يطالب عدد من سكان درب مولاي الشريف بعمالة عين السبع الحي المحمدي بضرورة تمكينهم من التعويض عن منازلهم والاستفادة من منازل جديدة تعوض تلك التي تم هدمها دون مراعاة أوضاعهم الإنسانية والهشاشة الاجتماعية التي يعانون منها.
ويؤكد السكان الذين هُدمت منازلهم، أو ينتظرون دورهم في الهدم، أنهم لا يعارضون قرارات إزالة البنايات المهددة بالانهيار، بل يطالبون فقط بأن يتم ذلك وفق مقاربة عادلة تضمن كرامتهم وحقهم في السكن. ويشير بعضهم إلى أن تجارب سابقة في أحياء مختلفة من العاصمة الاقتصادية أفرزت حالات مأساوية، بعدما وجد عدد من الأسر نفسها في الشارع، تحت رحمة التشرد والضياع، بدعوى أن مساكنهم آيلة للسقوط أو عشوائية، دون أن يتم توفير بدائل فورية أو تعويضات منصفة.
وفي هذا السياق، شرعت السلطات المحلية بعمالة عين السبع الحي المحمدي، صباح يوم الاثنين الماضي، في عملية هدم عدد من المنازل الآيلة للسقوط بدرب مولاي الشريف، بعد أن تم إدراجها ضمن لائحة خاصة بالمباني المهددة بالانهيار.
ومن أجل الحيلولة دون إلحاق الأضرار بالبنايات المجاورة تم الاعتماد على الطرق اليدوية بدل الجرافات، خاصة أن درب مولاي الشريف شأنه شأن باقي أحياء الدار البيضاء القديمة يضم بنايات متلاصقة في ما بينها .
وأفادت مصادر محلية بأن عملية الهدم متواصلة منذ أسابيع، في إطار الجهود الرامية إلى إزالة كل المباني التي صدرت في حقها قرارات رسمية بالهدم من طرف جماعة الدار البيضاء. وأضافت المصادر نفسها أن السلطات سرعت وتيرة التدخل خلال الفترة الأخيرة لتفادي أي كوارث محتملة، خاصة أن بعض هذه البنايات توجد بمحاذاة منازل مأهولة بالسكان.
في المقابل، عبر عدد من المتتبعين للشأن المحلي عن قلقهم من الانعكاسات الاجتماعية لهذه العمليات، معتبرين أن التعامل الإداري الصرف مع ملف البنايات الآيلة للسقوط دون رؤية اجتماعية واضحة سيؤدي إلى استفحال أزمة السكن، وإلى إنتاج ظاهرة جديدة من “ضحايا الهدم”.
ويؤكد الفاعلون الجمعويون أن على السلطات المحلية وجماعة الدار البيضاء العمل على توفير بدائل سكنية فورية وتعويضات منصفة، بدل الاكتفاء بتنفيذ قرارات الإفراغ والهدم بشكل منفصل عن المقاربة الإنسانية. فالسكن ليس مجرد جدران تُهدم، بل هو استقرار نفسي واجتماعي واقتصادي، وفقدانه دون ضمانات عادلة يمثل تهديدا مباشرا لكرامة المواطن وأمنه الاجتماعي.
ويطالب السكان الذين تم إفراغهم من منازلهم الآيلة للسقوط منذ سنوات بتمكينهم من الاستفادة من مساكن بديلة، بعد أن كانت السلطات قد وعدتهم باستفادة فورية، غير أن العكس هو الذي حصل. فما زال العديد منهم يعانون من صعوبة توفير سومة كراء المنازل التي انتقلوا إليها مؤقتا. خصوصا أن هذه السومة قد تصل أحيانا إلى 2500 درهم للشهر الواحد مع العلم أن جلهم بعاني الهشاشة والفقر ولا يتوفر على عمل مدر لدخل قار ومنتظم يعينه على المصاريف الجديدة التي أصبح في مواجهتها بعد أن كانوا يكترون منازلهم بدرب مولاي الشريف بسومة تتراوح بين 100 و300 درهم للشهر، ناهيك عن الارتباك الذي طبع حياتهم واستقرارهم الاجتماعي خصوصا ما يتعلق بتمدرس أطفالهم .
وناشد هؤلاء السكان السلطات بالتسريع في تسوية هذا الملف ومعرفة أسباب التعثر الذي يرافقه منذ أكثر من أربع سنوات.
وكانت جماعة الدار البيضاء قد خصصت غلافا ماليا يناهز 23 مليون درهم لعمليات هدم المباني الآيلة للسقوط، التي تشرف عليها شركة الدار البيضاء للإسكان والتجهيز. إلا أن عددا من المواطنين يرون أن المبالغ المرصودة لم تنعكس بعد على أرض الواقع لصالح الساكنة، وأنها تظل غير كافية لمعالجة حجم الظاهرة وتعويض المتضررين.
ويختتم أحد سكان درب مولاي الشريف حديثه بحرقة قائلا:
“ماشي عيب يهدموا البنايات اللي خطر علينا، ولكن العيب الكبير هو يرميو الناس للزنقة بلا ما يعطيوهم حتى أمل. التأخير في الاستفادة ظلم لينا ولولادنا “.
إنه نداء استغاثة يوجهه المتضررون إلى السلطات المعنية للنظر في ملفهم ليس من زاوية عمرانية فقط بل كقضية إنسانية تنتظر حلولا عاجلة لرفع الغبن والحفاظ على كرامة هؤلاء المواطنين.