بطولة احترافية يقودها حكام هواة

هل يمكن أن ينتقل التحكيم في منظومة كرة القدم المغربية إلى الاحتراف وذلك على غرار اللاعبين والمدربين ومعظم مكونات هذه المنظومة؟
وهل فكرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في وضع آليات يمكن اعتمادها لتسهيل الولوج إلى نظام الاحتراف؟ وما هي العقبات التي تحول دون تطبيق الاحتراف لدى قضاة ملاعبنا الوطنية؟
الأكيد أن منظومة الكرة المغربية تشهد ظاهرة تثير الكثير من التساؤل، إذ كيف لحكام هواة أن يقرروا ويحكموا في بطولة للمحترفين؟

قضاة الملاعب

هي وثيقة واحدة لا تستند على مرتكز قانوني يحمي حقوق حامل التوقيع الذي يذيلها..وثيقة تفيد: «أنا الموقع أسفله، أقر أني أتطوع في خدمة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في إدارة مباريات البطولة التي تنظمها كحكم….».
الوثيقة تظل هي العلاقة»القانونية» التي تربط الحكم المغربي بالجهاز المسؤول عن كرة القدم المغربية.
صحيح أن الجامعة تحاول، وهي تخصص لهذا الحكم شروطا تساعده على أداء مهمته التحكيمية، أن يشتغل في أفضل الظروف،خاصة على مستوى قيمة التعويضات المالية التي يتسلمها،وكذا تعويضات التنقل والإقامة، لكن الحكم ومع ذلك، يظل الحلقة الأضعف،تشريعيا وماليا،في المنظومة الكروية الوطنية.
في هذا السياق، يطرح السؤال حول:
1 – ماذا أعدت الجامعة حتى لا يظل الحكام «غرباء» وسط المنظومة الكروية التي تعيش تحت نظام الاحتراف وهم الهواة المطلوب منهم أن يتفوقوا وينجحوا في إدارة مباريات كل مكوناتها تشتغل بنظام الاحتراف؟
2 – ماذا أعدت الجامعة وكل الهيئات التابعة لها للحكم المغربي حتى يتمكن من تطوير إمكانياته ومستوياته المعرفية والبدنية؟
3 – ماذا هيأت من برامج تكوينية ودراسية لفائدة الحكام؟ وماذاعن برامج التكوين المستمر ومنحهم الفرصة للخضوع للدورات الدراسية في تحكيم مباريات كرة القدم التي تنظم من حين لآخر في أوروبا وفي مختلف البلاد الأجنبية؟
هنا، يمكن القول على أنه لابد من الاعتراف بوجود مجهود يبذل على مستوى تكوين حكام شباب والدفع بهم لخوض التجربة، والدليل تولي عدد هام منهم في إدارة مباريات البطولة الاحترافية التي انطلقت برسم الموسم الجديد، حيث بادرت مديرية التحكيم التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى تعزيز لائحة حكام القسم الأول بأفواج جديدة.
وتم بالفعل،في مباريات الجولة الأولى من البطولة الاحترافية الأولى الاعتماد على مجموعة جديدة من الحكام كما أن 36 حكما اجتازوا الاختبارات التقنية، 30 منهم من الذكور، و6 من الإناث.
وعلى مستوى العنصر النسوي، أوضح مدير مديرية التحكيم في تصريحات صحفية سابقة إلى أن فوجا يتكون من 103 حكمة اجتاز الاختبارات، بعد أربع سنوات من التكوين.
طرحنا هذه الأسئلة على ثلاثة حكام اثنين منهم من الجيلين السابقين،والثالث،وفضل عدم الكشف عن اسمه،ما يزال يزاول التحكيم في البطولة الاحترافية، في الوقت الذي لم نفلح في أخد رأي مسؤول في الجامعة أو في مديرية التحكيم التابعة لها،إذ باءت محاولاتنا في الاتصال هاتفيا بالفشل بعد أن كانت الهواتف ترن دون أي رد.

