باسمه وباسم الشعب المغربي : جلالة الملك يعلن الوقوف الدائم مع الشعب اللبناني

بيروت تنفجر.. نصف المدينة تحول رمادا ونصفها على أبواب الجنون

 

 

بعث جلالة الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة الى رئيـس الجمهـوريـة اللبنـانيـة العماد ميشال عون على إثر الانفجار المفجع الذي وقع في مرفأ بيروت، مخلفا العديد من الضحايا وخسائر مادية جسيمة.
ومما جاء في برقية جلالة الملك “على إثر الانفجار المفجع الذي وقع في مرفأ بيروت، مخلفا العديد من الضحايا وخسائر مادية جسيمة، أتقدم إلى فخامتكم، ومن خلالكم إلى الأسر المكلومة وإلى الشعب اللبناني الشقيق بأحر التعازي وصادق المواساة، سائلا الله تعالى أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته ويلهمكم وذويهم جميل الصبر وحسن العزاء، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل”.
وأعرب جلالة الملك، في هذه البرقية، باسمه وباسم الشعب المغربي، لرئيـس الجمهـوريـة اللبنـانيـة “عن صادق مشاعر تعاطفنا وتضامننا مع بلدكم في هذا الظرف العصيب، مؤكدين لكم وقوف المملكة المغربية الدائم مع الشعب اللبناني الشقيق”.
وأضاف جلالة الملك ” وإذ أدعو الله تعالى أن يحفظكم ويجنب بلدكم كل مكروه، وأن ينعم عليه بالأمن والطمأنينة والاستقرار، أرجو أن تتفضلوا بقبول فائق عبارات تقديري وتعاطفي”.
وعرفت منصات التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها، تضامن الشعب المغربي مع لبنان وبيروت خصوصا في الفاجعة، وحملت أرقى أنواع التعبير والتضامن مع البلد العربي المفجوع مرات ومرات، والجريح اقتصاديا، وتضمنت التدوينات مئات الصور للانفجار الرهيب وإعلان التضامن المطلق، وهو ما جاء مكثفا ومعبرا في الرسالة الملكية إلى العماد ميشيل عون رئيس الجمهورية اللبنانية حيث إن العلاقات المغربية اللبنانية مبنية، دوما، على الأخوة والاحترام والتعاون، ومن جانبها أكدت السفارة المغربية إصابة مواطنة مغربية في الواقعة الأليمة.
واهتز قلب بيروت الجريحة، أول أمس، على وقع انفجار غامض قدر خبراء قوته بزلزال يصل خمس درجات، وخلف أزيد من 100 قتيل وأربعة آلاف جريح في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع نظرا لقوة الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت وشريانها وقلبها النابض .
وأعلن مجلس الدفاع الوطني في لبنان بيروت “مدينة منكوبة” وأوصى بإعلان “حالة الطوارئ” في البلاد على خلفية الحادث، فيما قال الرئيس اللبناني، ميشال عون، في مستهل اجتماع مجلس الدفاع الأعلى، “إن كارثة كبرى حلت ببلاده”، وأعلن محافظ بيروت مروان عبود الأربعاء أن نحو 300 ألف شخص باتوا مشردين في العاصمة اللبنانية، التي طال الدمار الناتج عن انفجار مرفئها، الثلاثاء، نحو نصف مساحتها، متسببا بأضرار تتخطى كلفتها ثلاثة ملايير دولار. وقال عبود لوكالة فرانس بريس “أعتقد أن هناك بين 250 و300 ألف شخص باتوا من دون منازل، منازلهم أصبحت غير صالحة للسكن”، مشيرا إلى أنه يقدر كلفة الأضرار بما بين ثلاثة وخمسة ملايير دولار، بانتظار أن يصدر عن المهندسين والخبراء التقارير النهائية. وقال “نحو نصف بيروت تضرر أو تدمر. إنه وضع كارثي لم تشهده بيروت في تاريخها “، وقال الرئيس عون في مستهل جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية، “إننا مصممون على السير في التحقيقات وكشف ملابسات ما حصل في أسرع وقت ممكن ومحاسبة المسؤولين والمقصرين وإنزال أشد العقوبات بهم وسنعلن بشفافية نتائج التحقيقات التي ستجريها لجنة التحقيق”.
ودعا عون الهيئة العليا للإغاثة إلى تكثيف عملها لإجراء مسح شامل وتقديم التعويضات اللازمة.. ووفقا لتصريحات رسمية، فإن الانفجار نجم عن شحنة من نترات الأمونيوم تقدّر بنحو 2750 طنا موجودة منذ 6 سنوات في مستودع من دون إجراءات وقائية. كمية حولت نصف بيروت إلى رماد والنصف الآخر تحت وطأة الدخان وخطورة المادة المتفجرة .
العالم يمد يده لغسل دماء بيروت النازفة فعلا وليس مجازا فالصور حملت دماء من تبقى على قيد الحياة والآلاف عجزت المصالح الطبية عن استيعابهم أو مدهم بيد المساعدة ، وعمت الفوضى المدينة التي تولى الجيش إدارتها طبقا لقانون الطوارئ، وهي عاجزة عن تدبير همها اليومي وحديث عن حالة جوع قادمة بعدما مست كل مقومات الحياة في المدينة في انفجار ليس الأول الذي يضربها، لكنها تنبعث دوما كطائر الفينيق من تحت الرماد.
الانفجار الكبير، والذي شكل في لحظات مشاهد من حرب نووية أو جحيم حقيقي ، أنهى أحلام بيروت ولبنان، في التعافي الاقتصادي وأضحت تمد يدها للخروج من جحيم النار ومن تحت الأنقاض، لتلقي مساعدات يجري تسييرها من مختلف البقاع والأقطار، وهي مساعدات تسير على خط النار في بلد كل شيء فيه يسيس ويدول، وتبقى بيروت أغنية مستباحة كلماتها حتى الثمالة، أكيد ستبقى بيروت ويبقى لبنان دليلا على أن الفناء لا يأتي من بيروت .
رغم احتراق نصفها ووقوف النصف الآخر معمدا بالدم والنار فبيروت آتية دوما بأفق إنساني يحمل الإنسان قبل أي شيء آخر.


الكاتب : محمد الطالبي - الرباط

  

بتاريخ : 06/08/2020