شيع عصر أول أمس، في جنازة رسمية وشعبية كبيرة، المجاهد الكبير والوطني الصادق محمد بنسعيد آيت إيدر، بحضور الأمير مولاي رشيد والأستاذ إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والعديد من الشخصيات وزعماء الأحزاب السياسية والنقابية والجمعوية والحقوقية وأفراد أسرة الفقيد وأقاربه وذويه، بعد صلاتي العصر والجنازة، وووري جثمان الفقيد الثرى بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء.
وبعث جلالة الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة المرحوم المجاهد والوطني الصادق محمد بنسعيد آيت إيدر.
وقال جلالة الملك، في هذه البرقية: «علمنا بعميق التأثر والأسى بالنبأ المحزن لوفاة المشمول بعفو الله تعالى ورضاه، المجاهد الكبير والوطني الصادق محمد بنسعيد آيت إيدر، تغمده سبحانه بواسع مغفرته ورضوانه، وأسكنه فسيح جنانه».
وأضاف جلالة الملك «وبهذه المناسبة الأليمة، نعرب لكم، ومن خلالكم لكافة أهل الفقيد العزيز، وذويه ولسائر أقاربه وأصدقائه، ولأسرته السياسية الوطنية، عن أحر تعازينا وأصدق مشاعر مواساتنا وتعاطفنا، في فقدان رائد من رواد المقاومة المغربية، والذي برحيله المفجع فقد المغرب أحد أبنائه البررة الذي نذر حياته لمقاومة الاستعمارين الفرنسي والإسباني، والدفاع عن حرية المغرب واستقلاله وكرامته، والذود عن وحدته الترابية، في تشبث مكين بثوابت الأمة ومقدساتها».
وتابع جلالته «وإننا لنستحضر في هذا الظرف العصيب، بكل تقدير وإكبار، المسار النضالي والحقوقي والسياسي الحافل والمتميز للراحل المبرور، المشهود له بدماثة الخلق وبالخصال الإنسانية الرفيعة، حيث، ظل رحمه الله، مثالا للوطنية الملتزمة والوفاء للمبادئ».
ومما جاء في هذه البرقية «وإذ نشاطركم أحزانكم في هذا الرزء الفادح الذي لا راد لقضاء الله فيه، لندعو الباري عز وجل أن يلهمكم جميل الصبر وحسن العزاء، وأن يبوئ الفقيد الكبير مكانا عليا مع المنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، ويجزيه الجزاء الأوفى على بلائه الحسن وعلى ما جسده من نموذج يحتذى في الإخلاص والتفاني ونكران الذات في خدمة المصالح العليا لوطنه، مصداقا لقوله سبحانه: «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا». و»إنا لله وإنا إليه راجعون». صدق الله العظيم.
من جهته قال إدريس لشكر : « محمد بنسعيد جمع مجد النضال والكفاح من مختلف أطرافه، في الوطنية كان نموذجا وفي المقاومة وجيش التحرير كان قائدا ومسؤولا وسياسيا كبيرا، وفي قيم العدالة الاجتماعية والاشتراكية وقيم اليسار قدم نموذجا للمساواة وللحرية وللعدالة «
وختم الكاتب الأول في تصريح لموقع « أنور بريس» على أن حجم الحضور لجنازة المناضل محمد بن سعيد أيت إير هو إجماع كل القوى واليسار على هذا الرجل الشامخ والقامة المهيبة والكبرى .
وفي كلمة تأبينية ألقاها عبد اللطيف اليوسفي أمام قبر المرحوم : « بقلوب خاشعة وعيون دامعة نودع اليوم رمزا استثنائيا من رموز وطننا ، رمزا استقطب محبة واحترام كافة شرائح المجتمع المغربي ، وتقدير مكوناته السياسية الوطنية بفضل تلك المصداقية الأصيلة التي ظل المناضل سي محمد بنسعيد يمثلها على امتداد حياة حافلة بالحركية والعطاء والبذل والفعل وإطلاق المبادرات منذ مرحلة الكفاح الوطني والمقاومة من أجل حرية الوطن واستقلاله؛ إلى مراحل الدفاع المتعدد الأشكال والواجهات عن الديمقراطية والكرامة والعدالة والحرية والمساواة الفعلية « .
