بعد تعرض سفينة تجارية إسرائيلية لقصف صاروخي في خليج عُمان

طبول الحرب تقرع من جديد بين طهران وتل أبيب

 

وجه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، اتهاما مباشرا لإيران بمسؤوليتها عن استهداف السفينة الإسرائيلية في خليج عمان.
جاء ذلك في مقابلة للإذاعة العامة الإسرائيلية «كان»، قال فيها إن «هذه عملية إيرانية، وهذا واضح».
وقال إن «إيران هي عدو إسرائيل الأكبر، ونوجه ضربات لها في المنطقة كلها».
وفي رده على تساؤل حول ما إذا كانوا يعتزمون الرد على الهجوم على السفينة، قال نتنياهو إنه أكد للرئيس الأمريكي جو بايدن، أنه لن يكون هناك سلاح نووي لدى الإيرانيين مع أو بدون اتفاق.
من جهتها نفت إيران على لسان متحدث باسم وزارة خارجيتها في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون، أمس الاثنين، المسؤولية عن الحادث، رافضا بشدة مزاعم الاحتلال.
وقال سعيد خطيب زاده «نرفض بشدة هذا الاتهام .. أمن الخليج الفارسي مهم جدا بالنسبة لإيران».
وكانت سفينة شحن السيارات «أم في هيليوس راي» متوجهة على ما يبدو من الدمام في السعودية إلى سنغافورة، عندما تعرضت لانفجار الخميس في شمال غرب خليج عُمان، وفق مجموعة «درياد غلوبال»، التي تتخذ في لندن مقرا لها، وتعنى بالأمن البحري.
وكانت القناة الـ13 العبرية، قالت إن طاقم محققين إسرائيلي توجه الأحد إلى دبي، للمشاركة في التحقيقات بحادثة استهداف السفينة التجارية الإسرائيلية، مؤكدة أن التقديرات في تل أبيب تشير إلى أن إيران تقف خلف العملية التي وقعت الخميس الماضي.
وذكر المراسل العسكري بالقناة ألون بن دافيد أن التقديرات الإسرائيلية هي أن سلاح البحرية الإيرانية، أطلق صاروخين باتجاه السفينة التجارية الإسرائيلية في خليج عُمان، مشيرا إلى أن هناك نية إسرائيلية للرد على إيران.
وقال خبير عسكري إسرائيلي؛ إن «التقديرات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تتهم الحرس الثوري الإيراني بالمسؤولية عن مهاجمة السفينة الإسرائيلية في عمق الخليج العربي، رغبة منه بالسعي للانتقام من اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي اغتيل قبل أكثر من عام في العراق، ويحذر عدد من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين من هجمات إيرانية في البحر الأحمر والخليج العربي».
وأضاف أمير بوخبوط في تقريره على موقع «ويللا» أن «إسرائيل لا تستطيع كبح جماح مثل هذه الحوادث؛ لأننا أمام عمليات خطيرة للغاية، وفي ضوء مرور يومين على انفجار السفينة المملوكة لإسرائيل في خليج عمان، فإن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تحاول توضيح صورة العامل الفعال للهجوم، والدوافع، وتداعياته على المستقبل».
ونقل عن «مصادر عسكرية إسرائيلية أن منفذي الهجوم هم عناصر الوحدات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، الذين سعوا للانتقام لاغتيال المسؤولين الإيرانيين قاسم سليماني ومحسن فخري زاده، وأن إيران تخطط لمزيد من الهجمات، حيث تلقت المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية مؤخرا أنباء عن تصاعد التوترات في الوحدات الأمنية داخل طهران بعد اغتيال مسؤولين كبار، ومن ثم حصلت محاولات لتنفيذ هجمات، عطل الموساد الإسرائيلي بعضها».
وأشار إلى أن «الموساد الإسرائيلي لم يتفاجأ بالهجوم على سفينة «هيليوس راي» المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي رامي أونغر، موضحا أن الجهة التي اصطدمت بالسفينة المملوكة للإسرائيليين لم تقصد إغراقها، بل أراد الإشارة إلى إسرائيل حول نواياها المستقبلية، مما يعني أننا أمام عمل متخصصين».
