انتخب البرلمان اللبناني، الخميس، جوزيف عون رئيسا للبنان إثر حصوله على 99 صوتا من إجمالي 128 في الجلسة الثانية من التصويت.
وأدى عون اليمين الدستورية عقب انتهاء التصويت في قاعة البرلمان اللبناني، وأشار إلى أن «اليوم تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ لبنان».
وقال الرئيس اللبناني المنتخب في أول خطاب له عقب أداء اليمين، «أعاهدكم أن أمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة كحكم عادل بين المؤسسات»، لافتا إلى أنه «إذا أردنا أن نبني وطنا علينا أن نكون جميعا تحت سقف القانون».
وأضاف أنه لن يكون هناك «تدخل في القضاء والمخافر ولا محسوبيات ولا حصانات لمجرم أو فاسد»، متعهدا «بالعمل مع الحكومة المقبلة على إقرار مشروع قانون لاستقلال القضاء».
وأشار الرئيس اللبناني المنتخب إلى أنه سيعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصرا على الدولة. كما تعهد «بإعادة إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي في الجنوب والبقاع والضاحية وجميع أنحاء لبنان»، داعيا إلى «مناقشة سياسة دفاعية متكاملة بما يمكن الدولة من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه».
وشدد على عزمه «إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة»، بالإضافة إلى «التمسك بمبدأ عدم توطين الأخوة الفلسطينيين حفاظا على حق العودة».
وأشار الرئيس المنتخب إلى أن لدى لبنان فرصة لإقامة علاقات جيدة مع سوريا»، مشيرا إلى ضرورة «ممارسة سياسة الحياد الإيجابي وألا نصدر لدول الخليج والمشرق سوى أفضل ما لدينا».
وكانت الدورة الأولى للجلسة البرلمانية رقم 13 انتهت دون انتخاب رئيس للجمهورية، لعدم حصول أي من المرشحين على عدد أصوات يعادل ثلثي النواب الـ 128، وفق ما ينص عليه الدستور.
وبعد جلسة حضرها جميع أعضاء البرلمان، حصل قائد الجيش العماد جوزيف عون على 71 صوتا، فيما صوّت 37 نائبا بورقة بيضاء، واعتبرت 4 أوراق ملغاة.
وافتتح رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، صباح الخميس، الجلسة رقم 13 لانتخاب رئيس جديد للبلاد بعد أكثر من عامين على الفراغ في سدة الرئاسة الأولى عقب انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر الأول 2022.
وشهدت الجلسة شتائم وسجالات حادة بين النائبة بولا يعقوبيان، والنائب سليم عون، القيادي في التيار الوطني الحر.
ووفق التصريحات الرسمية من قبل نواب مستقلين وكتل نيابية وازنة، فقد أعلن حوالي 81 نائبا من أصل 128 الأربعاء، أنهم سيصوتون لقائد الجيش جوزيف عون.
وأعلنت وكالة الأنباء اللبنانية عن بدء الجلسة النيابية لانتخاب الرئيس الـ 14 للجمهورية بعد اكتمال النصاب، بحضور الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، والموفد السعودي يزيد بن فرحان، سفراء اللجنة الخماسية التي تعمل على حل أزمة الفراغ الرئاسي ( تضم الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر)، وعدد من الدبلوماسيين.
وجراء خلافات بين القوى السياسية، يعيش لبنان فراغا رئاسيا منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر2022.
وبحسب العرف السياسي السائد في البلاد، فإنه يجب أن يكون رئيس الجمهورية مسيحيا من الطائفة المارونية، بينما يعود منصب رئيس الحكومة للطائفة السنيّة، ومنصب رئيس مجلس النواب للطائفة الشيعية.
وتستمر ولاية رئيس الجمهورية 6 أعوام، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور 6 أعوام على انتهاء ولايته.
من هو جوزيف عون؟
جوزيف خليل عون، من مواليد 1964، في بلدة سن الفيل قضاء المتن، وينحدر بالأصل من بلدة العيشية جنوب لبنان.
حاصل على الإجازة في العلوم السياسية والعلوم العسكرية، بدأ خدمته العسكرية متطوعا في الجيش اللبناني عام 1983، ومنذ العام 1984 شارك في العديد من الدورات، وصولا إلى دورة ضباط، حصل فيها على رتبة ملازم عام 1986.
وتدرج في المناصب العسكرية، في سلاح المشاة، منذ الثمانينيات، وصولا إلى قيادته إحدى كتائب الجيش عام 2002، ودورة الأركان عام 2012.
وخلال خدمته العسكرية، شارك في العديد من الدورات العسكرية في الولايات المتحدة، للمشاة ومكافحة الإرهاب، كما شارك في دورات عسكرية منذ العام 1996-2003 في سوريا.
