باتت مهددة بالترحيل والتهجير والهدر المدرسي وفقدان الشغل .. ساكنة العمامرة تندد وتحتج وتتساءل عن مصيرها في غياب أجوبة السلطات المختصة

 

خلال أواخر سنة 2024 عرفت منطقة أولاد صالح، وتحديدا دوار العمامرة أحداثا متسارعة تمثلت في إشعار الساكنة المحلية والسلاليين منها على وجه الخصوص بأن 70 هكتارا من الرسم العقاري 4021 د المحفظ والمسجل باسم 3 سلالات هي العبدالسلاميين والعمامرة والعيايسة تم تفويتها بالمراضاة خلال شهر أبريل 2024 لإقامة منطقة لوجستيك بمعايير دولية، مما دفع الساكنة للدفاع عن حقها المشروع والثابت في هذه الأرض منذ أزيد من قرن، كانت تتوارثه أبا عن جد، حيث استقرت بها ومارست الأنشطة الفلاحية من زراعة وتربية مواشي، وتوسعت الرقعة السكنية بغية الاستجابة إلى التوسع الأسري الذي عرفته كل عائلة.
وتجدر الإشارة أن قدر هذا الرسم العقاري 4021 د، هو الاقتطاعات المتتالية على فترات مختلفة تم خلالها تعويض المستغلين أو ذوي حقوقهم بأثمان لم تكن ترقى إلى مستوى الأثمنة المرجعية، لكن إحدى المرات عرفت تعويض المنزوعة أراضيهم ب 180 درهم للمتر مربع بالإضافة إلى بقع أرضية. إن ما يثير الدهشة والاستغراب والصدمة، وما يؤجج الاحتقان ويرفع منسوبه هو أنه لأول مرة يكون فيها هذا الاقتطاع من الرسم العقاري 4021 د مصحوبا باقتلاع كلي للساكنة من الأرض المقتطعة رغم ما سينجم عن هذا الفعل من مآسي اجتماعية تتجلى في الترحيل والتهجير والهدر المدرسي وفقدان الشغل في الفلاحة أو في المنطقة الصناعية المحاذية ل ال70 هكتار موضوع التفويت .
ولكي يعلم الجميع ، رأي عام وسلطات محلية وجهوية ومركزية، فان الساكنة لا تعترض إطلاقا عن إنشاء مشاريع استثمارية مدرة للنفع والربح الاقتصاديين على المنطقة وعلى النسيج الصناعي الوطني، ولكنها تتشبث بأن ينعكس ذلك عليها ماديا سواء أثناء التعويض عن المباني وكل ما يرتبط بما هو سطحي بالإضافة إلى تعويض الأرض الذي نص عليه عقد البيع والمحدد في 200 درهم للمتر مربع في تجاوز فاضح وغير مقبول للأثمنة المرجعية ولأثمان أرض الجوار، حيث يتجاوز ثمن البيع مثلا في عملية الناصرية 8500 درهم شاملة لأشغال التجهيز والمقامة على 5 هكتارات مقتطعة هي أيضا من الرسم العقاري 4021 د ولم يتم تعويض أصحاب الأرض لحد الآن .
في هذا الملف سلكت السلطات طرق التهديد والوعيد والإنزال الأمني المكثف والمتنوع وباشرت الجرافات عملية هدم منازل أبدى أصحابها رغبة في ذلك، حيث كانوا أرانب سباق من أجل تحضير العقار فارغا رغم انه يعد تجمعا سكانيا هاما للعديد من الأسر المنتمية لسلالات العمامرة والعبدالسلاميين أو بعض الساكنة الكثيرة والتي لا انتماء سلالي لها. كانت السلطات تكثف من محاولاتها المتنوعة لتوسيع دائرة الراغبين في الهدم طوعا أو رغما عن أنفهم حتى وصل بها الأمر في الأخير إلى جرّ بعض الساكنة إلى دهاليز المحكمة الإدارية بالبيضاء التي، رغم دفوع دفاع السلاليين، أصدرت حكمها القاضي بالإفراغ (طرد محتل ) مشمولا بالنفاذ المعجل . كما أنه تم تبليغ من تم جرهم للمحكمة بالحكم الصادر في حقهم، وقد تم بطبيعة الحال استئناف هذا الحكم وسنرى ما ستسفر عنه جلسات هذه المرحلة من التقاضي بهذا الخصوص، إلا أنه يتوجب طرح بعض الأسئلة على أمل أن تخرج السلطات المحلية أو الجهة التي اقتنت أرض ال 70 هكتار للتواصل مع المتضررين/ت والاستجابة لمطالبهم .
