بالحبر و الصورة : المدرسة، كورونا والماء

 

من أغرب ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي أن طبيبا زار إحدى الفرعيات بالعالم القروي، في إطار الزيارات الميدانية من أجل توعية التلاميذ بما يجب فعله للوقاية من عدوى فيروس كورونا. طلب الطبيب من المعلمة المشرفة أن تلح على شرط النظافة بالنسبة للتلاميذ، داخل الفرعية وخارجها،وخاصة التوعية بضرورة غسل اليدين بشكل متكرر ومستمر، فكان جواب المعلمة: «ما عندناش الما فْ الفرعية…».
هذه الواقعة الطريفة، تقدم لنا -على نحو بليغ وكارثي وجارح- الوضع الذي تعيشه المدرسة بالعالم القروي، إذ تفتقد إلى أبسط وسائل الوقاية من انتشار الأوبئة. وهذا ما يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا أمام الخطاب المطَمئن الذي يرشقنا به المسؤولون على الصحة، وعلى الأمن الاجتماعي العام، ذلك أن خطاب الطمأنة والتهدئة- ونحن ضد أي تهويل- لا يمكن الركون إليه دون سند قائم في الواقع، وليس في إرادة الحفاظ على السير العادي للحياة، وكأن لا شيء يقع بين ظهرانينا، وعلى مقربة منا، وفي جميع بقاع العالم.
لقد أكد مصدر من وزارة التربية الوطنية، أن ليس هناك أي تفكير في توقيف الدراسة أو تقديم موعد العطلة المدرسية بسبب تسجيل إصابات بفيروس كورونا المستجد بالبلاد، كما أوضح أن الوضع -إلى حد الساعة- لا يتطلب اتخاذ إجراءات بهذا الحجم، لاسيما أن الفيروس «غير متفش» بشكل واسع.
لكن السؤال هو: إذا كان الماء، وهو أبسط الأشياء التي ينبغي توفرها في مدرسة، غائبا ولا وجود له إلا في أماني المسؤولين، فكيف يمكن اتخاذ الاحتياطات الوقائية من العدوى، وكيف يمكن غسل اليدين؟ وكيف يمكن تأسيسا على ذلك السماح بالاختلاط، والحال أن المغرب انتقل على نحو سريع، إلى تسجيل 5 حالة إصابة.
لقد سبق أن راسل المدراء الإقليميون لوزارة التربية الوطنية رئيسات ورؤساء المؤسسات التعليمية، لحثهم على توفير مادة الصابون السائل في المغاسل بالمؤسسات التعليمية، لكن كيف يمكن الحديث عن الصابون السائل والمغاسل غير موجودة أصلا، أو أنها لا تتوفر على مياه.
نعم لتوعية التلاميذ بسبُل الوقاية من الفيروس المستجد، ونعم لتفعيل الأندية البيئية الصحية التي قَدّمت للمتعلّمين بعض العروض والورشات التفاعلية بشأن الموضوع، ونعم لانخراط المجتمع المدني في مثل هذه المبادرات، لكن من الضروري «أنسنة» مدارس العالم القروي، وتزويدها بالمادة الأولى للحياة..


بتاريخ : 12/03/2020