بحضور ممثلي جمعيات مدنية بخنيفرة : تشخيص نقائص الفعل الجمعوي في أفق تجاوز الإكراهات المعيقة لبلوغ الأهداف المتوخاة

 

احتضن «مركز روافد للأبحاث والفنون والإعلام» بخنيفرة، السبت 25 دجنبر 2021، مائدة مستديرة حول موضوع: «العمل الجمعوي محلياً بين الواقع والانتظارات»، والتي احتضنها المركز الثقافي أبو القاسم الزياني بمشاركة ممثلي جمعيات محلية و مهتمين بحقل المجتمع المدني
بعد كلمة مسير الجلسة م. إدريس أشهبون، الذي وضع الحضور في صلب ودلالة اللقاء، افتتح رئيس المركز ،حميد ركاطة، أشغال اللقاء بكلمة أشارت إلى « جائحة كورونا التي قيدت حركة المجتمع المدني واللقاءات الثقافية والفكرية والفنية»، وأن «اللقاء جاء بغاية ضمان استمرار الحركة الجمعوية بالمدينة، ولأجل مناقشة وتشخيص واقع وانتظارات وتحديات الفعل الجمعوي على أمل الخروج بتوصيات وخارطة طريق».
م.إدريس أشهبون، توقف عند سؤال «مدى تمكن «الخطاب السياسي المغربي من جعل العمل الجمعوي فاعلا ضمن فواعل أخرى تسعى إلى تحقيق أهداف التنمية التي ينشدها المجتمع، وكيف يغدو هذا العمل رافدا من روافد العمل الجماهيري، ويغذي التدافع الاجتماعي في أبعاده الثقافية والإيديولوجية، إضافة إلى كونه مجالا لتأطير الشباب نحو امتلاك الوعي بدواتهم وبطبيعة الأدوار الموكولة لهم في حركة التغير والتقدم»، وفق الأرضية، طارحا سؤالين آخرين للنقاش، يتعلق الأول ب «توصيف الراهن من داخل الأطياف الجمعوية، والملاحظة العملية للمعنيين، عبر سؤال: ما مستويات الإغراء والاستقطاب الذي تمتلكه الإطارات الجمعوية؟، وهل استطاعت من خلال جهودها تكسير الشروط النخبوية على مستوى النوع والسن والجغرافيا (المدن والقرى)؟، وما الأثر التنموي الذي تحقق محليا وجهويا أمام تعدد الإطارات في المنطقة؟». فيما تعلق السؤال الثاني، ب «أفق الممارسة الجمعوية وطموح الممارسين داخل مساحة تؤطرها القوانين المنظمة»، فضلا عن «سؤال ميزانيات الدعم ومعاييرها؟، الوثائق التي تطلبها السلطات في عدد من المشاريع؟، ثم ما يتعلق بصفة المنفعة العامة وما تخوله من امتيازات ودعم، والتي من المفروض أن تشمل كثيرا من الجمعيات، بينما لا يستفيد منها إلا أقل من 1 بالمائة» .
ممثل «جمعية العنقاء للتنمية الاجتماعية» استعرض تاريخ العمل الجمعوي، مشيرا ل «قلة الموارد المالية، وعدم تفعيل قاعدة التشبيب ومظاهر إقصاء الجمعيات من المشاركة في تدبير الشأن المحلي، وتغييب الجماعات لدور الجمعيات في التنمية، ثم واقع الارتجال في علاقة السلطة بالجمعيات…»
وتحدث ممثل «جمعية تيسوريفين وورغ للتنمية المستدامة»، عن «اكراهات الفعل الجمعوي»، وسبل معالجتها «حتى يمكن للجمعيات أن تكون شريكا فعليا في الحياة العامة» وذلك من خلال «عملية التشخيص والنقاش المسؤول وتقوية الروابط الاجتماعية بشكل قادر على مواجهة التحديات»، و» تجاوز الطابع الانفرادي إلى الجماعي والالتزام أكثر بالمبادئ النزيهة والمسؤولة للعمل الجمعوي».
وبدوره، أشار ممثل «جمعية الشعلة للتربية والثقافة»، لـ «أهمية التكوين والتأهيل، وللجمعيات المحلية والوطنية والحاملة لصفة المنفعة العامة، وعلاقة المشاريع المتضمنة لحمولات فكرية بالمشاريع الخاصة بالمجتمع والدولة»، قبل استعراضه لمطالب الشعلة، مثل» الحاجة لمدونة خاصة بالجمعيات وتفعيل الدستور في ما يخص المجتمع المدني، والتفاعل مع القضايا المدنية بغاية تجويد الفعل المدني، وإخراج إطار قانوني خاص بالفاعل الاجتماعي»، وعبر إشارته لمذكرة وزارة الداخلية المتعلقة بالدعم، تطرق لعدد الجمعيات المحلية ومجموع الدعم الذي حصلت عليه.
ممثلة «جمعية أنير للتنمية النسوية والتكافل الاجتماعي»، تحدثت عن «الخطاب الجمعوي في علاقته بالخطاب السياسي، وتداعيات الظرفية الوبائية على الفعل الجمعوي، والحاجة للتكوينات واللقاءات المستمرة» ، موضحة أن «المشكل المادي لا يجب جعله هاجسا مكبلا للمبادرات المنوطة بالعمل الجمعوي»، لافتة إلى «أنه لا ينبغي قطع العلاقة مع الفاعل السياسي طالما الفاعل الجمعوي يؤمن بالمقاربة التشاركية وبقوته الاقتراحية».