 

محمد بحار، حكم دولي سابق أمضى 27 سنة في مجال التحكيم:

«التحكيم في كرة القدم المغربية يعيش ثورة والاحتراف نظام يصعب تطبيقه في الفترة الحالية»

 

بدأ محمد بحار مساره في التحكيم في كرة القدم، سنة 1970، واستمر في إدارة المباريات وطنيا وعربيا وخارج المغرب إلى غاية سنة 1996 حيث أشرف على تحكيم المباراة النهائية التي جمعت تلك السنة فريقي الفتح الرباطي وأولمبيك خريبكة وترأسها جلالة الملك محمد السادس وكان حينها وليا للعهد.
بعد تقاعده من مجال التحكيم، شغل محمد بحار مهمة مراقب للحكام،وهي المهمة التي مايزال يمارسها لحدود اليوم، إلى جانب مهنته الأصلية كمدير لمجموعة مدارس خاصة بالدارالبيضاء.
سألته الجريدة عن موضوع الاحتراف في التحكيم، وهل بإمكان الحكام المغاربة أن يشتغلوا تحت يافطة الاحتراف كما هو الشأن بالنسبة للاعبين والمدربين،فكان رده واضحا:
« الحكم من المفروض أن يعيش « الاحتراف»في حياته العادية، من خلال التركيز على التحضير بدنيا ومتابعة أي جديد في قوانين التحكيم، وعليه أن لا ينتظر تطبيق الاحتراف خاصة أن الجامعة توفر له كل الشروط الممتازة وهي الشروط القريبة من عالم الاحتراف.
يجب في نظري البحث،وبما أنه يصعب اعتماد نظام الاحتراف لدى الحكام لأسباب متعددة لعل أبرزها أن الحكم يتقاعد في سن 45، عن صيغ أخرى تضمن للحكم استقرارا اجتماعيا وماديا حتى لا يواجه وضعا سيئا بعد تقاعده،وقد عاينا على أرض الواقع حالات لحكام يعيشون ظروفا قاسية في حياتهم بعدما غادروا التحكيم للتقاعد.وهنا أرى أن الصيغة الأنسب هي تقديم تسهيلات ومساعدات تمكن الحكام من ممارسة التداريب وقيادة المباريات دون مشاكل مع شغلهم الأصلي،أو منحهم التفرغ أو تخفيف حصص العمل.
يجب أن نقر أن التحكيم في الفترة الحالية يعيش ثورة حقيقية انعكست إيجابيا على وضعية الحكام خاصة على مستوى التطور الذي عرفته التعويضات والمستحقات المالية.
في السابق،عندما كنا نمارس التحكيم في السبعينيات، لم يكن الهاجس المالي يفرض نفسه كما هو الحال اليوم، كنا نتقاضى 70 درهما في المباراة، ثم أصبحت ألف درهم،و قرابة درهم واحد للكيلومتر عن التنقل.
ثم جاء سعيد بنمنصور لتحمل مسؤولية التحكيم في الجامعة،ليحدث تطورا ملحوظا على مستوى الزيادة في التعويضات حيث أصبح للحكم 1500 درهم للمباراة،مع 300 درهم للمبيت.
وعندما جاء فوزي لقجع لرئاسة الجامعة،شعرنا بالفعل أن ثورة حقيقية مست مجال التحكيم،فقد انتقلت قيمة ما يتقاضاه الحكم إلى 3000 ألف درهم،مع 800 درهم للمبيت وأصبح مفروضا على الحكم المبيت في المدينة التي يلعب فيها وتكون بمسافة 300 كيلومتر عن مقر سكنه.
وأصبح المراقب يتقاضى نفس ما يتقاضاه الحكم بعد أن كانت تعويضاته في السابق لا تتجاوز 400 درهم عن كل مباراة.
أعتقد أن مجال التحكيم في المغرب أصبح يشهد تطورات جيدة وعلى مختلف المستويات،بقي أن نفكر في إيجاد حلول تضمن للحكم استقرارا اجتماعيا وصحيا خاصة بعد تقاعده.»

