بصمة ChatGPT في الأبحاث: تمييزها وإشكالاتها القانونية

يطلب الكثير من الباحثينمن منصات الذكاء الاصطناعي المتعددة منها chat gptالمساعدةمن أجل تطوير أفكارهم وإغنائها وجعلها محتويات جذابة وذائعة الانتشار . وقد لا يكتفي هذا المارد الرجيم بتقديم المطلوب في رمشة عين ،وعلى الرحب والسعة فحسب، بل يبدو سخيا حد الترف، وهو يعرض ويقترح تقديم المزيد في أحسن عرض وأجملتوضيب بل وإنشاء صيغ جاهزة ومضمونة وفائقة الجودة وفق الطلبو المنهجية التي يحبون .لكن هل يترك chat gptالشات جي بي تي «أثرا في كتاباتهم؟ وهل هناك من بصمة ل chat gptفي هذه الكتابات والتحاليل المنشورة ؟ وهل من فرضيات في المتابعة القانونية على المديين القريب والبعيد؟ وهل من تبخيس لجهود الباحثين لمجرد اعتمادهم على الذكاء الاصطناعي في إنتاج المعرفة وتقاسمها ؟ أسئلة عميقةتستحق تحليلًا دقيقًا من منظور معرفي قانوني ومنهجي. سأقوم بتحليلها ليس دفاعا عن دور “ChatGPT” في مساعدة الباحثين، وإنما سأقتفي في السياق ذاته مسألة الأثر والبصمة في الكتابات والمواضيع المنشورة التي قد تكون نتاجا لهذه المساعدة. ويبقى المسعى نبيل وجميل بعيدا عن التبخيس أوالتقليل من الأهمية .
أولاً: عن الأثرمن الناحية القانونية والمعرفية، يمكن القول إن لــChatGPTأثرا غير مباشر في كتابات الباحثين يتمثل فيتيسير البناء الفكري حيث يساعد الباحث على ترتيب الأفكار، توليد الفرضيات صياغة الإشكاليات، وتقديم مقترحات منهجية. وهو هنا يشبه دور الأستاذ المشرف أو المستشار العلمي الذي لا يكتب نيابة عن الباحث ، لكنه يساعده على إثراء المشروع البحثي معرفيا في قالب منهجي بديع . وللوهلة الأولى يجد الباحث نفسه أمام محتوى معرفي يتوفر على الحد الأقصى من المنهجية العلمية في التقديم والتحليل والعرض .فصاحبنا الرقمي يوفر محتوى أولي مرنويقدم صياغات أولية يمكن للباحث تعديلها، تطويرها أو تفكيكها حسب أسلوبه الخاص.الأثر هنا أشبه بـــاللبنة الأولىوليسالبناء أو الصياغة النهائية للمشروع . وهذا في حذ ذاته أمر بالغ الأهمية من حيث توسيع الأفق المعرفي للباحث . لان الشات جي بي تي لا يكتفيإثارة أسئلة لم يكن الباحث منتبهاً لها، بل ويقترح مصادر مفاهيم أو مقاربات منهجية بديلة.
الاستنتاج الأول : من الناحية القانونية نستنتج أن يوجد أثر حقيقي لهذا التفاعل ، لكنه ليس أثرا ينسب إلى الشات جي بي تي أي المؤلف الآلي وحده، بل إلى التفاعل بين الذكاء الاصطناعي والباحث.

ثانياً: عن البصمةهل لــChatGPTبصمة أسلوبية أو معرفية يمكن تعقبها؟
من الناحية الأسلوبيةChatGPTيستعمل غالباً لغة دقيقة، معتدلة النبرة، أكاديمية الطابع.بناء منطقي واضح مقدمة – عرض – خاتمة.تكرار عبارات مثل: من جهة أخرى، يمكن القول، يبقى من المهم، ليس مجرد ..إلخ.
لكن هذه السمات ليست حصرية له، بل موجودة في الكتابات الأكاديمية عامة. وبالتالي، يصعب اعتبارها بصمة فريدة يمكن إثباتها أمام “محكمة علمية”.على سبيل التوضيح .
من الناحية الفكريةيحرصChatGPTعلىالحياد، التوازن، والابتعاد عن الآراء المتطرفة.تجنب التأكيد دون سند أو مرجعية.احترام حقوق الملكية الفكرية وتفادي السرقة الأدبية.
يبقى السؤال الأخير :هل يمكن تعقب البصمة تقنيا؟ الجواب ببساطة لا يتركChatGPTتوقيعا رقميا أو مشفرافي النصوص التي يقدمها للباحثين .إنما يمكن لبعض الخبراء أو برامج الذكاء الاصطناعي الأخرى محاولة التنبؤ بوجود مساهمة ذكاء اصطناعي بناء على تحليل الأسلوب.
الخلاصة القانونية: لا توجد بصمة مؤكدة تثبت تورطChatGPTفي النص، لكن يمكن الشك في الأمر والاشتباه في المشروع المعرفي أو الفكري المقدم في حال ظهور المساهمة بشكل مطروز ومصقول وعلى قدر من المنهجية العلمية . وهو ما يحيل مباشرة أن المشروع المعرفي أكثر من قدرات الطالب أو الباحث المعتادة.
على صعيد المسؤولية العلميةيعتبرالباحث هو المسؤول الأول عن مضمون ما ينشره، سواء ساعده برنامج أو تطبيق رقمي أو مشرف ومؤطر أكاديمي. فالذكاء الاصطناعي أداة، وليس مؤلفا قانونيا أو علميا. غير أن الاستخدام غير المعلن في هوامش البحث . وتجاهلمساعدات الذكاء الاصطناعي في بعض الجامعات والمعاهد التي تتوفر على آليات التمحيص والحماية قد يعتبر تضليلا أو إخلالا بأخلاقيات البحث.
على سبيل الختم نخلص في هذه المقاربة القانونية أنChatGPTيترك أثرا ملموساً في بناء الأفكار وتوجيه الباحث، لكن أثره يبقى في إطار التعاون لا الاستحواذ، وفي حقل الإلهام لا الانتحال. لا توجد له بصمة تقنية أو قانونية قاطعة، لكنه يفرض مسؤولية أخلاقية وعلمية على من يستعين به.”


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 17/06/2025