‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬الساحل‭ ‬رغم‭ ‬ميل‭ ‬المجالس‭ ‬العسكرية‭ ‬بات‭ ‬جاه‭ ‬روسيا،‭ ‬بعدما‭ ‬قطعت‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬والقوة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬السابقة،‭ ‬فرنسا،‭ ‬خصوصا‭ ‬منذ‭ ‬الانقلابات‮.‬
وأرسلت‭ ‬موسكو‭ ‬مرتزقة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬‮”‬فاغنر‮”‬‭ ‬ولاحقا‭ ‬‮”‬فيلق‭ ‬إفريقيا‮”‬‭ ‬الذي‭ ‬خلفها،‭ ‬لمساعدة‭ ‬جيوش‭ ‬بلدان‭ ‬الساحل‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬للجهاديين‮.‬
وبعدما‭ ‬أممت‭ ‬النيجر‭ ‬الفرع‭ ‬المحلي‭ ‬لمجموعة‭ ‬اليورانيوم‭ ‬الفرنسية‭ ‬العملاقة‭ ‬‮”‬أورانو‮”‬،‭ ‬أكد‭ ‬الكرملين‭ ‬الذي‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬أكبر‭ ‬ترسانة‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬تعدين‭ ‬المعدن‭ ‬المشع‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‮.‬
وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬لم‭ ‬يبد‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬أي‭ ‬استياء‭ ‬حيال‭ ‬الحضور‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮.‬
وأثناء‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬مالي،‭ ‬قال‭ ‬المستشار‭ ‬الأمني‭ ‬عطالله‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬‮”‬حرة‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬شركائها‮”.‬
وقالت‭ ‬سفيرة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬السابقة‭ ‬لدى‭ ‬النيجر‭ ‬بيسا‭ ‬وليامز‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭ ‬إنه‭ ‬‮”‬منذ‭ ‬طرد‭ ‬الفرنسيين‮..‬‭ ‬واستقبال‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬ترامب‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬مرافقة‭ ‬و/أو‭ ‬دعم‭ ‬الجهود‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮.‬‭ ‬إن‭ ‬نبذ‭ ‬الروس‭ ‬القيم‭ ‬الديموقراطية‭ ‬والترويج‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬مقاربة‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الصفقات‮”.‬
وأفادت‭ ‬وليامز،‭ ‬وهي‭ ‬حاليا‭ ‬مستشارة‭ ‬وأكاديمية،‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬قد‭ ‬يبرم‭ ‬اتفاقا‭ ‬‮”‬يضمن‭ ‬ملكية‭ ‬أغلبية‭ ‬أو‭ ‬شبه‭ ‬أغلبية‭ ‬ونسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المعادن‭ ‬المستخرجة‭ ‬مقابل‭ ‬الدعم‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‮”.‬
وأضافت‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يشمل‭ ‬نشر‭ ‬مرتزقة‭ ‬أمريكيين‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬طريقة‭ ‬استخدام‭ ‬روسيا‭ ‬لفاغنر‮.‬
وتابعت‭ ‬‮”‬بهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬عليه‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬أمام‭ ‬الكونغرس‭ ‬أو‭ ‬قاعدة‭ ‬أنصاره‭ ‬من‭ ‬أتباع‭ ‬‮+‬ماغا‮+”‬،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬شعاره‭ ‬‮”‬أعيدوا‭ ‬لأمريكا‭ ‬عظمتها‮”.‬‭ ‬


بتاريخ : 28/08/2025