«لقد أصبحنا نعيش ظروفا بيئية قاهرة تهدد صحة السكان ، صغارا وكبارا، إلى جانب الأضرار الكبيرة التي تلحق بالأراضي الفلاحية السقوية… ورغم طرقنا لأبواب جهات مسؤولة عديدة، فإن الوضع ازداد تدهورا بشكل ينذر بالأسوأ».
إنها خلاصة حديث أحد ممثلي سكان مجموعة من الدواوير التابعة للنفوذ الترابي لجماعة اهديل بإقليم شيشاوة، والذي تجشم متاعب التنقل إلى الدارالبيضاء لمدنا بنسخ شكايات «رفع الضرر»، الناتج عن نشاط مقلع لتكسير الأحجار، بعد أن سبق له الاتصال بالجريدة هاتفيا بشأن معاناتهم الآخذة في التفاقم.
بدأت «معركة « سكان دواوير: «اولاد رحو، الكيود، العزيب، العبابرة، المينات..» بتوجيه شكايات «تعرض ضد السماح لإحدى الشركات باستغلال مقلع لتكسير الحجارة على واد شيشاوة»، بعضها مؤرخ في 22 دجنبر 2017، وأخرى في 6 و 15 فبراير 2018، إلى كل من «عمالة الإقليم ،المديرية الإقليمية لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك، رئاسة جماعة اهديل، قائد القيادة، رئيس الدائرة، المدير الإقليمي للكهرباء، لجنة معاينة محل النزاع، مصلحة البيئة بالعمالة..، تشرح سطورها التداعيات السلبية لـ «المقلع»، حيث أنه «يشكل ضررا كبيرا للسكان جراء الغبار الكثيف والضجيج الذي لا يطاق»، وضعية «باتت مصدر خوف كبير من احتمال الإصابة بأمراض الربو والحساسية المختلفة، التي تتربص بالأطفال وكبار السن من الجنسين، ضدا على حقنا المشروع في استنشاق هواء نقي خال من أي تلوث» يقول محدثنا من قاطني دوار الكيود، مضيفا «كنا نعيش في أمن وسكينة، نواجه متطلبات المعيش اليومي بكل صبر ورضا، إلى أن فوجئنا بتحركات على مستوى واد شيشاوة تستهدف استغلال حجارة مقلع دون استحضار عواقب ذلك، سواء البيئية منها أوالصحية، ولا أخذ رأي السكان المعنيين بعين الاعتبار، وذلك في محاولة لفرض الأمر الواقع بكل أضراره المتعددة».
وأشارت الشكايات، أيضا، إلى «أن الحمولات الكبيرة للشاحنات ومختلف الآليات المستعملة، تتسبب في تدهور حالة الطريق الوحيدة التي تعد مسلكا حيويا بالنسبة لساكنة دواوير المنطقة».
محنة السكان، هذه، والتي نقلت تفاصيلها لمختلف الجهات المسؤولة، على صعيد الإقليم، «لقيت تفهما من قبل أكثر من مسؤول، حيث كانت لنا لقاءات داخل العمالة، مثلا، وتلقينا وعودا بالتحرك من أجل إنصاف الساكنة، لكن مفاجآت تحدث في آخر لحظة تعرقل مجهودات إيجاد حل للمشكل، الذي أضحى يمثل كابوسا بالنسبة لنا « يوضح المتحدث نفسه.
ونتيجة «إصرار» الجهة المعنية على «التمادي في نشاطها المرفوض من قبل السكان»، دخل هؤلاء في سلسلة من الاحتجاجات كانت آخر محطاتها وقفة احتجاجية، يوم الثلاثاء 13 مارس 2018، في الساعة 12 زوالا، أمام مقر عمالة شيشاوة، قبل أن يقرر المحتجون التوجه، في موكب من السيارات «البيكوبات»، صوب ولاية الجهة بمدينة مراكش، مؤكدين «التصميم على الاستمرار في الدفاع عن حقوقنا المشروعة بالطرق السلمية التي يكفلها لنا الدستور «يقول «ع.ف»، مختتما كلامه: «إننا لا نطلب المستحيل، فقط العيش في ظل ظروف تتسم بالحد الأدنى من الهدوء والإطمئنان، بعيدا عن أي إزعاج أو تلوث، كما عاش أجدادنا منذ عقود. لهذا نلتمس من الجهات المعنية، كل جهة من منطلق مسؤوليتها، التعامل مع معاناتنا بالجدية والاستعجالية المطلوبتين، وذلك بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بصحة مئات الأسر القاطنة بالدواوير المتضررة، والتي ينبغي حمايتها من كل أذى كيفما كانت طبيعته».