بعد اعتداء فردي على مسن إسباني في بلدة توري باتشيكو:الجالية المغربية تتعرض لهجوم منظم وعنف غير مسبوق وسط تحريض اليمين المتطرف وتصاعد خطاب الكراهية

تشهد بلدة توري باتشيكو الزراعية الصغيرة في منطقة مورسيا بجنوب شرق إسبانيا، منذ الأربعاء الماضي، موجة من العنف العنصري غير المسبوق ، ضد المغاربة، بعدما تعرض رجل إسباني مسن لاعتداء على يد ثلاثة شبان قيل إنهم من أصول مغربية. الحادث، الذي لم تتضح بعد دوافعه بالكامل، سرعان ما تحول إلى شرارة انفجار غضب جماعي، غذته منصات التواصل الاجتماعي وخطابات اليمين المتطرف، لتعيش المدينة موجة من الاضطرابات والاعتداءات المنظمة على أفراد الجالية المغربية، وسط ودعوات للتهدئة والحذر من التعميم العنصري.
وتعود أسباب هذا الهجوم على المغاربة، بعد تعرض دومينغو توماس مارتينيز، رجل يبلغ من العمر 68 عاما، لاعتداء في الشارع. ووفق روايته، فقد هاجمه شبان من دون سبب ظاهر، ولم يُسرق منه شيء، مما أثار الشكوك حول دوافع الاعتداء. الفيديو الذي يُعتقد أنه وثق الحادث انتشر بسرعة على منصات التواصل، وتحول إلى مادة للتجييش.
وقد فتحت الشرطة الإسبانية تحقيقا حول الحادث ، وتم لاحقا إلقاء القبض على أحد المتورطين، بينما تم اعتقال شابين مغاربيين آخرين بتهمة التستر والمساعدة في إخفاء الفاعل.
ومع انتشار الخبر، استغل حزب «فوكس» اليميني المتطرف الحدث للترويج لخطاب معاد للمهاجرين، وخصوصا المغاربة. وانتشرت دعوات منصات التواصل الاجتماعي لتنظيم «حملات تطهير» و»مطاردات ليلية»، وظهرت مجموعات ملثمة تجوب الأحياء بحثا عن شباب مغاربيين.
وفي مساء الجمعة 11 يوليو، حاولت السلطات المحلية تنظيم وقفة تنديدا بالاعتداء، لكن حضور مجموعات متطرفة أدى إلى اشتباكات، وشهدت المدينة أولى ليالي العنف، التي طالت سيارات ومتاجر تابعة للمغاربة.
ليلة السبت ، كانت الأعنف، إذ شهدت هجوما لجماعات يمينية مدججة بالعصي والهراوات استهدف المغاربة. وتعرض مطعم كباب لهجوم عنيف، كما تعرضت منازل ومحلات لأعمال تخريب.
ورغم انتشار أمني مكثف تجاوز 75 عنصراً من الشرطة المحلية والحرس المدني، لم تستطع السلطات منع المهاجمين الذين تسللوا إلى أحياء بعيدة عن الحواجز الأمنية، مما أعاد إلى الأذهان أحداث «إل إيخيدو» سنة 2000، عندما استُهدفت الجالية المغربية بشكل جماعي.
داخل المدينة، ظهرت شهادات مؤثرة من السكان– من الإسبان والمغاربة – تعبر عن الخوف والحزن، وقالت «نحن لسنا أعداء، نحن جيران منذ عقود»، في الوقت الذي عبر العديد من المغاربة عن خوفهم من الخروج إلى الشارع، وقرروا التزام بيوتهم.
وحذر العديد من المتتبعين، من تنامي خطاب الإقصاء، مؤكدين أن الجيل الثاني من المهاجرين – وهم غالبا شبان ولدوا في إسبانيا – يشعرون اليوم أنهم «غرباء في وطن ولدوا فيه»، ولا ينتمون للمجتمع الإسباني الذي لا يعترف بهم.
من جهته، دعا رئيس إقليم مرسية، فرناندو لوبيز ميراس، إلى الهدوء، مؤكدا أن الجريمة الفردية لا تبرر الاعتداء الجماعي، فيما شدد وزير الداخلية فرناندو غراندي-مارلاسكا على أن خطاب «فوكس» هو المحرض الفعلي على هذه الأحداث، محذرا من مغبة استخدام تعبير «الهجرة الإجرامية» واعتباره تهديدا للسلم المجتمعي.
وقد اعتقلت السلطات ثمانية أشخاص حتى مساء الأحد، من بينهم خمسة إسبان وثلاثة مغاربة. وتراوحت التهم الموجهة إليهم بين الاعتداء، والتخريب، والمشاركة في أعمال عنف، وتضليل العدالة. ولا تزال التحقيقات جارية لتحديد المسؤوليات الفردية، في ظل متابعة قضائية.


الكاتب : n الاتحاد الاشتراكي

  

بتاريخ : 15/07/2025