بالحبر و الصورة : ارحمونا من «كورونا العبث والإشاعة»

 

الظاهر أن كورونا ليست كورونا واحدة، بل هي كورونا متعددة.. وتعددها آت من شكل تعامل كل مجتمع (تأسيسا على منظومة قيمه التي تؤطر سلوك أبنائه)، مع تفشي الفيروس.. ولعل أخطر أنواع الكورونا التي تفشت هذه الأيام ببلادنا هي «كورونا الإشاعة» و«كورونا التدليس» و«كورونا الخرافة»..
فهذا مدع يتلبس لبوس الدين ويخرج على الناس بكل صلافة ليقول إنه يمتلك «سر الرقية» للقضاء على الفيروس.. وذاك يقتنص الفرصة ضمن استراتيجية واضحة للإساءة للأمن العام للمغاربة، ليبث الأخبار الزائفة والكاذبة.. وبينهما يسجل المرء بروز ثقافة شعبية (قدرية) يحركها الخوف من الخطر الداهم للوباء، تقدم مادة غنية لكل الباحثين السوسيولوجيين وعلماء النفس لقياس درجة «الوعي المديني المواطن» عند الفرد المغربي، بكل إسقاطاته على حلم بناء دولة المؤسسات..
لكن الأكثر طرحا لعلامات الاستفهام ضمن أنواع «الكورونا المغربية» هذه، شكل تعامل المؤسسات الرسمية مع تدبير الملف في شموليته، حيث يسجل تضارب للبيانات والقرارات، تعكس غياب رؤية مركزية موحدة وقرار مركزي موحد في كل ما يرتبط باستراتيجية مواجهة فيروس «الكوفيد 19». فكل يغني على ليلاه في ما يشبه التضارب والتسابق وأحيانا المزايدة. والحال أن هناك إطارا مركزيا أعلن عنه منذ أيام، هو المفروض فيه أن يصدر القرارات بشكل ممركز، بدلا من «التلاعب» في البيانات والقرارات الذي يدوخ المغاربة حتى الآن.
ولعل من المضحكات المبكيات، بعض البلاغات الصادرة عن جهات حكومية رسمية التي لا يستقيم فيها منطق وحجة إقناع، لعل آخرها البلاغ الذي يتحدث عن منع كل الأنشطة الفنية والجماهيرية عدا «المواسم». سبحان الله، كما لو أن المواسم لها «رُقْية شرعية خاصة». وبعض التفسيرات ذهبت إلى أن «المواسم» هي أصلا تجمعات قروية وفي أماكن مفتوحة، ويحق لنا هنا التساؤل: أليست تقام مباريات كرة القدم وطواف المغرب للدراجات في فضاءات مفتوحة؟ أم أن «المواسم» فضاءاتها مفتوحة ومُشرعة، بينما الباقي «ماشي شي مفتوحة نيت»؟.
ارحمونا من «كورونا العبث» المغربية هذه، وقليل من الرقي في التعامل المؤسساتي مع ظاهرة فيروس «الكوفيد 19»، حماية لمصداقية المواجهة وشكل تدبيرها، وأيضا لقطع الطريق أمام كل أسباب التشويش والتشكيك والعبث بالأمن العام الذي ينفذه البعض ضد المغرب والمغاربة.


بتاريخ : 07/03/2020

أخبار مرتبطة

يجري المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي زيارة عمل إلى دولة تركيا، خلال الفترة الممتدة ما

  ارتفعت الفاتورة الغذائية للمغرب خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري بأزيد من 718 مليون درهم، حيث كلفت المواد

من رؤوسها الكبار رئيس الوزراء ووزير الدفاع إيهود باراك وممثل إسرائيل في مجلس الأمن   كشفت مجلة «جون أفريك» الصادرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *