بسبب «شحّ» الآبار وتراجع حقينة السدود .. شبح العطش يهدد ساكنة جهة درعة تافيلالت

قد يكون بإمكان الإنسان أن يعيش من دون غذاء لعدة أيام، أما أن يعيش من دون ماء أو هواء، ولو لمدة قصيرة ، فهذا غير ممكن أبدا… لأن هذين العنصرين لولاهما لانعدمت الحياة، وللأسف الشديد فقد أخذا يتعرضان في أيامنا هاته لكثير من السلوكيات التبذيرية، خاصة التلوث الذي يحصل نتيجة التقدم الحضاري والتكنولوجي الذي يشهده العالم اليوم، والمتمثل في الغازات السامة، والنفايات التي تطرحها المعامل والمصانع ووسائل النقل وكل ما ابتدعه العقل الإنساني من تقنية وتطور. إن وجود الماء اليوم أصبح نادرا في عدة مناطق من العالم بسبب التقلبات المناخية المتسببة في ندرة التساقطات وانتشار الجفاف في عدة مناطق من الكرة الأرضية، ومنها بلدنا المغرب الذي أضحت جهات منه تعاني من قلة التساقطات، منها على سبيل الحصر جهة درعة تافيلالت وخاصة على مستوى كل من إقليم الرشيدية وإقليم زاكورة.
لقد أصبح سكان جهة درعة تافيلالت مهددون بالعطش، لاحتباس الأمطار عنها للسنة الخامسة على التوالي، ولـ «شحّ» الآبار التي كانت جل الساكنة القروية تتغذى منها، ولتراجع حقينة السدود الموجودة في سد الحسن الداخل بالرشيدية، وسد المنصور الذهبي بورزازات، بالإضافة إلى باقي السدود التلية الأخرى… صحيح أن الدولة اعتمدت حلولا لمواجهة هذا الوضع، ومن بينها تصفية مياه البحر بعدد من المدن الساحلية، لتأمين استهلاك الماء سواء في المنازل أو في الري الزراعي، وهو ما يطرح سؤال حول ما الذي تم إعداده بالنسبة للمناطق الداخلية البعيدة عن البحر، التي أضحت مهددة بالجفاف وبالعطش؟ الأمر الذي يتطلب إيجاد حلول، خاصة وأن مجموعة من المناطق الداخلية والجنوبية الشرقية هي اليوم في أمسّ الحاجة إلى إخراجها من أزمة العطش لاسيما وأن الواحات اليوم أصبحت فاقدة للخضرة وللنبات، فالكل مات واندثر، والواقف عليها يذرف دموع الحنين إلى ما كانت عليه واحات الجنوب والجنوب الشرقي سابقا.
إن هذه الأزمة التي تتهدد الجميع لم تدفع البعض للتراجع عن مجموعة من الممارسات السلبية التي تستمر بكل أسف، فما زلنا نشاهد عددا من السكان بالحواضر، يبذرون المياه دون إحساس بأهميته، فترى وأنت تجوب الشوارع، سيلان المياه الجارفة فوق الطرقات وعلى الأرصفة بحجة التنظيف، ضاربين بعرض الحائط سبل التنظيف الحقيقية و المفيدة غير مبذرة للمياه، وتتعدد مشاهد غسل السيارات وهدر الماء لكميات جد كبيرة بشكل يبعث على الألم. في الوقت الذي تعيش ساكنة البوادي والقرى التي تعاني الفقر والهشاشة في عدد من المناطق تحت وطأة الجفاف والعطش، حيث تشهد مناطق قروية عديدة بمختلف مناطق الجهة، وخاصة تلك الموجودة بإقليم زاكورة، خصاصا كبيرا في مياه الشرب وفي مياه السقي، إذ سجّل انخفاض خطير في الفرشة المائية، وفي الآبار المستغلة في تزويد المواطنين بالماء الصالح للشرب، مما ينذر بصيف حار أكثر من فصل الصيف الماضي، ليبقى الحل من أجل تجاوز الوضع الحالي والخطير حسب جمعويين محليين هو التساقطات المطرية فـ «الجميع في جهة درعة تافيلالت ينتظرون رحمة لله وغيث السماء من أجل تجاوز مرحلة الخطر» مضيفين بأنه «لا يمكن إخفاء مخاوفنا من هذا الجفاف الذي أتى على الأخضر واليابس».


الكاتب : فجر مبارك

  

بتاريخ : 23/05/2023