برنامج «المثمر» يرفع إنتاجية الزيتون بالمغرب حتى 38% بفضل 6930 منصة تجريبية

في قلب التحولات العميقة التي يعرفها القطاع الفلاحي بالمغرب، يبرز برنامج المثمر، الذي أطلقته مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، كنموذج حي لتطويع المعرفة العلمية والتكنولوجيا الحديثة لخدمة الفلاحين، ولا سيما في قطاع زراعة الزيتون. ومع ختام موسم 2023-2024، يكشف البرنامج عن أرقام لافتة تؤكد فعاليته في تعزيز الإنتاجية وتحسين المردودية رغم التحديات المناخية.
منذ انطلاق المبادرة، تم إنشاء أكثر من 6930 منصة تجريبية خاصة بالزيتون، فيما شهد الموسم الحالي وحده انتشار 987 منصة جديدة عبر 24 إقليما و159 جماعة، ما أتاح لأكثر من 640 فلاحا الاستفادة المباشرة من البرنامج، إضافة إلى أكثر من 6000 فلاح آخرين عبر الدورات التكوينية والأدوات الرقمية التفاعلية. هذه المنصات لم تكن مجرد تجربة زراعية، بل تحولت إلى مختبرات ميدانية تعكس الفرق الجلي بين الطرق التقليدية وأساليب الزراعة العلمية الحديثة.
ورغم أن الموسم الفلاحي الحالي جاء في سياق تراجع الإنتاج الوطني من الزيتون إلى 950000 طن، مسجلا انخفاضا بنسبة 11% مقارنة بالموسم السابق، إلا أن المنصات التجريبية أثبتت نجاعتها بتحقيق زيادة في المردودية تراوحت بين 19% و38% مقارنة بالضيعات غير المعتمدة على تقنيات البرنامج. لم يكن الأمر مقتصرا على تحسين الإنتاج فحسب، بل شمل أيضا رفع كفاءة استخدام المياه، حيث ارتفعت إنتاجية كل متر مكعب بنسبة تتراوح بين 11% و25%، في خطوة تعكس وعيا متزايدا بأهمية التدبير المستدام للموارد المائية في ظل تواصل موجات الجفاف.
السر وراء هذه الإنجازات يكمن في تبني مقاربة متكاملة تجمع بين التحليل الدقيق للتربة، والتسميد المتوازن، وإدارة الري الذكية، والممارسات الفلاحية الحديثة. بفضل هذه المقاربة، بلغ متوسط العائد المالي للهكتار في المنصات التجريبية حوالي 30363 درهما، متجاوزا بـ 19% إلى 32% العائد المحقق في الضيعات التقليدية. والأكثر إثارة للاهتمام أن هذه النتائج تحققت في بيئة مناخية صعبة، حيث بات قطاع الزيتون يواجه تحديات هيكلية تتعلق بتناوب الإنتاج وتأثيرات التغير المناخي.
في هذا الإطار، لم يقتصر البرنامج، الذي تشرف عليه مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، على الحلول التقنية فقط، بل استثمر أيضا في تعزيز قدرات الفلاحين عبر التكوين المستمر ومواكبة التغيير السلوكي في التعامل مع الأرض والمياه والموارد الفلاحية. قصص النجاح التي يرويها الفلاحون من مختلف المناطق تؤكد على التحول العميق الذي أحدثه البرنامج، سواء من حيث جودة الإنتاج أو تقليص التكاليف أو تحقيق الاستدامة الزراعية. فالفلاح خالد لماوي، من منطقة الحوز، يؤكد أن اعتماده على مجسات قياس رطوبة التربة مكنه من تقليص استهلاكه للمياه بنسبة 25% دون التأثير على الإنتاج. أما عبد الرحمن كاحاك من مولاي يعقوب، فقد نجح في تحقيق إنتاج قياسي بلغ 18.7 طنا للهكتار بعد تطبيق التوصيات التقنية للمثمر..


الكاتب : ع ع

  

بتاريخ : 04/03/2025