بعد تسلله بطريقة غير مشروعة : إيقاف جزائري بإقليم خنيفرة بعد دخوله التراب المغربي من معبر الكركرات وتنقله عبر عدة مدن

كشفت مصادر متطابقة عن هوية شخص جزائري (غ. فؤاد) يوجد رهن الاعتقال بالسجن المحلي لخنيفرة، مبرزة أن عناصر الدرك الملكي تمكنت من خلال عملية أمنية غير متوقعة، من إيقاف هذا الشخص داخل أحد الفنادق غير المصنفة، بقرية تيغسالين، إقليم خنيفرة، وذلك في وقت متأخر من ليلة الخميس 20 فبراير 2025، حيث كانت العملية، في بدايتها، مجرد دورية روتينية للتحقق من هويات نزلاء الفندق، إلا أن المفاجأة سرعان ما تحولت إلى لغز أمني عندما اكتشف رجال الدرك أن هذا الشخص تسلل إلى التراب المغربي بطرق غير مشروعة، حيث لم يحمل جواز سفره أي تأشيرة دخول رسمية تؤكد عبوره عبر المعابر الحدودية للمملكة بالطرق القانونية.
المعطيات الأولية التي كشف عنها التحقيق رسمت مسارا غامضا لرجل يبدو أنه عرف طرقات المغرب أكثر من بعض أبنائه، إذ صرح أنه دخل إلى التراب المغربي عبر معبر الكركرات في 4 دجنبر الماضي 2024، مدعيا أن هدفه كان البحث عن فرصة عمل في المجال الفلاحي بمدينة أكادير، غير أن تنقلاته أثارت الكثير من الشكوك، إذ قضى شهرا كاملا يتنقل من مدينة إلى أخرى، بدء من الداخلة إلى العيون، ثم كلميم، ليواصل رحلته نحو الشمال، مارا بوزان ثم تطوان، وفي هذه الأخيرة، التقى بشخص (إدريس) كان يتواصل معه عبر تطبيق «الواتساب»، مدعيا أن هذا الشخص سبق له العمل في الجزائر، وهو ما يفتح الباب أمام فرضيات عدة بشأن طبيعة العلاقة بينهما.
ما يجعل القصة أكثر تعقيدا هو أن المشتبه به، وبعد كل هذه الرحلة الطويلة، اختار التوجه إلى مدينة أزرو، حيث قام بخطوة غير متوقعة عندما توجه بنفسه إلى إحدى الدوائر الأمنية، يوم 17 فبراير 2025، مبلغا عن وضعه غير القانوني على التراب المغربي، وبالرغم من تحرير محضر رسمي بشأنه وتقديمه أمام النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بأزرو في 19 فبراير 2025، إلا أنه تم إخلاء سبيله، وما زاد من الغموض أكثر هو عرضه أمام المحققين استدعاء تحثه على حضور جلسة قضائية بشأن وضعه القانوني يوم 20 مارس الجاري، وكأنه كان يملك سيناريو متكاملا لحركته داخل المملكة، وبصورة متشابكة استوجبت تحقيقا عميقا معه.
لكن هذه المستجدات لم تمر مرور الكرام، إذ قرر وكيل الملك لدى ابتدائية خنيفرة، الأستاذ حاتم حراث، التدخل شخصيا في الملف، حيث أصدر تعليماته بوضع الموقوف تحت تدابير الحراسة النظرية لتعميق البحث معه وإجراء خبرة دقيقة على هاتفه النقال، الذي قد يكشف عن مفاجآت جديدة، ويحتوي على شريحتين لشركتي اتصالات مختلفتين، وذاكرة ب 25 صورة بعضها ملتقطة للمعني بالأمر بإحدى الدول الأوروبية وأخرى بإحدى المحطات الطرقية للمملكة، ثم أخرى لتوصيل استلام حوالة مالية من وكالة مالية، إضافة إلى تفتيش حقيبة ظهره التي كانت بحوزته أثناء توقيفه، وبها ملابس وحذائين وغطاء.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد اعترف الرجل خلال التحقيقات أنه لم يكن ينوي البقاء في المغرب، بل كان يسعى للوصول إلى الضفة الأخرى، إذ توجه بالفعل إلى منطقتي بليونش والقصر الصغير شمال المملكة، حيث كان يطمح إلى التسلل نحو الأراضي الإسبانية، غير أن تشديد المراقبة الأمنية على الشريط الساحلي والتقلبات المناخية القاسية جعلته يتخلى عن فكرته، ليعود أدراجه إلى الداخل المغربي، حيث تنقل مجددا نحو مدينة فاس التي قضى بها عشرة أيام في وضعية تشرد، حسب أقواله، قبل أن يتلقى مكالمة جديدة من الشخص الذي عمل سابقا في الجزائر، والذي نصحه بالقدوم إلى أكادير والمكوث في ضيافته حتى يجد عملاً.
وبعدها فضّل المعني بالأمر المرور عبر أزرو ومنها إلى تيغسالين، وهي منطقة هامشية لا يعرف أحد سبب اختياره لها بالتحديد، وبحسب المعلومات المتوفرة، فالشخص الموقوف وُلد في الجزائر شهر نونبر 1994، ودرس مجال التسيير والمحاسبة قبل أن ينقطع عن الدراسة سنة 2019، لينتقل بعدها بين عدة وظائف، منها محاسب في شركة، ثم عامل غسيل سيارات، وأمام النيابة العامة، أكد جميع تصريحاته السابقة، ليقرر القضاء متابعته بتهمتي الدخول غير الشرعي إلى التراب الوطني والإقامة غير القانونية، وذلك استنادا إلى الفصول 42 و43 من قانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة.
القضية التي حملت الملف الجنحي التلبسي اعتقال رقم 2025/2103/623، أدرجت أمام المحكمة، في جلسة يوم 24 فبراير 2025، حيث تمت متابعة المتهم في حالة اعتقال، ويظل هذا الملف مفتوحا على جميع الاحتمالات، خاصة في ظل وجود أسئلة كثيرة بلا إجابات حول الدوافع الحقيقية لهذا التنقل الغامض بين المدن المغربية، وما إذا كان وراءه مخطط أكبر لم يكشف بعد، سيما أن تحركات الرجل ودخوله من الكركرات، إذا لم يكن قادما إليها من أراضي تندوف، إضافة إلى تنقلاته المشبوهة، لم تكن كأي حالة من حالات المهاجرين العابرين للمغرب من أفارقة جنوب الصحراء.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 05/03/2025