وأضاف أن «التقديرات العسكرية الإسرائيلية ترى أن قائد فيلق القدس إسماعيل قآني ينظر بقلق شديد للانتقام، ويتابع الغضب المتراكم في مختلف وحدات الحرس الثوري التي يسيطر عليها، بالتزامن مع ما تخوضه القيادة الإيرانية من مفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي، كما زعمت إيران مؤخرا أن إسرائيل كانت تخرب سفنها في المنطقة، لكن الأخيرة لم تتعامل مع هذه المزاعم حتى الآن».
وأكد أن «المصادر الإسرائيلية تحذر من هجمات إيرانية في البحر الأحمر والخليج العربي ضد سفن إسرائيلية بهدف الإضرار بالمصالح الإسرائيلية، مما يعني أن ما نشهده في هذه الأيام ليس نهاية القصة، وفي الوقت ذاته لا يمكن لإسرائيل كبح جماح الحادث، لأنها عملية خطيرة للغاية، مما يعني زيادة التوترات مع الإيرانيين، مع أن مهاجمة السفينة الإسرائيلية مجرد إشارة، وليس محاولة لتنفيذ هجوم مميت».
وشرح قائلا؛ إن «السبب في الاستهداف الرمزي للسفينة بسيط للغاية؛ لأنهم إذا قاموا بضربها من الخلف، أو في منطقة المحرك، أو في نظام التوجيه، فإنهم سيغرقون السفينة، وفي هذه الحالة من الممكن أن تحدث كارثة، لذلك اختاروا ضرب الجبهة الجانبية فوق خط المياه، لكن طريقة الهجوم والضرر الذي أحدثه أثار تساؤلات حول تأمين السفن في المنطقة».
وختم بالقول؛ إنه «لا تزال هناك علامات استفهام حول السفينة، حيث يقال إن هناك فتحتين على كلا جانبيها بالحجم نفسه، وهو أمر غريب، أما إذا كان هناك إطلاق نار من الخارج، فيجب أن تكون فتحة المدخل صغيرة، وفي هذه الحالة تترتب عليها عواقب وخيمة».
من جهة أخرى، قال جنرال إسرائيلي، إن التحركات الإيرانية في المنطقة أصبحت مصدر قلق للغاية لصانع القرار الإسرائيلي الذي فشل في التعامل معها.
وأضاف حسون حسون، أحد الضباط الكبار في شعبة استخبارات الجيش الإسرائيلي لمدة أربعة عقود، في حوار مع صحيفة معاريف، أن «الاستراتيجية الإيرانية لم تتغير، بالعكس، إنهم يتقدمون، وعزمهم موجود، ولا يتراجع شبرا واحدا».
وأكد حسون، السكرتير العسكري الأسبق للرئيسين شمعون بيريس ورؤوفين ريفلين، ويعتبر من أمهر خبراء الشرق الأوسط، أن «هذا ما يقلقني، فالوضع عكس ذلك، الإيرانيون لديهم صبر، إنهم أذكياء وذوو خبرة، ورغم خسارتهم لعلماء نوويين وقاسم سليماني والجنرالات، والأرشيف النووي، لكنهم لا يتوقفون ولا يتراجعون، إنهم يرون الهدف الأعلى فقط، حتى عندما يضربون في المنطقة، فهم لا يتوقفون».
وأشار إلى أن إيران أصبحت أكثر رسوخا بالمنطقة اليوم أكثر من أي وقت مضى، ويشكلون تهديدا للاحتلال الإسرائيلي في القطاع الجنوبي لسوريا، وهي منطقة قد تكون ورقة مساومة لـ»إسرائيل» في الملف النووي.