لقد تمت عملية البيع، بعد التفويت للوكالة المغربية لتنمية اللوجستيك AMDL التي حازت العقار، ليس فارغا بعد ، دون أن يظهر أدنى أثر للتعويضات السطحية التي تعتقل السلطات المحلية تفاصيلها ولا تبوح بها إلا لمن كلف نفسه عناء الاتصال بها رغم ما يشوبها من اختلالات ونقائص جراء اعتمادها على قياسات المسيرات (الدرونات) وبعض المعلومات التي قدمها النواب الجماعيون رقم قصورها. فهل سيتم تصحيح الوضع بإسناد مهمة التحقق والتقييم وإعادة القياسات إلى جهة محايدة تحظى بموافقة الساكنة المتضررة ؟
إن هذا الوضع يطرح سؤالا عريضا حول كيف يمكن أن تستسيغ الساكنة تعويض أصحاب الأراضي التي سيمر منها القطار الفائق السرعة TGV قبل مغادرتهم أراضيهم من طرف المكتب الوطني للسكك الحديدية ONCF بينما تتباطئ AMDL في صرف التعويضات السطحية وعن الأراضي التي تمت حيازتها. فما هو رأي وزارة النقل واللوجستيك في هذه النازلة باعتبارها الوزارة الوصية عن المؤسستين، وهل تقبل بسياسة الكيل بمكيالين في معالجة ملفين متشابهين وفي نفس الجماعة الترابية أولاد صالح بخصوص حيازة أراضي من أصحابها من اجل إقامة مشاريع استثمارية ؟
قد يقول قائل أن أراضي الجموع لها مسطرة خاصة والوضع يختلف على اعتبار أن وزارة الداخلية هي من ستقوم بتعويض الأرض، فهل ترضى هذه الوزارة لنفسها أنها لم تعوض الساكنة في حينه في الوقت الذي تعوض فيه وزارات أخرى المتضررين وبالسرعة اللازمة ؟ إن الساكنة التي سيتم ترحيلها وتهجيرها تطالب من السلطات أن تعوض لها مساكنها التي سيتم هدمها على اعتبار أن أصحاب المساكن لم يختاروا هذا الوضع لكن فرضته عليهم الشركة المقتنية للعقار وبالتالي يجب أن توفر لهم مساكن على غرار مواطنين مالكين أو مكترين طال الهدم منازلهم في جهات أخرى، فلماذا إذن تريد السلطة هنا الالتفاف على هذا المطلب المشروع ولا تسلك ما سلكته أو تسلكه نظيراتها في جهات أخرى ؟
وفي السياق ذاته، فإنه باستثناء بعض الحالات المحسوبة على رؤوس الأصابع، ستكون التعويضات السطحية عند السواد الأعظم، ضعيفة وهزيلة ولا ترقى إلى مستوى ما تم عمليا إنفاقه على هذه المنازل لكي يتسنى اقتناء مساكن مقبولة حتى لا نقول جيدة فهل تتفضل الجهات المعنية بهذا الملف بربط كل التعويضات مع بعضها ( السطحية وتعويض الأرض) وصرفها في نفس الوقت وفي ذلك بعض من جبر الأضرار ؟ إن الساكنة تتمنى أن تتعامل الجهات المعنية مع هذه الأسئلة بروح ايجابية وتتجاوب مع انتظاراتها والتي بطبيعة الحال لن تجبر إطلاقا بخاطرها ولن تعوضها أبدا عن الخسارات المترتبة عن هذا الترحيل والتهجير القسريين.


الكاتب : مراسلة خاصة

  

بتاريخ : 24/04/2025