على بعد أيام من تخليد العيد الأممي للطبقة العاملة، تعود الشغيلة الصحية للاحتجاج، تعبيرا منها عن رفضها للإقصاء الذي تتعرّض له، وفقا لتأكيدات قيادات نقابية في قطاع الصحة العام، وتنديدا بالاستخفاف الذي تعاملت به الحكومة مع هذه الفئة ومع مطالبها. هذه الوضعية التي يطبعها الاحتقان دفعت التحالف النقابي في قطاع الصحة العام بكل مكوناته التي يبلغ عددها الثمانية، إلى تسطير برنامج احتجاجي جديد يتوزع على أيام شهر ماي الجاري، تنطلق أولى خطواته بخوض إضراب وطني لمدة يومين وذلك غدا الثلاثاء وبعد غد الأربعاء، في كل المؤسسات الصحية باستثناء أقسام المستعجلات والإنعاش.
احتجاجات أكد الدكتور كريم بلمقدم في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي»، على أن هناك قناعة تامة باللجوء إلى أشكالها المختلفة من طرف كل الشركاء الاجتماعيين في القطاع، الذين بذلوا ما بوسعهم لتذليل الصعاب وتوفير كل شروط السلم الاجتماعي والمناخ السليم لممارسة مهنية مشجعة، تعزز الثقة في نفوس الشغيلة الصحية وتعيد لها الاعتبار المادي والمعنوي، لكن وبكل أسف، جاء التعنت الحكومي ليقبر كل ما تم التوصل إليه مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وليزرع الاحتقان في هذا القطاع ويدفع به إلى مرحلة الشك والقلق.
وأوضح الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية، العضو المؤسس للفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن البرنامج الاحتجاجي الجديد الذي تم تسطيره سينطلق بإضراب الثلاثاء والأربعاء، الذي ستليه وقفات احتجاجية مدتها ساعة من الزمن، التي ستكون إقليمية وجهوية يوم الخميس 9 ماي، ما بين الحادية عشر والثانية عشر ظهرا، ثم سيتم عقد ندوة صحفية يوم الثلاثاء 14 ماي، التي سيتم الإعلان عن مكانها وتوقيتها لاحقا. وأبرز الدكتور بلمقدم أن المسار الاحتجاجي للشغيلة الصحية بالقطاع العام سيتواصل خلال الشهر الجاري بتنظيم إنزال وطني لكل الفئات الصحية إلى مدينة الرباط يوم الخميس 23 ماي الذي سيكون مصحوبا بإضراب وطني، مشددا على أنه في حالة عدم التجاوب الجدي والمسؤول للحكومة ستتم متابعة البرنامج الاحتجاجي بصيغ نضالية نوعية وغير مسبوقة.
وأشاد الدكتور بلمقدم بالروح الوحدوية التي عبر عنها كل الفرقاء النقابيين والشغيلة الصحية بكافة مكوناتها، التي توجد اليوم وفي ظل هذا الوضع الذي تسببت فيه الحكومة بسبب استهتارها بحقوق مهنيي الصحة بالقطاع العام، أمام امتحان جديد للتعبير فيه عن لحمتها وتعاضد الجسم الصحي بكل فئاته وتماسكه في مواجهة كل السيناريوهات التي تسعى لإضعافه وإلى جعله جسما مترهّلا يعاني الوهن، مؤكدا على أن هذه الفئات ظلت عنوانا على التضحية والبذل والعطاء، منذ فجر الاستقلال إلى اليوم، وهي تنتظر إنصافها والاعتراف بجهودها، لا أن يكون التقدير لفظيا وشكليا في مقابل استمرار المعاناة واقعيا على كل المستويات.
وكان التنسيق النقابي وهو يدعو إلى الاحتجاجات الجديدة التي تم تسطيرها قد أكد على موقفه الموحد، داعيا إلى ضرورة الحفاظ على كل حقوق ومكتسبات مهني الصحة، وعلى رأسها صفة موظف عمومي، وتدبير المناصب المالية والأجور من الميزانية العامة للدولة، والحفاظ على الوضعيات الإدارية الحالية المقررة في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية وكل الضمانات التي يكفلها. وأعلنت المكونات النقابية الثمانية في بلاغ لها عن تشبثها بكل مضامين الاتفاقات ومحاضر الاجتماعات الموقعة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، في شقها المادي والمعنوي والقانوني، مشددا على أن أي تعثر قد يعرفه السير العام بالمؤسسات الصحية والذي قد تكون هل تداعيات على المواطنين المرتفقين فإن السبب فيه هو الحكومة التي لم تلتزم بتعهداتها في تثمين مهنيي الصحة مما يؤثر سلبا على إنجاح ورش إصلاح المنظومة الصحية.