وأوضح أن «الإيرانيين يذهبون من أجل تحقيق هدفهم بكل قوتهم، ويحددون مراكز القوة، ويستثمرون الكثير من الموارد، ويقيمون معاقل في الميدان، في المقابل فإن إسرائيل تركز على برنامج إيران النووي، رغم أن هناك تحديات أخرى لا تقل أهمية، مثل المنظومة الصاروخية التي لا نستطيع منعها أو تصغيرها، وإتمام ربطة الخنق وحلقة الحصار حولنا».
وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي فشل بوقف الانتشار الإيراني قرب حدود فلسطين المحتلة، ولا يتعامل معها بشكل جيد.
وأوضح أنه «منذ قيام إسرائيل، فإن لدينا مواجهات مع دول وجيوش ومنظمات مختلفة، لكنهم الآن باتوا قوة واحدة، تحيط بنا من كل مكان، فكر معي في سيناريو يفتح أبواب جهنم من كل الجهات على إسرائيل، حيث القاذفات المبعثرة بين البصرة وبيروت ودرعا وعدن وغزة وبنت جبيل».

على صعيد آخر، كانت صحيفة إسرائيلية، قد سلطت الضوء على المخاوف التي تكتنف أوساط المسؤولين في تل أبيب، في ما يتعلق بالملف الإيراني، على خلفية التحركات الدبلوماسية الأخيرة التي تجريها إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن.
وقالت صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية إن «النهج التصالحي الذي تتبعه إدارة بايدن تجاه إيران، يزيد من فرص نشوب حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران»، مشيرة إلى أن «هذا هو أحد التقييمات التي جرى تقديمها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء الماضي، في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني».
ولفتت الصحيفة إلى أنه «من بين المشاركين في المناقشة، رأى أقلية أنه في ظل الظروف الحالية، فإن العودة إلى الاتفاق النووي، أفضل من استمرار الوضع الذي ساد منذ انسحاب ترامب من الاتفاق»، مبينة أن هؤلاء يعتقدون أن الاتفاق وحده هو الذي سيعيد طهران إلى مسار يمنعها من تطوير قنبلة نووية.
واستدركت الصحيفة بأنه «مع ذلك، فقد كان الرأي السائد هو أن الاتفاقية كانت سيئة للغاية، لدرجة أنه لا بد من القيام بكل شيء لمنع الولايات المتحدة من العودة إليها»، مضيفة أن المسؤولين الإسرائيليين يخشون أن تترك تل أبيب وحدها في مواجهة التحدي الإيراني، بعد العودة الحتمية للولايات المتحدة إلى الاتفاق مع إيران.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن النقاشات خلصت إلى أن «الأسلحة النووية الإيرانية تشكل تهديدا وجوديا، لا يمكن لتل أبيب التعامل معه».
من جانبه، رأى الرئيس السابق لقسم الأبحاث في جيش الاحتلال الإسرائيلي العميد يوسي كوبرفاسر، في مقال نشرته صحيفة «معاريف» أنه «يجب على تل أبيب التحرك بسرعة وبالتنسيق مع أصدقائها العرب، لتوضيح المخاطر الأمنية لواشنطن في ظل السياسة التي ينتهجها بايدن».
وأكد كوبرفاسر أن الإدارة الجديدة في واشنطن يبدو أنها متمسكة بالعودة إلى الاتفاق النووي «الخطير»، معتبرا أن الخيار الإسرائيلي إزاء ذلك، يتمثل في سرعة التنسيق مع الحلفاء، لتوضيح المخاطر للأمريكيين على أمن بلادهم.
ودعا الجنرال الإسرائيلي إلى إيجاد طريقة لإلزام إيران بقبول اتفاقية تمنعها من القدرة على امتلاك أسلحة نووية، منوها إلى أن الحركة الأمنية نشرت مؤخرا للإدارة الجديدة توصيات بشأن الملف النووي، وربما حان الوقت لاقتراح أن يراجع صناع القرار الإسرائيليون الوثيقة أيضا، أو على الأقل صياغة سياسة منظمة وصارمة في ضوء التطورات.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 03/03/2021