 

ما هي المهن التي يشتغل فيها الحكام بعيدا عن الملاعب؟

تتنوع مجالات اشتغال الحكام المغاربة والمهن التي يعملون فيها بين القطاعين العام والخاص، هناك من يشتغل في التعليم،الصحة،الأمن،وهناك مستخدمون وموظفون في شركات خاصة ومن الحكام من لا مهنة له وعددهم يناهز العشرين حكما.
وحسب تقارير صحفية،يأتي المستخدمون في القطاع الخاص على رأس لائحة حكام البطولة بنسبة 26 بالمائة، متبوعين بالعاطلين عن العمل بنسبة 18 بالمائة، وأساتذة التعليم العمومي بنسبة 16 بالمائة، ورجال الأمن بنسبة 12 بالمائة، ثم مالكي الشركات وموظفي القطاع العام بنسبة 8،25 بالمائة، وبعدهم المشتغلون في التجارة بنسبة 4 بالمائة، والقطاع البنكي والفلاحي بنسبة 3 بالمائة.

 

بوشعيب الشداني «حكم فيدرالي سابق ومحلل تحكيمي»:

الاحتراف حلم لو تحقق سيكون مفيدا جدا

 

أكد بوشعيب الشداني «حكم فيدرالي سابق ومحلل تحكيمي» أن احتراف فرسان الراية والصافرة سيخدم كثيرا التحكيم المغربي وسيكون عاملا مساعدا للحكام للتركيز أكثر على التداريب وعلى المباريات وكذا على تجاوز كل العقبات وتحدي كل الإكراهات التي تعترض سبيلهم مثل الإرهاق البدني والذهني.
في هذا السياق، فالجامعة الملكية المغربية لكرة لقدم، وعلى غرار الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، فهي تشتغل على هذا الملف.وفي نظري،لم تحقق حلم الاحتراف فسيكون جد مفيد للحكام ولكرة القدم المغربية.
بالنسبة لتعويضات حكام البطولة الاحترافية الأولى، يتقاضى حكم الملعب 3000 درهم، بالمقابل يتقاضى الحكمان المساعدان في الملعب وحكم الفيديو المساعد مبلغ 2000 درهم لكل واحد منهم عن كل مباراة، فيما يتقاضى معاون حكم الفيديو المساعد مبلغ 1500 درهم. أما الحكم الرابع فتخصص له تعويضات بقيمة 1000 درهم.
بخصوص البطولة الاحترافية الثانية، فتحدد قيمة تعويضات الحكام في 2000 درهم للحكم و1500 لكل حكم مساعد و1000 درهم للحكم الرابع.
بالإضافة طبعا لمصاريف التنقل المحددة في درهمين للكيلومتر الواحد وتعويات المبيت ( بعد تجاوز مسافة 300 كيلومتر) المحددة في 1200 درهم.

 

