القفص، الطائر، الحرية، الضفة الأخرى، الزيتونة، السجن… عناوين من أخرى حملت في طياتها آلام وآمال في قالب توثيقي لتجارب عاملات مغربيات بسبتة المحتلة تقطعت بهن السبل بعد إغلاق الحدود سنة 2020 في سياق جائحة كوفيد 19، وبعد دمج مدينة سبتة في منطقة «شنغن» سنة 2021، وإلغاء نظام التصاريح الخاصة التي كن يتنقلن بموجبها، وجدن أنفسهن حبيسات الحدود، محرومات من زيارة عائلاتهن بكل من تطوان ومارتيل ومن تجديد جوازات سفرهن المنتهية الصلاحية، وغير قادرات على المضي قدما نحو إسبانيا بحثا عن فرص أفضل.
أفلام وثائقية قصيرة أنتجت في إطار مشروع REEL BORDERS «حقيقة الحدود»، الممول من طرف المجلس الأوربي للبحوث، والرامي إلى استعراض واقع الحدود وانعكاساتها الاجتماعية والحقوقية لتحفيز النقاش داخل المجتمع والتأثير على السياسات العامة، وذلك من خلال تمثيل الحدود في السينما عن طريق تمكين المهاجرات والمهاجرين من عرض تجاربهم ومعاناتهم.
وقد سلط هذا المشروع الضوء على الوضع المتردي لمئات المغربيات اللواتي يعملن منذ عقود، بشكل غير نظامي، في سبتة المحتلة.
وتم عرض هذه الأفلام في لقاء حول «الحدود والسينما التشاركية»، نظمته الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة بوجدة، بشراكة مع مشروع «REEL BORDERS» ومؤسسة Heinrich Boll Stiftung الرباط، إلى جانب مائدة مستديرة حول «السينما، الهجرة والحدود»، أطرها إعلاميون ونشطاء في الدفاع عن قضايا المهاجرين.
وفي كلمة بالمناسبة، ذكرت ممثلة REEL BORDERS الباحثة والناشطة في قضايا الدفاع عن المهاجرين «ماريا موراتو برميجو»، بأنهم قاموا سنة 2022 بمبادرة بحثية مع مجموعة من النساء المغربيات بسبتة المحتلة، حيث أتاح لهن المشروع سرد قصصهن من خلال 26 فيلما قصيرا أنتجنه بأنفسهن كجزء من ورشة عمل سينمائية تشاركية تضع المرأة في مركز العملية الإبداعية، وتمنحها الأدوات والمساحة للتعبير عن تجاربها الخاصة، مضيفة بأن الأفلام التي تم إنتاجها تشهد، ليس فقط على تجاربهن وقدراتهن على الصمود، بل أيضا على علاقتهن الشخصية والعاطفية مع العالم. وأشارت المتحدثة إلى أن هذه الأفلام عرضت على أنظار البرلمان الأوربي…
ومن جهته، ذكر حسن عماري رئيس الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة، بأن لقاء «الحدود والسينما التشاركية» يسعى إلى تعزيز الوعي والتوثيق والتعبئة الجماعية حول قضايا الهجرة، من خلال التركيز على أصوات الفئات الأكثر تضررا وإسماع أصواتهم، مشيرا إلى أن الأفلام المعروضة أنتجتها نساء مهاجرات لإبراز معيشتهن ومعاناتهن ما بين سبتة، مارتيل وتطوان وتوثيق تجاربهن في الضفة الأخرى والحرمان من مجموعة من الحقوق ومن الزيارة العائلية رغم قرب المسافة… مشيرا إلى أن هذه العروض تعكس مفهوما جديدا للحدود…
وختم كلمته بالتذكير بأن حرية التنقل، كما تنص على ذلك المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، حق للجميع، «لذا لا يعقل أن يكون لدينا عالمين عالم يتنقل كما يريد وعالم لابد له من فيزا ليتمكن من التنقل».
وللإشارة، REEL BORDERS هو مشروع بحثي، مدته 5 سنوات، يسلط الضوء على العلاقة بين السينما والحدود، ويركز على ثلاث مناطق حدودية، الحدود الإسبانية-المغربية في منطقتي سبتة ومليلية، الحدود التركية-السورية والحدود الإيرلندية، ويجمع المشروع بين منهجيات متعددة منها تحليل الأفلام، مقابلة الخبراء، تحليل الإنتاج وصناعة الأفلام التشركية.
بعد أن تقطعت بهن السبل في سبتة المحتلة مغربيات ينتجن أفلام قصيرة يعرضن فيها معاناتهن مع الحدود

الكاتب : سميرة البوشاوني
بتاريخ : 20/06/2025