وأكد ممثل «جمعية أمغار للثقافة والتنمية» أنه «لا تنمية بدون العمل الجمعوي الذي يظل صماما للأمان في أي مجتمع»، مع التطرق «لتجربة المغرب في العمل الجمعوي قبل الاستقلال وإلى الآن، وكيف كان العمل بصيغة جماعة ليصبح بصيغة فردانية»، مبرزا «أن العمل الجمعوي يعتبر مبدأ وإيمانا بفكرة وليس عملا تطوعيا فقط».
وتطرق ممثل «جمعية الأنصار للثقافة»، لما «يجب انتظاره والخروج به من اللقاء»، معبرا عن «افتخاره برصيد العمل الجمعوي على مستوى مدينة خنيفرة، وكيف تمكن الفاعل الجمعوي المحلي، بجهوده ومبادراته وتضحياته، أن يجعل لمدينته وزنا لائقا بها على الصعيد الوطني»، مؤكدا على أهمية «الدعم المادي باعتباره المحرك الأساسي للرقي بالفعل الجمعوي»
ومن جهته، سجل ممثل «جمعية الأمل للتنمية والثقافة» بعض الملاحظات بالساحة الجمعوية، ومن ذلك «بعض الجمعيات الإحسانية التي تحولت لحاملة لمشاريع ومواقف»، مستغربا من «العدد الهائل من الجمعيات المحلية الذي عرفته المدينة، والذي تجاوز الألف وليس بينها سوى القليل الذي يعمل وينتج»، مؤكدا «استحالة الحديث عن العمل الجمعوي من دون تصورات وارتباط بأفكار مركزية»، لافتا إلى وجود «جمعيات أضحت عبارة عن أدوات ومنتوجات بيد السياسي والمنتخب»، علما بأن «الجمعيات تساهم في التنمية ولا تصنع التنمية»، في إشارة منه لبعض الجمعيات التي تنشط باسم التنمية ولا علاقة لها بذلك، مقترحا «إمكانية تأسيس «مرصد جمعوي» يجمع الجمعيات النشيطة ويترافع عن برامجها».
واعتبر ممثل «جمعية اسمون نعاري للرياضات الجبلية» أن اللقاء «محطة مهمة لتشخيص الواقع»، مستغربا من «وجود أزيد من 1400 جمعية بخنيفرة مقابل وجود أزمة في الدور المنوط بها»، مؤكدا على ضرورة «فتح نقاش بين عموم الفاعلين لوضع الأصبع على الحصيلة وعلى ما ينبغي من الانتظارات والاكراهات بعيدا عن السوداوية».
وتحدث ممثل «جمعية لمسات فنية» عما وصلت إليه «جمعيات من مستوى عال، ومن إشعاع ثقافي وفني، محليا وجهويا ووطنيا»، متأسفا عن «كونها لاتزال خارج اهتمامات وتحفيزات بعض الجهات المسؤولة»، مؤكدا على «أهمية التوثيق، وعلى ضرورة تحقيق أمل التشبيك بين الجمعيات».
ورأى ممثل «جمعية أكورا للإبداع» أن لـ «كل جمعية استراتيجية خاصة بها لبناء مشاريعها»، وأغلب هذه الجمعيات «ليست لها امكانيات حقيقية يمكن التغلب بها على ما يعيق طموحاتها»، متأسفا كون «السلطات والجهات المسؤولة تعمد إلى التمييز بين الجمعيات، من خلال محاربتها لجمعيات معينة وإتاحة الامكانيات لأخرى غيرها».
وخلال النقاش أثيرت العديد من النقاط منها «واقع استفادة بعض الجمعيات من الامتيازات والدعم الوفير مقابل تطبيلها لهذه الجهة أو تلك»، واستمرار أطراف معلومة في «رفض التشبيك لأهداف معروفة»، فيما طالب أحد المتدخلين بـ «ضرورة إحالة ملفات الجمعيات على المجلس الأعلى للحسابات للوقوف على قيمة ومسؤولية كل جمعية ومدى حجم نشاطها على الميدان». كما تمت المطالبة بـ «الاسراع بفتح دار للشباب جديدة بعد إغلاق دار الشباب أم الربيع، حتى يمكن النهوض من جديد بالعمل الجمعوي وبالطفولة والشباب»، كما أكد متدخل على «ضرورة التشبيك والاشتغال على تقارير موضوعاتية»، وألح آخر على «أهمية الدورات التكوينية لاكتساب الخبرات وتبادل الآراء»، بينما طالب متدخل ب «تعزيز المركز الثقافي بما يلزم من التجهيزات اللوجستية والصوتية والمرافق الصحية».
وفي ذات اللقاء، تحدثت مديرة مركز أبو القاسم الزياني عن «حاجة المركز للعطاء طالما أن الإقليم يرقى جمعويا على كل الواجهات»، متأسفة، إزاء «فقر الأنشطة التي يمكنها إعطاء دينامية أكثر للمجتمع المدني»، موضحة «عدم الإخلال بمسؤولياتها في تحفيز العمل الجمعوي»، معلنة عن «فتح بابها في وجه الفاعلين»، وعن «استعدادها لأي حوار أو مبادرة دونما أي تمييز أو انتقائية بين الفعاليات الجمعوية».


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 05/01/2022