عادت ألعاب القوى الوطنية بخفي حنين من بطولة العالم للشبان، التي جرت بالعاصمة البيروفية ليما، خلال الفترة ما بين 27 و31 غشت المنصرم.
لقد مثل المغرب في هذه الدورة 13 رياضيا، منهم ثلاث فتيات، ويتعلق الأمر بعبد الواحد عاشور وحسام بابا (3000 متر موانع)، وعبد الرحمان العسال (800 متر)، ووليد البوصيري (400 متر)، ومريم الزاهيدي (400 متر موانع)، وسيدة البوزيدي (1500 متر)، وأيوب الفخار (1500 متر و800 متر)، وأسامة الرضواني (3000متر)، وأسامة فكراش (400 متر موانع)، وأيوب غزراوي (10 آلاف متر مشي)، وحسناء عبد المعطي (1500 متر)، وجواد خشينا( 3000 متر و1500 متر) وزكرياء الصابيري (400 متر موانع).
وحقق المغرب، منذ مشاركته الأولى في نسخة 1986، ما مجموعه 21 ميدالية، منها ثلاث ذهبيات وثلاث فضيات، و15 برونزية.
وفاز بالميداليات الذهبية في مسابقة 1500 متر كل من عادل الكوش سنة 1998، وياسين بنصغير سنة 2002، وعبد العاطي إيكيدير سنة 2004.
وعلى مدار العقدين الأخيرين لم يعانق المغرب الذهب في بطولة العالم للشباب، حيث أن آخر ميدالية كانت برونزية بواسطة العداء صلاح الدين بن الصديق في دورة كالي سنة 2022، وهي الميدالية الأولى لأم الألعاب على هذا المستوى منذ دورة بولونيا الإيطالية سنة 2006 عن طريق مصطفى اسماعيلي، الذي حاز برونزية 800 م.
وتعيش ألعاب القوى الوطنية حالة تراجع مهول، حيث أن تتويجات وميداليات البطل العالمي والأولمبي سفيان البقالي تخفي غابة مشاكل متعددة ومعقدة، تعكس محدودية الاستراتيجية التقنية، التي تتأسس عليها السياسة المتبعة من طرف الجامعة، التي تفتقد إلى إدارة قوية، تشتغل وفق منظور عملي وموضوعي.
وزكت هذه الحصيلة السلبية في دورة ليما حالة الإخفاق، التي رافقت المشاركة الوطنية في دورة باريس الأولمبية، رغم الذهبية الثانية على التوالي التي ظفر بها سفيان البقالي.
وبالنظر إلى المشاركة المغربية في دورة ليما، يتضح استمرار غياب التخصصات التقنية – باستثناء مسافتي 400 م و400 حواجز – حيث لم نسجل حضور تخصصات القفز الطولي أو الثلاثي، الوثب العالي أو القفز بالزانة، كما غابت تخصصات رمي المطرقة، دفع الجلة، رمي الرمح أو القرص، السباعي، العشاري، أو سباقات التناوب…
إن الإدارة التقنية الوطنية تفتقر إلى برامج تقنية واضحة، لأن الأطر التي تشتغل داخلها تنعدم داخلها الرؤية المستقبلية لاكتشاف الأبطال في هذه التخصصات واستقطابهم.
لقد أصبحت ألعاب القوى الوطنية في حالة أشبه بالموت السريري، لأن عدم صعود «البوديوم» في بطولة عالمية للشبان يعني أن الخلف غير موجود، وأن المستقبل غامض، ما لم تغير الإدارة التقنية بالجامعة سياستها في التعامل مع المواهب، وتستعين بالأطر ذوي الخبرة في هذا المجال، بدل الاشتغال بمنظور العلاقات والارتباطات الشخصية والمصلحية، والحسابات الصغيرة، والتي لم تجن منها ألعاب القوى الوطنية سوى الإحباطات.
وبما أن الكبوات يمكن أن تكون حافزا للنهوض من جديد، فإن إدارة الجامعة وتقنييها مدعوون إلى إعادة حساباتهم، وسياستهم، التي كانت سيئة للغاية، وأن يتم التركيز في المرحلة المقبلة على وضع مخططات جديدة، تعطي الأسبقية للجودة والاجتهاد والتحفيز الإيجابي، وأن تعتمد على منقبين تقنيين بإمكانهم تعزيز المنتخبات الوطنية بمواهب واعدة، وهي السياسة التي مكنت ألعاب القوى الوطنية من أسماء سجلت حضورها المتميز قبل ثلاثة عقود، وبفضلها أصبح المغرب قوة عالمية في رياضة أم الألعاب.
وفي حال استمرار الوضع على حاله، فإن الحصيلة ستكون كارثية في الاستحقاقات المقبلة، وفي مقدمتها بطولة العالم وبطولة إفريقيا 2026 والألعاب الأولمبية 2028.
إن مسؤولية الإخفاق لا تتحملها الجامعة بنظرتها الفقيرة فقط، وإنما تشترك فيها الجمعيات، التي تخلت عن دورها الفاعل كقوة اقتراحية خلال الجموع العامة، والتقدم بمشاريع مستقبلية لتكوين المواهب الواعدة، وانحصر دورها في التصفيق والمباركة وكيل المديح حفاظا على منحة هزيلة.