وأضاف: « نعم نودعك رفيقنا العزيز تراب وطن وفيته حقه من نضالك وكفاحك فكنت في كل خطوة من خطوات هذه المسيرة الحياتية الحافلة مصرا على تحقيق العزة والكرامة والديمقراطية مناضلا شامخا كبيرا ما بدلت قناعاتك أبدا ولا قايضت موقفا بامتياز.كنت عفيفا متعففا عن الصراعات الجانبية أو الثانوية وعن الصغائر مهما كان مصدرها.. وختم اليوسفي : « كنت وستظل في ذاكرة شعبك وذاكرة رفيقاتك ورفاقك وفي ذاكرة المخلصات والمخلصين من أبناء وطنك مناضلا استثنائيا يعتز بك شعبك ووطنك ولم تنزع أبدا إلى فرض رأي بسلطتك ووضعك الاعتباريين لذلك صاحبت التجارب الفتية واحتضنت القيادات النسائية وشجعت المبادرات الشابة بسلوك منفتح دوما على المستقبل .
ونعت قيادة الاتحاد المجاهد محمد بنسعيد أيت يدر قائلة:
«مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً» صدق الله العظيم.
بقلوب راضية بقضاء الله وقدره، ينعي الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، أصالة عن نفسه ونيابة عن الاتحاديات والاتحاديين في القيادة والقاعدة، بأسى بالغ، رحيل الفقيد الكبير المجاهد محمد بنسعيد أيت يدر، المقاوم الوطني والمناضل الديموقراطي والقائد اليساري التقدمي ورجل السياسة الرفيع، الذي لبى نداء ربه فجر يوم الثلاثاء .
وبرحيل المقاوم بنسعيد أيت يدر، يفقد المغرب رجلا من الرعيل الأول في صفوف المقاومة وجيش التحرير، وأحد القادة الرئيسيين فيه، حيث تولى مهام المسؤول السياسي عن جيش التحرير في الجنوب، وهي السيرة العطرة التي قادته إلى تخوم صحرائنا المباركة والكفاح المسلح من أجل استكمال تحريرها.
وبصفته الوطنية الكفاحية خاض العديد من المعارك التي خلدت اسمه في سجل المقاومين الأفذاذ، الذي استرخصوا الغالي والنفيس في سبيل حرية الوطن وعزته.
والفقيد الذي خبر المنافي والمطاردات، كان من المؤسسين الأوائل للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حاليا ، إلى جانب قادته الخالدين أمثال الشهيد المهدي والفقيه البصري وعبد الرحمان اليوسفي وحسن سباطة وحسن صفي الدين، المعروف بحسن لعرج وسعيد بونعيلات وغيرهم من الأشاوس الذي طبعوا حياة الاتحاد ومعاركه الوطنية من أجل الاستقلال ثم من أجل استكمال التعاقد الوطني حول بناء الديموقراطية ودولة العدالة.
وإذ ينحني عموم المناضلين والمناضلات أمام روح قامة وطنية عالية، يستحضرون ما قدمته في سبيل دولة الحق والقانون والعدالة والمؤسسات، بشجاعة كبيرة وبصمود لم تنل منه كل تقلبات الحقل الوطني.
وقد كان الفقيد، بالرغم من تفرد تحليله وقناعاته الخاصة في تحليل الأوضاع، يعمل بكل جدية وثبات، من أجل توحيد القوة الوطنية الديموقراطية وفي قلبها اليسار الوطني الديموقراطي المناضل، سواء عند قيادته لمنظمة العمل الديموقراطي الشعبي أو عند توليه المسؤولية الوطنية لليسار الاشتراكي الموحد، كما شهدت على ذلك مواقفه حين تأسيس الكتلة الديموقراطية أو لما أبان عنه من انخراط ونكران ذات في العمل من أجل نجاحها وفعاليتها، كجبهة وطنية معارِضة، في تحقيق التقدم الضروري لبلادنا.
وسيشهد التاريخ أن الفقيد الكبير ظل الرجل الوطني الوحدوي، في تقدير المواقف سواء داخل الوطن أو كما على مستوى المغرب الكبير، حيث حافظ على روحه المغاربية بالرغم من الظروف المناهضة لها، في السياق الحالي في المنطقة.
رحم الله المجاهد الوطني محمد بنسعيد آيت إيدر وتعازينا الصادقة لكل أفراد أسرته الصغيرة والكبيرة وإلى كافة رفاقه ورفيقاته في اليسار الاشتراكي الموحد، وإلى عموم الوطنيين والديموقراطيين في بلادنا، سائلين الله أن يسكن الفقيد فسيح جناته رفقة الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
إنا لله وإنا إليه راجعون.