على بعد أيام قليلة من التدخل الذي تم القيام به على مستوى إحدى الحدائق العمومية المتواجدة على مستوى شارع الفداء، قبالة حي الفرح، بتراب عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان في مدينة الدارالبيضاء، والتي أسفرت عن حجز «مخاطف» و «غنجوات» ومواد مخدرة وغيرها، وجدت السلطات العمومية ومعها عناصر الدرك نفسها مضطرة للتدخل وهذه المرة في منطقة عين حرودة، بعد الاشتباكات التي دارت بين مهاجرين غير شرعيين ينحدرون من دول جنوب الصحراء، والتي تسببت في خسائر في الأرواح وفي إصابات دامية متعددة الخطورة.
حدثان هما استمرار لمجموعة من الأحداث غير السليمة التي تسببت فيها مجموعات من المهاجرين غير الشرعيين، في درب السلطان تحديدا، والتي كانت الساحة المقابلة للمحطة الطرقية لأولاد زيان وجنباتها، ومعها خط سكة الترامواي سابقا، مسرحا لها، حيث كانت تحتضن ممارسات وصور خادشة للحياء، سواء تعلق الأمر بالدعارة أو الاتجار في المخدرات أو من خلال نشر الأزبال والقاذورات وقضاء الحاجة في الشارع العام، وصولا إلى المواجهات الدامية وإلى التسبب في اندلاع الحرائق، وغير ذلك من السلوكات غير الطبيعية التي ظلت ساكنة المنطقة تنادي بوضع حدّ لها، ليس من باب العنصرية كما قد يروجّ لذلك البعض، وإنما من باب حفظ كرامة هؤلاء المهاجرين أولا وتوفير فضاء لائق لهم يحترم آدميتهم، ويضمن حصر قوائمهم وتحديد هوياتهم أمنيا وضبط وضعياتهم صحيا وغير ذلك، ويجنّب المواطنين ثانيا من الضرر الذي يقوم به البعض منهم، والذي تسبب في اندلاع مواجهات بين عدد منهم وبين بعض سكان حي درب الكبير في مناسبات سابقة.
وإذا كانت سلطات الفداء مرس السلطان قد أعادت إلى طريق أولاد زيان والمحطة الطرقية بعضا من ملامح الحياة الطبيعية، في الوقت الذي كانت فيه عنوانا على الفوضى، على عهد عامل المنطقة السابق الذي تم تنقيله إلى إقليم جرادة، فإن استمرار التجمعات التي تعد بالمئات وليس بالعشرات بنفس الأشكال القديمة في كل من حي عمر بن الخطاب المعروف بـ «بدرب ميلا»، وفي حي الفرح ومواقع أخرى، يعتبر نقطة قاتمة في المنطقة لأن التعاطي مع القضية لايزال يطبعه الغموض واللبس وغياب رؤية واضحة للتعامل مع هذا الملف «المؤرّق». هذا الواقع يمتد كذلك إلى تراب العمالة المقابلة، فالوضع نفسه في حي التيسير، وعلى مستوى المقبرة المقابلة لمحطة أولاد زيان، حيث تبقى لعبة الكرّ والفرّ هي التي تحدد استمرار وجود المعنيين أحيانا، في حين أنه في غالب الأحيان يصبح حضورهم في الشارع العام أمام بعض الدوريات أمرا «عاديا»!
وفي تراب مقاطعة الحي الحسني، تؤكد ساكنة عدد من الأحياء في تراب الألفة، بأن الحياة هناك صارت غير طبيعية، بسبب المناوشات والمواجهات التي تصدر عن بعض المهاجرين، ونفس الأمر بتراب المدينة القديمة، وهي الممارسات التي استنكرها حتى ممثلو جمعيات عدد من الجاليات الذين ينتمون لنفس دول المهاجرين «الفوضويين»، معتبرين أن ما يقع هو أمر مرفوض ولا يمكن القبول به، ومشددين على أن العنف والفوضى واستهداف الأشخاص والممتلكات لا يمكن أن تكون ممارسات سويّة يتم القبول بها، خاصة وأن الشعب المغربي ظل كريما ومضيافا مع مختلف الأعراق التي تدخل إلى تراب البلد.
ويستحضر عدد من الرافضين للفوضى التي يتسبب فيها بعض المهاجرين غير الشرعيين، كيف كان يتم احتضان واستقبال العشرات والمئات منهم، وكيف كانت «قصاعي» الكسكس يتم طبخها وإعدادها لتسليمها إلى عدد من المجموعات كل يوم جمعة في درب السلطان وفي غيره، إضافة إلى توزيع الأكل في مناسبات متعددة، واللباس والأغطية وغير ذلك، كما ان عداد منهم اشتغل دون عناء ف ياوراش البناء وفي المطاعم والمقاهي وعدد من المرافق المختلفة وفي مهن متعددة، مما يؤكد على نبل المغاربة وتعاطفهم مع أوضاع المهاجرين، الذين منهم من اندمج في المجتمع المغربي بشكل سلس، ومنهم من غادر نحو وجهة أخرى مواصلا مسيرته، بعيدا عن المضايقات والتحرشات التي صارت لصيقة بتواجد عدد من المهاجرين غير الشرعيين خلال الأشهر الأخيرة.
بعد أحداث عين حرودة، درب السلطان، الألفة وغيرها .. اتساع المطالب بتنظيم تواجد المهاجرين غير الشرعيين ومواجهة انحرافات البعض منهم

الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 04/09/2025