الجامعة لم تنجح في تطبيق مشروع احتراف الحكام

يرى أحد حكام كرة القدم الذي مايزال يزاول التحكيم في البطولة الاحترافية، أن الجامعة الحالية سبق لها تقديم مشروع لاحتراف الحكام منذ سنوات، إلا أن اللجنة المركزية لم تنفذه و تحول لحبر على ورق.
وقال أن احتراف الحكام هو مشروع كبير يحتاج لاستراتيجية عمل وخطط للعمل قبل الحديث عن الإمكانيات المادية.
ويرى بأن احتراف الحكام تنفيذه يظل صعبا بسبب غياب خطط واضحة لتطوير التحكيم.
وقال بأن الدول التي تطبق الاحتراف في مجال التحكيم في كرة القدم كقطر مثلا، بدأت تجني ثمار ذلك وتطور تحكيمها لمستويات عالية.
وفيما يخص الصعوبات التي تواجه الحكام في عملهم، يرى المتحدث أن من بينها الصعوبة في أخد الترخيص بالتغيب من طرف المشغل ، كما أن هناك تأخر من طرف اللجنة المركزية في إخبار الحكام بالتعيينات ما يصعب عليهم أخذ التصريح بالتغيب من مشغلهم وذلك من خلال عدم توفير الحكم متسع من الوقت لإخبار الإدارة. كما أن هناك تعدد التنقلات البعيدة و برمجة المباريات وسط الأسبوع إضافة للمباريات المتتالية التي تشكل هاجسا للحكام على الصعيد المهني.
وأوضح محدثنا أن هناك تحسن كبير في تعويضات التنقل وتطور في هذا الجانب بالنسبة للحكام.

 

هذا ما يتقاضاه حكام بعض الدوريات الأجنبية

1 – رواتب حكام الدوري الإنجليزي؟
في انجلترا وبحسب الإحصائيات الرسمية فيمكن للحكام في الدرجة الأولى في إنجلترا ربح ما يصل إلى 70 ألف جنيه إسترليني سنوياً، حيث يتقاضون رواتبهم السنوية الأساسية ما بين 38500 و42000 جنيه إسترليني بناءً على الخبرة، ثم يتم دفع 1150 جنيهاً إسترلينياً لكل مباراة علاوة على ذلك. الحكام الهواة يعمل الحكام الهواة في المملكة المتحدة على أساس كل مباراة على حدة وتعتمد رسوم المباراة على اتحادات كرة القدم المحلية، يتراوح الراتب عادةً بين 20 و40 جنيهاً إسترلينياً لكل مباراة. شبه الاحترافي الحكام على المستوى شبه الاحترافي، في الدوريات الدنيا لهرم كرة القدم الإنجليزي، يحصلون على رسوم المباراة وكذلك النفقات، ويتم دفع حوالي 80 جنيهاً إسترلينياً لكل مباراة، بالإضافة إلى بدل انتقال لتغطية المسافة التي عليهم السفر إليها من وإلى مكان المباراة
2 – في الدوري الإماراتي (دوري أدنوك للمحترفين) وحسب آخر تحديثات من اتحاد كرة القدم ولجنة الحكام فإن حكم الساحة المحلي يتقاضى في المباراة الواحدة في الدوري الإماراتي مبلغ 5000 درهم، في حين يتقاضى الحكمان المساعدان 4000 درهم لكل منهما، ويحصل الحكم الرابع على 2500 درهم، فيما يتقاضى حكما تقنية الفيديو «الفار» 2500 درهم لكل منهما. الطاقم الأجنبي أما طاقم التحكيم الأجنبي فيتقاضى 170 ألف درهم، تتوزع على ثلاثة حكام فقط، هم حكم الساحة والمساعدان، وتشمل أجورهم ومصروفات استقطابهم من تذاكر السفر والإقامة الفندقية وغيرها، ويضاف مبلغ حكام الفيديو والحكم الرابع.
3 – حكام دوري أبطال أوروبا فيما يتم تقسيم حكام دوري أبطال أوروبا إلى مستويات اعتماداً على خبرتهم، وبالتالي فإن كبار الحكام يتقاضون راتب يزيد على 6600 يورو لكل مباراة إذا كانوا في فئة النخبة. ويحصل الحكام في الدرجة الأقل على 4500 يورو في كل مباراة، بينما يحصل حكام أدنى درجة على قرابة 850 يورو لكل مباراة.
4 – أما أجور الحكام في الدوريات الأوروبية فتكون على النحو التالي: إسبانيا 6246 أورو، ألمانيا 3783أورو، إيطاليا 6300أورو، فرنسا2880 أورو، البرتغال 1200 أورو.


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 14/09/2022