في خطوة تعكس تزايد التوترات الدبلوماسية، صادق مشرعون أمريكيون (الثلاثاء 22 يوليوز) على مشروع قانون يمهد لـ»مراجعة شاملة للعلاقات الثنائية مع جنوب إفريقيا»، وربما فرض عقوبات على مسؤولين في الحكومة الجنوب إفريقية، بسبب مواقف الأخيرة من قضايا دولية اعتبرتها واشنطن «منافية لمصالحها».
وعليه، صوتت «اللجنة النيابية للشؤون الخارجية» بـ»مجلس النواب الأمريكي» بـ34 صوتًا مقابل 16 لصالح مشروع «مراجعة العلاقات الأمريكية الجنوب إفريقية»، الذي تقدم به «روني جاكسون» النائب الجمهوري عن ولاية «تكساس».
وبهذا التصويت، يُحال النص إلى الجلسة العامة لمجلس النواب تمهيدًا لمناقشته والتصويت عليه، في حال تقرر إدراجه ضمن جدول الأعمال التشريعي. ورغم أن العديد من مشاريع القوانين تتعثر في هذه المرحلة ولا تبلغ مرحلة التصويت، إلا أن تمريره داخل اللجنة النيابية يعكس جدية الجدل السياسي القائم في واشنطن حول مستقبل العلاقة مع جنوب افريقيا.
ينتقد مشروع القانون بشدة علاقات «جنوب إفريقيا» المتنامية مع كل من «روسيا» و»الصين»، واللتين تعدان من أبرز شركائها التجاريين والاستراتيجيين، كما يتهم الحكومة الجنوب إفريقية بدعم حركة «حماس» الفلسطينية، وهي المزاعم التي سبق أن نفتها الحكومة الجنوب إفريقية رسميًا.
ويستند المشروع إلى مواقف متراكمة، أبرزها تحركات جنوب إفريقيا الدبلوماسية بشأن الحرب في غزة، وخاصة دعواها القضائية ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية في لاهايوهو ما ورد كأحد «مصادر القلق» ضمن النص التشريعي الأمريكي. ورغم الانتقادات، لم يصدر أي تعليق رسمي من الخارجية الجنوب إفريقية، كما التزم مكتب الرئيس «سيريل رامافوزا» الصمت حيال الموضوع.
ووصف مقدم المشروع، النائب جاكسون على منصة «إكس» (تويتر سابقًا) الموقف الجنوب إفريقي بالـ»خيانة»، قائلا: «لقد اختارت جنوب إفريقيا جانبها عندما تخلت عن أمريكا وحلفائنا، ووقفت إلى جانب الشيوعيين والإرهابيين»، في إشارة إلى تقاربها مع كل من «بكين» و»موسكو»، إضافة إلى موقفها من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ويقترح القانون إجراء مراجعة شاملة للعلاقة الثنائية مع جنوب إفريقيا، إلى جانب تحديد أسماء مسؤولين في الحكومة وحزب «المؤتمر الوطني الإفريقي» يمكن أن يكونوا عرضة لعقوبات محتملة، كما يتحدث المشروع عن استهداف أشخاص قد يتورطون، حسب ما يقرره الرئيس ترامب، في «قضايا فساد أو انتهاكات حقوق الإنسان»، دون ذكر أسماء محددة.
يُذكر أن العلاقات بين الولايات المتحدة و»جنوب إفريقيا دخلت مرحلة من التوتر الحاد خلال الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، الذي اتهم الحكومة الجنوب إفريقية بممارسة عنصرية مضادة ضد البيض ، وأطلق برنامجًا لاستقبال لاجئين من أبناء الأفريكانرز (وهم من أحفاد المستوطنين الأوروبيين في جنوب القارة).
للإشارة، تلوح كذلك في الأفق التهديدات التجارية، من أبرزها فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 30% على بعض صادرات جنوب إفريقيا، ما يعمّق مناخ الشك بين الطرفين.
يرى المحلل السياسي الجنوب إفريقي «جوشوا ميزيرفي»، الباحث في معهد «هودسون» أن «مشروع القانون جاء كردّة فعل واضحة من الكونغرس لإضفاء «صلابة» على تصريحات ترامب تجاه مسؤولين في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، من خلال أدوات مثل: تجميد الأصول وحظر التأشيرات عبر قانون (Global Magnitsky)».. كما يرى أن الولايات المتحدة تركز على تطبيق عقوبات تستهدف الأفراد وليس الدولة ككل، كخطوة استراتيجية لضرب كبار المسؤولين دون إلحاق ضرر مباشر بالشعب الجنوب إفريقي.
من جانبه، أكد البروفيسور «جون ستريملو»، أستاذ العلاقات الدولية سابقًا في جامعة «ويتس» وموظف سابق في وزارة الخارجية الأمريكية، أن مشروع القانون لديه فرصة ضئيلة للغاية للتقدم، معتبرًا أنه «مسعى متعثر لا أفق له» بسبب انشغال القيادة فيواشنطن» بقضايا الميزانية، وغياب دعم حزبي واسع إلى درجة يمكن أن يضمن تمريره إلى مجلس الشيوخ».
– عن رويترز ومصادر أخرى