وفي الثامن من مارس 2017، صدر قرار من مجلس الوزراء اللبناني، بترفيع عون إلى رتبة عماد وتسليمه قيادة الجيش اللبناني.
ترحيب عربي ودولي
إلى ذلك، هنأت العديد من الدول حول العالم والحركات والمنظمات العربية لبنان بانتخاب جوزيف عون رئيسا جديدا بعد فراغ رئاسي دام لأكثر من عامين.
فعربيا، بعث ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز برقية تهنئة لعون بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية وأدائه اليمين الدستورية.
وأعرب الملك سلمان في البرقية «عن أصدق التهاني وأطيب التمنيات بالتوفيق والسداد للرئيس اللبناني، ولشعب الجمهورية اللبنانية الشقيق بالمزيد من التقدم والازدهار»، وفق وكالة الأنباء السعودية «واس».
كما بعث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان برقية تهنئة مماثلة، وفق المصدر ذاته.
وفي الدوحة، هنأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بانتخاب عون رئيسا. وقال في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»: «أُبارك للرئيس اللبناني العماد جوزيف عون انتخابه رئيسا جديدا للجمهورية، وللشعب اللبناني الشقيق».
وأعرب الأمير تميم عن أمله أن «تمثل هذه الخطوة بداية مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار» للبنان. وتعهد بأن «قطر ستظل دائما داعمة للبنان وشعبه في مسيرتهم نحو مستقبل مشرق».
على النحو ذاته، قالت الخارجية القطرية، في بيان، إن بلادها «ترحب بانتخاب مجلس النواب اللبناني» عون رئيسا، معربة عن تمنيات قطر للرئيس اللبناني الجديد «بالتوفيق في مهام منصبه وللعلاقات بين البلدين بالمزيد من التطوير». كما تطلعت قطر إلى أن «يسهم إنهاء الشغور الرئاسي في إرساء الأمن والاستقرار في لبنان وتحقيق تطلعات شعبه في التقدم والتنمية والازدهار». وأكدت «مواصلة وقوفها الدائم إلى جانب الشعب اللبناني، وجددت موقفها الداعم لوحدة وسيادة وأمن واستقرار الجمهورية اللبنانية»، وفق البيان ذاته.
من جانبه، قدم الملك عبد الله الثاني التهنئة لعون، قائلا في منشور عبر منصة «إكس»: «مبارك للبنان الشقيق وشعبه العزيز انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا». وأضاف: «أجدد التأكيد على دعم الأردن للبنان في تعزيز أمنه واستقراره وازدهاره ودوره في محيطه العربي»، متمنيا «التوفيق للرئيس عون في خدمة بلده وشعبه».
ومن رام الله، هنأ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، عبر برقية، عون بانتخابه رئيسا للبنان، متمنيا «التوفيق والسداد له بقيادة لبنان»، وفق وكالة الأنباء الرسمية «وفا».
بدورها، أعربت وزارة الخارجية العراقية، عبر بيان، عن ترحيب بلادها بانتخاب عون رئيسا للجمهورية اللبنانية، مشيدة «بهذه الخطوة المهمة نحو تعزيز الاستقرار السياسي في لبنان».وأضافت: «نبارك هذا الإنجاز، ونأمل أن تسهم قيادة الرئيس عون في تحقيق تطلعات الشعب اللبناني الشقيق نحو مستقبل مشرق يسوده التقدم والازدهار». وأكدت «وقوف العراق، حكومة وشعبا، الدائم إلى جانب لبنان في مواجهة التحديات».
من جهته، بعث رئيس مجلس القيادة الرئاسي باليمن رشاد محمد العليمي، برقية تهنئة إلى عون، هنأه فيها بمناسبة انتخابه رئيسا للبنان.
وتمنى العليمي لعون «التوفيق والسداد، وموفور الصحة والسعادة، وللشعب اللبناني الشقيق الاستقرار والسلام والتنمية»، وفق بيان للخارجية اليمنية.
وعلى صعيد متصل، قالت السفيرة الأمريكية لدى لبنان ليزا جونسون إنها «سعيدة للغاية» بانتخاب قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيسا للبلاد.
وكانت جونسون ومبعوثون أجانب آخرون قد حضروا جلسة اليوم الخميس في مجلس النواب اللبناني التي انتُخب فيها عون.
ورحبت وزارة الخارجية الإيرانية بانتخاب عون رئيسا جديدا للبنان، وهنأت لبنان حكومة وشعبا وجميع المجموعات والأحزاب النشطة في الساحة السياسية للبلاد بذلك.
وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن هذا الانتخاب الذي جاء كحصيلة وئام وتوافق غالبية المجموعات والأحزاب اللبنانية، يشكل نجاحا للبنان ككل، معربا عن تمنياته بأن يسهم انتخاب رئيس للبلاد في تعزيز الوحدة والانسجام الداخلي في لبنان.
وأشار إلى «العلاقات التاريخية» بين إيران ولبنان، مشددا على استعداد طهران لتوسيع العلاقات مع الحكومة اللبنانية في جميع المجالات.
من جانبها، هنأت تركيا الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون، معربة عن أملها في أن يساهم انتخابه في «تحقيق الاستقرار» في لبنان.
وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان، «نأمل أن تساهم الحكومة المقبلة التي سيتم تشكيلها في استقرار لبنان، وكذلك في السلم والازدهار في المنطقة».
بدورها، هنأت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، بانتخاب عون رئيسا للبنان، وأشارت إلى أن ذلك «يفتح آفاقا لتعزيز الاستقرار السياسي الداخلي في لبنان وتعافي الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب في البلاد».
وعلى مستوى المنظمات والحركات العربية، كتب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، في منشور عبر منصة «إكس» مقدما «صادق التهنئة للبنان على انتخاب الرئيس عون رئيسا جديدا للبلاد بعد طول انتظار». وأضاف: «كل التمنيات الطيبة للرئيس الجديد بالتوفيق في مهامه الجديدة ولشعب لبنان بالسلام والاستقرار والرفاه».
من جانبه، بارك الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، عبر بيان، «للشعب اللبناني الشقيق على انتخاب البرلمان عون رئيسا للجمهورية اللبنانية».
وأعرب البديوي عن التطلع لأن تسهم هذه الخطوة في «استعادة الأمن والسلام في لبنان، وتحقيق تطلعات الشعب اللبناني في الاستقرار والرخاء والتنمية».
كما تمنى أن «يشهد عهد الرئيس عون تعزيز العلاقات التاريخية بين مجلس التعاون الخليجي ولبنان».
لماذا تمديد ولاية قائد الجيش؟
يذكر أنه تمهيدا لتوليه رئاسة البلاد، مدد البرلمان اللبناني ولاية قائد الجيش، العماد جوزيف عون، عاما واحدا، مما يتيح تفادي شغور المؤسسة العسكرية في ظل أزمة سياسية في البلاد، وحرب في الجوار.
وكان من المقرر أن يحال عون على التقاعد في 10 يناير المقبل، علما بأن منصب رئيس الأركان الذي يتولى قيادة القوات المسلحة في حال شغور منصب القائد، شاغر أيضا.
يأتي ذلك في ظل أزمة سياسية حادة، تتمثّل على وجه الخصوص بشغور منصب رئيس الجمهورية منذ أكثر من 13 شهرا، ووجود حكومة تصريف أعمال تحول الانقسامات السياسية والقوانين دون أداء مهامها بشكل فاعل، ما يؤدي الى شلل شبه كامل على صعيد اتخاذ القرار.
وأقر مجلس النواب في جلسة عقدها الجمعة الماضي، اقتراح قانون رفع سنّ التقاعد لقادة الأجهزة الأمنية الذين يحملون رتبة عماد أو لواء «لمدة سنة واحدة»، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام.
وقال رئيس البرلمان نبيه بري قبل التصويت على المشروع: «كل اللبنانيين دون استثناء هم مع الجيش اللبناني»، معتبرا أن المجلس «لا يستطيع سوى القيام بدوره في هذا المجال».
وحذّر من أنه في حال عدم المضي بالتمديد لقائد الجيش في مجلس النواب، «نخشى أن ندخل في الفراغ».
ويبلغ عديد الجيش اللبناني زهاء 80 ألف عنصر، ويؤدي دورا أساسيا في حفظ الأمن الداخلي، إضافة إلى انتشاره في المناطق الحدودية شمالا وشرقا وجنوبا.
وكغيره من المؤسسات المرتبطة بالدولة، يعاني الجيش تبعات الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يشهدها لبنان منذ أكثر من أربعة أعوام، ويعوّل على مساعدات عينية ونقدية من دول عدة منها الولايات المتحدة وقطر.
وقد أتى التمديد لقائد الجيش اللبناني في وقت تشهد الحدود الجنوبية مع إسرائيل، قصفا متبادلا بشكل يومي بين الاحتلال وحزب الله على خلفية الحرب في غزة. وأسفر التصعيد عن مقتل 129 شخصا، بينهم 91 مقاتلا في صفوف حزب الله و17 مدنيا، بينهم ثلاثة صحفيين، إضافة إلى عسكري في الجيش اللبناني، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس. وأفادت السلطات الإسرائيلية عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل في الجانب الإسرائيلي.